عرضت الإعلامية داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير جريدة "البوابة"، ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي ، تقريرا بعنوان “دور مواقع التواصل الاجتماعي في صناعة التطرف”.
وقالت “عبدالرحيم”، خلال تقديمها برنامج “الضفة الأخرى”، المذاع عبر فضائية “القاهرة الإخبارية”، إن انتشار الهواتف الذكية وما تحتويه من تطبيقات مشفرة سهل للأشخاص التواجد والتفاعل المباشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأسهمت بشكل كبير في صناعة التطرف الإلكتروني، كما أن الاهتمام البالغ الذي تحظى به تلك المواقع من قبل روادها أصبح من أخطر التهديدات الفكرية والأمنية التي تعاني منها جميع البلدان؛ بسبب هوس وشغف الشباب بكل ما هو جديد، وسرعة تأثرهم بالأحداث المختلفة، علاوة عل ضعف خبراتهم الحياتية والثقافية، ما يجعل لتلك المواقع تأثيرا شديدا على أمن المجتمعات واستقرارها؛ حيث يتم من خلالها استقطاب العديد من الشباب لتنفيذ هجمات إرهابية ضد بلدانهم ومجتمعاتهم .
وأوضحت أن مما يسهم أيضا بشكل كبير في جعل الشباب فريسة سهلة لهذه التنظيمات وعملياتها التضليلية عبر تلك المواقع، من خلال ترويج وتناقل الأفكار الخاطئة والمفاهيم المغلوطة بين مستخدمي تلك المواقع، كما يمكن استخدامها كأداة فاعلة لتداول وترويج إشاعات وأخبار كاذبة وفقا لأيديولوجيات معينة؛ لتحقيق مآرب بعينها، وتغذية فكر موجه، وتمزيق النسيج المجتمعي. فوسائل التواصل الاجتماعي، هي وسيلة رخيصة وسهلة وفعالة، ومن خلالها، ينشر أعضاء التنظيمات الإرهابية أفكارهم الأيديولوجية ودعاياتهم وأنشطتهم المختلفة.
وأشارت أن التهديد الأيديولوجي للتطرف العنيف أصبح مشكلة عالمية لها تداعيات عابرة للحدود؛ فعبر وسائل التواصل الاجتماعي تقوم الجماعات المتطرفة بحملات اتصال مستمرة، تستهدف الضعفاء والمتعاطفين معهم، لحثهم ودفعهم على التطرف وممارسة العنف باسم الأيديولوجيات المتطرفة، ومع هذا التواصل اللامحدود، أصبحت تداعيات حملات الدعاية المتطرفة العنيفة أكثر تعقيدًا وانتشارًا وفتكًا، مؤكدة أنه لم تقف الجماعات الإرهابية عند هذا الدور لكنها بدأت في استخدام الذكاء الاصطناعي في استراتيجياتها للتطرف والتجنيد عبر الإنترنت؛ ففي إندونيسيا ابتكر "محمد بهرون نعيم" الملقب بــ "أبي محمد الإندونيسي" تطبيق أو برنامج "روبوت" عبر الإنترنت يكمل المهام بشكل مستقل، من خلال التفاعل مع الأنظمة والمستخدمين، للتواصل مع المجندين المحتملين؛ حيث يستقبل الروبوت المستخدمين برسالة آلية باللغة الإندونيسية، ثم يشارك رسائل الدعاية ومقاطع الفيديو، بالإضافة إلى أدلة تصنيع المتفجرات محلية الصنع، كما استخدمت حركة الشباب المجاهدين، روبوتًا على التليجرام؛ حيث يرسل الروبوت للمستخدمين رابطًا لأحدث قناة، مما يسمح للحركة بالبقاء على اتصال دائم مع متابعيها.
وتابعت: ومثال آخر على استخدام وسائل الاتصال الحديثة نجد أن الانتحاريين الذين نفذوا هجوم 13 نوفمبر 2015 على "قاعة الباتاكلان" بالعاصمة الفرنسية "باريس"، والتي راح ضحيتها نحو 90 قتيلا، نجد أنه قد تم خلاله استخدام الهواتف الذكية للتواصل فيما بينهم، كما تم تبادل المعلومات ومطالعة الخرائط والرسائل المشفرة، فقبيل لحظات من تنفيذ الانتحاريين لهذا الهجوم أرسلوا رسالة نصية صغيرة إلى "بلجيكا" محتواها: "لقد ذهبنا، وسنبدأ الآن" من هاتف ذكي وجد في سلة مهملات قريبة من مسرح الجريمة.