يرجع تاريخ أهمية كسوة الكعبة المشرفة في الإسلام والاهتمام بحفظ وتزيين بيت الله الحرام، التى أنها شعيرة إسلامية، وسنة وذلك اتباعا لما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام من بعده، فقد ورد أنه بعد فتح مكة في العام التاسع الهجري كسا الرسول صل الله عليه وسلم في حجة الوداع الكعبة بالثياب اليمانية وكانت نفقاتها من بيت مال المسلمين.
فعند فتح مكة، أبقى النبي كسوة الكعبة القديمة التي كسيت بها قبل الفتح ولم يستبدلها، حتى احترقت الكسوة على يد امرأة تريد تبخيرها فكساها النبي محمد بالثياب اليمانية، ثم عقب ذلك كساها الخلفاء الراشدون من بعد، ثم كساها عثمان بن عفان بكسوتين ، لأن ذلك من تعظيم بيت الله الحرام، حيث ورد في القرآن: «ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ، وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ، فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ»، وكانت الكعبة معظمة في شرائع الأنبياء السابقين، وجاء الإسلام والكعبة تكسى، واستمر الأمر على ذلك إلى يوم الناس هذا.
رفع كساء الكعبة المبطن
و يعد رفع كساء الكعبة المبطن بالقماش الأبيض في موسم الحج، لحمايتها من قطعها بآلات حادة.
بداية الكسوة
وفي عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقبل الإسلام، كانت الكعبة تُغطى بالأقمشة والستائر الملونة، و عقب فتح مكة عام 630 ميلادي، ثم أزال النبي محمد صل الله عليه وسلم الأصنام والتماثيل من الكعبة وطهرها، وتم استبدال الستائر القديمة بستار أبيض بسيط.
تطور كسوة الكعبة "المحمل الشريف "
أما في العصور الإسلامية المبكرة تطورت كسوة الكعبة لتشمل الأقمشة المزخرفة والتطريزات، واستخدام الحرير والذهب والفضة في صنع الكسوة، وكانت تغير بانتظام، و تم تطوير كسوة الكعبة خلال فترة حكم الدولة العثمانية جتطوير كسوة الكعبة بشكل كبير وتميزت بالتطريزات الفاخرة والألوان الزاهية.
خروج الكسوة الي مكة
كانت كسوة الكعبة تخرج في موكب رهيب من حي الخرنفش إلى مكة، أطلق عليه اسم «المحمل»، حيث تقدمته الجمال المحملة بهودج خشبي مكعب الشكل، و اعلاه قمة هرمية وبداخله كسوة الكعبة المشرفة، وكان المحمل يطوف القاهرة ما يقرب من ثلاثة أيام في أجواء احتفالية.
وكان يصاحب طوافه تزيين المحلات التجارية والرقص بالخيول، بحضور الحكام الفاطميون، والذين إهتموا بإرسال كسوة الكعبة كل عام من مصر، وكانت الكسوة بيضاء اللون.
وفى عهد الدولة المملوكية، في عهد السلطان الظاهر بيبرس، أصبحت الكسوة ترسل من مصر، وكان المماليك يرون أن هذا شرف لا يجب أن ينازعهم فيه أحد، ولو وصل الأمر إلى القتال، وكانت هناك محاولات لنيل شرف كسوة الكعبة، من قبل الفرس والعراق، لكن سلاطين المماليك لم يسمحوا لأى أحد أن ينازعهم فيه.الملوك والسلاطين.
اهتمام الفاطمين بكسوة الكعبة
اهتم الحكام الفاطميون، بإرسال كسوة الكعبة كل عام من مصر، وكانت الكسوة بيضاء اللون، وفى عهد الدولة المملوكية.
ارسال الكسوة من مصر.
وفي عهد السلطان الظاهر بيبرس، أصبحت الكسوة ترسل من مصر، وكان المماليك يصرون علي كسوة يجب أن ينازعهم فيه أحد، ولو وصل الأمر إلى القتال، وكانت هناك محاولات لنيل شرف كسوة الكعبة، من قبل الفرس والعراقوكب كسوة الكعبة.
موكب الكسوة
كان موكب كسوة الكعبة عبارة عن جمل يحمل الكسوة وخلفه جمال تحمل المياه وأمتعة الحجاج، ويسير خلفه جند يحرسون الموكب وصولا إلي الحجاز، ومن ورائهم رجال الطرق الصوفية، يدقون الطبل ويرفعون الرايات.
وعقب عد الحج يعود المحمل حاملا الكسوة القديمة للكعبة، بعد استبدالها بالكسوة الجديدة، وتقطع قطعا وتوزع على النبلاء والأمراء.
تعد السلطانة شجر الدر، سلطانة مصر، أول من أرسلت كسوة الكعبة من مصر، عندما ذهبت الي آداؤ فريضة الحج فصنع لها هودج مربع عليه قبة جلست فيها ومعها الكسوة، وخلفها سارت قافلة الحجاج ومنها أطلق عليها مسمى المحمل.
وخرج المحمل بالحجاج بالمصريين، وصحبه الحجاج من بلاد المغرب الإسلامى، وفيهم حجاج فيه الأندلس وبلاد إفريقيا أو القادمين عن طريق البحر من البلاد العثمانية، وكان يأتى أمراء وملوك تلك البلاد قاصدين الحج، وكانوا يجتمعون في القاهرة ليتوقفوا بتلك المحطة المهمة، وكان سلاطين مصر المملوكيه يلقبون بخدام الحرمين الشريفين.
وقف ارسال الكسوة من مصر
وفى عهد محمد على باشا، توقفت مصر عن إرسال الكسوة، عقب صدام بين الوهابيين في الأراضى الحجازية، وقافلة الحج المصرية عام 1222هجريا ـ، الموافق عام 1807ميلادي، وأعادت مصر إرسال الكسوة في العام 1228هـ. وخلال العام 1233 هجريا، في عهد الدولة العثمانية، أنشئت دار لصناعة كسوة الكعبة، بحي الخرنفش بالقاهرة، وهو حي عريق، يقع عند التقاء شارع بين السورين وميدان باب الشعرية، ومازالت بقايا الدار قائمة حتى الآن.
وظلت الكسوة تصنع في مصر حتى عام 1381 هجري، 1962 ميلاديًا، إلى إن توقف خروج كسوة الكعبة من مصر لأسباب سياسية آنذاك، حيث تحولت دار الكسوة في مصر، التي احتضنت صناعة الكسوة مايقربر 150 سنة إلى مخزن لبواقى وزارة الأوقاف المصري.
تولت المملكة العربية السعودية شرف صناعة كسوة الكعبة، وأمر الملك عبدالعزيز آل سعود، بإنشاء دار خاصة لصناعة الكسوة في حارة أجياد على مساحة 1500 متر مربع.