في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي الغاشم ضد سكان قطاع غزة، يؤدي الصحفيون الفلسطينيون مهمتهم بفدائية كبيرة تجابه الصعاب وتتغلب على العراقيل لتوصيل الحقيقة إلى العالم خارج القطاع، وتفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي الذي دأب منذ السابع من أكتوبر الماضي على استهداف الصحفيين وارتكاب أكبر مجزرة في التاريخ بحقهم، بحسب الدكتور عاهد فروانة أمين سر نقابة الصحفيين الفلسطينيين، في حواره مع "البوابة نيوز" تحدث “فروانة” عن المشهد داخل دولة الاحتلال، وفرص الحكومة البديلة في الإطاحة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى جانب التوقعات بشأن الوضع حال رحيله عن السلطة، وإلى نص الحوار.
■ ما فرص الحكومة البديلة التى تسعى المعارضة الإسرائيلية لتشكيلها فى الإطاحة بنتنياهو؟
هناك تحركات من جانب المعارضة داخل دولة الاحتلال الإسرائيلى يقودها حاليا بينى جانتس الذى كان يترأس حكومة الطوارئ التى شكلت بعد السابع من أكتوبر الماضي، حيث رأى أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لا يتجاوب مع أى مبادرات بشأن التهدئة والإفراج عن الأسرى والمحتجزين فى قطاع غزة، ورأى أنه يريد استمرار الحرب دون أى أفق سياسى أو عملياتي، وبالتالى هناك تحذير من جانب جانتس بأنه سينسحب من حكومة الطوارئ.
إلى جانب ذلك فإن اليمين داخل حكومة الاحتلال يتحرك أيضا بدافع العداء الشخصى بين نتنياهو، وكل من أفيجدور ليبرمان رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، وجدعون ساعر رئيس حزب "أمل جديد"، ونفتالى بينيت رئيس الوزراء السابق، وهناك محاولات مع يائير لابيد لتشكيل تكتل لمرحلة ما بعد نتنياهو.
وهذه التحركات لا تؤثر على حكومة الاحتلال لاعتمادها على اليمين المتطرف بزعامة وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريش، ووزير الأمن الداخلى المتطرف إيتمار بن غفير لامتلاكهما ٦٤ مقعدا فى الكنيست تمكنهما من البقاء فى الحكم، ولكن انسحاب بينى جانتس وضغوط اليمين تنزع الشرعية السياسية والعسكرية لحكومة الاحتلال إلا أن نتنياهو سيظل متشبثا بالحكم ويحاول أن تمتد الحرب لأطوال فترة ممكنة.
■ على فرض أن نتنياهو رحل عن السلطة.. هل سيتوقف العدوان على غزة ومن تتوقع أن يكون البديل؟
أصبحت الحرب مرتبطة بشكل كبير بوجود نتنياهو لذلك يعمل على استمرارها لأطول فترة ممكنة، وتتردد الأنباء برغبة رئيس حكومة الاحتلال فى مد أمد الحرب إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، أملا فى عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وهو داعم كبير لتل أبيب وصديق وحليف لنتنياهو قدم له دعما كبيرا فى ولايته الأولى، لذا فإن نهاية حكم "بى بي" يشكل بداية النهاية للعدوان على غزة، ولكن من يأتى بعده سيكون تحت ضغط من الشارع الإسرائيلى خاصة فى حال عدم الإفراج عن الأسرى فى غزة.
■ ماذا تتوقع إذا انتهت عملية رفح بدون وصول جيش الاحتلال إلى الرهائن؟
نتنياهو وجيش الاحتلال الإسرائيلى يستخدمون الرهائن ذريعة لتدمير غزة، وهذه الحكومة لا تلقى بالا للإفراج عن أسراها لتستمر فى الحرب وتنفذ أجندة اليمين والتى تريد أن ترى كل فلسطينى إما مقتولا أو مهجرا خارج فلسطين أو القبول بأن يكون مواطن درجة ثالثة بلا أى حقوق سياسية أو قانونية، وهذا ما يسمى خطة حسم الصراع، حيث يعملون على استغلال الظروف الدولية لتنفيذ الإبادة ضد الشعب الفلسطيني.
ويمكن أن ينتهى جيش الاحتلال من عدوانه على رفح، ويتجه إلى مناطق أخرى يكرر فيها عملياته العسكرية كما حدث مؤخرا فى مخيم جباليا.
■ هل يؤثر ضغط عائلات الرهائن الإسرائيليين على حكومة نتنياهو؟
هناك ضغط من عائلات الأسرى والمحتجزين فى غزة، ولكن الرأى العام الإسرائيلى مجند خلف الحرب، والخلاف بينهم هو أن نتنياهو يرغب فى استمرار الحرب والضغط العسكرى على الفصائل الفلسطينية، بينما طرف آخر يقول إنه يجب إبرام صفقة للإفراج عن الأسرى، ثم تستأنف الحرب، والأكيد أن تحركات أهالى الأسرى الإسرائيليين غير مؤثرة على حكومة نتنياهو.
■ هل موافقة نتنياهو على صفقة الرهائن اعتراف بالهزيمة أمام حماس؟
لا يريد نتنياهو أن يشكل ملف الأسرى ضغطا عليه فى استمرار العدوان على غزة، حتى أن تساحى هنجبي رئيس مجلس الأمن القومى الإسرائيلى والمقرب من رئيس الوزراء طالب أهالى الأسرى بعدم الضغط على الحكومة حتى لا تكون ورقة بيد الفصائل الفلسطينية، وبالتالى فإن نتنياهو لا يريد أن تكون هناك صفقة وإنما يفرج عن الرهائن بأقل ثمن، لذا نرى أن العديد منهم قتل لأنه لا يلقى بالا لهم.
■ منذ بدء العدوان يطلب الاحتلال من سكان غزة النزوح إلى منطقة المواصي.. لماذا؟
المواصى منطقة صغيرة ويرغب الاحتلال فى تكديس سكان غزة فيها، ولا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة، ليصعب الوضع على سكان القطاع ويصبح ذلك مقدمة للتهجير الطوعي، حيث رغب الاحتلال منذ بداية الحرب فى بدء عملية تهجير قسرى بعدما أجبر سكان الشمال على النزوح جنوبا إلى رفح وكانوا أكثر من مليون شخص وسعى الاحتلال أن يقتحموا الحدود المصرية ليتخلص من هذا العبء السكانى الكبير فى غزة.
وأجهض موقف مصر المخطط الإسرائيلي، وأجبر الاحتلال على الانتقال إلى حيلة أخرى وهى تدمير كافة مناحى الحياة فى قطاع غزة، وجعله مكانا غير صالح للحياة وبالتالى يدفع السكان للهجرة الطوعية نظرا لانعدام كافة الخدمات الأساسية.
■ كيف يؤدى الصحفى عمله وسط هذا القصف المتواصل والعدوان الغاشم؟
الصحفى الفلسطينى يعيش نفس معاناة الشعب، ويؤدى رسالته الإعلامية فى أصعب الظروف وهى مهمة فدائية، فى ظل ارتكاب جيش الاحتلال مجزرة بحق الصحفيين حيث اغتال أكثر من ١٤٠ صحفيا منذ السابع من أكتوبر الماضي، وهى المجزرة الأكبر فى التاريخ التى يتعرض لها الصحفيون خلال هذه الفترة القصيرة، إلى جانب تدمير المؤسسات الإعلامية بشكل كامل واعتقال وإصابة عشرات الصحفيين بالإضافة إلى صعوبة الحصول على خدمات الكهرباء والإنترنت أو التنقل من منطقة لأخرى.
والعديد من الصحفيين الفلسطينيين اضطر للعمل من داخل المستشفيات التى لم تسلم أيضا من بطش الاحتلال، حيث دمر مجمع الشفاء الطبى ومستشفى ناصر حيث لجأ إليهما الصحفيون والنازحون أيضا ولكن الاحتلال دمرهما.