رأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي أعلن خلالها أن خطط الحرب الإسرائيلية لن تتغير رغم مساعي الرئيس الأمريكي جو بايدن للتوصل إلى هدنة، لا تستهدف الرد على خطة بايدن بقدر ما تستهدف الداخل الإسرائيلي.
وقالت الصحيفة: إن توقيت هذه التصريحات يبدد آمال الرئيس بايدن بالتوصل لنهاية سريعة للحرب، لكن بعض المحللين قالوا إن رئيس الوزراء كان يستهدف المؤيدين المحليين وليس البيت الأبيض.
وأضافت: أنه بعد يوم من دعوة الرئيس بايدن لإسرائيل وحماس للتوصل إلى هدنة وإعلانه أن الوقت قد حان لإنهاء هذه الحرب، أكد نتنياهو أمس /السبت/ أن إسرائيل لن توافق على وقف دائم لإطلاق النار في غزة طالما لاتزال حماس تحتفظ بالحكم والقوة العسكرية.
وفي بيانه.. لم يؤيد نتنياهو أو يرفض صراحة خطة وقف إطلاق النار المقترحة التي طرحها بايدن في خطاب مفصل بشكل غير عادي أمس الأول /الجمعة/، وأكد مسؤولان إسرائيليان أن اقتراح بايدن يتطابق مع اقتراح وقف إطلاق النار الإسرائيلي الذي حصل على الضوء الأخضر من جانب حكومة الحرب الإسرائيلية.
لكن توقيت تصريحات نتنياهو، التي جاءت أول شيء في صباح اليوم التالي، بدا وكأنه يكبح آمال بايدن في التوصل إلى حل سريع للحرب التي أودت بحياة أكثر من 36 ألف فلسطيني، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
وقال مكتب نتنياهو، في البيان الذي صدر صباح أمس،: "إن شروط إسرائيل لإنهاء الحرب لم تتغير وهي: تدمير قدرات حماس العسكرية وقدراتها على الحكم، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وضمان ألا تشكل غزة تهديدا لإسرائيل بعد الآن".
وأعرب مسؤولو إدارة بايدن وبعض المحللين الإسرائيليين عن اعتقادهم بأن إسرائيل لاتزال تدعم الاقتراح الذي تحدث عنه بايدن أمس الأول /الجمعة/وأن بيان نتنياهو أمس كان أكثر استهدافا لجمهوره المحلي ويهدف إلى التعامل مع أعضاء حكومته اليمينيين المتطرفين، بدلًا من الرد على البيت الأبيض، ويتطلع بايدن إلى انتهاء الحرب، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية بعد خمسة أشهر فقط.
لكن المخاوف السياسية الداخلية لنتنياهو قد تكون ذات أهمية قصوى، فقد هدد الليلة الماضية، اثنان من شركاء نتنياهو اليمينيين المتطرفين في الائتلاف وهما بتسلئيل سموتريش وإيتامار بن غفير بالاستقالة من حكومته إذا مضى قدما في الاقتراح فيما وصف بن غفير شروط الاتفاق بأنها "هزيمة كاملة" و"انتصار للإرهاب"، وإذا ترك كلا الحزبين ائتلافه، فقد يمثل ذلك نهاية حكومة نتنياهو، حسبما ذكرت الصحيفة.
ومن جهتها.. رحبت حماس على الفور بخطاب بايدن أمس الأول /الجمعة/..مبدية استعدادها للتعامل "بشكل إيجابي وبناء" مع أي اتفاق يلبي قائمة مطالبها بما في ذلك الانسحاب الإسرائيلي الكامل، ووقف دائم لإطلاق النار، وإعادة إعمار غزة، ووقف إطلاق النار وعودة النازحين الفلسطينيين إلى منازلهم و"تبادل جدي للأسرى".
وأشارت الصحيفة إلى أن خطة بايدن لم تحدد من سيحكم قطاع غزة بعد الحرب.. معتبرة أنه ما لم يتم التوصل إلى ترتيبات أخرى، فإن ذلك قد يترك حركة حماس هي المسؤولة بحكم الأمر الواقع عن المنطقة وهو الأمر الذي من المرجح أن تعتبره الحركة المسلحة نصرا استراتيجيا كبيرا بعد ما يقرب من ثمانية شهور من الهجوم العسكري الإسرائيلي.
ومنذ الهجوم المدمر الذي نفذته الجماعة المسلحة في 7 أكتوبر الماضي والذي قالت السلطات الإسرائيلية إنه خلف 1200 قتيل في إسرائيل واحتجاز 250 آخرين كرهائن، تعهد القادة الإسرائيليون بإسقاط حكم حماس في غزة..مؤكدين أنهم سيحتفظون ب "السيطرة الأمنية" في غزة بعد الحرب مما يجعل الانسحاب الكامل أكثر صعوبة.
ووعد نتنياهو مرارًا وتكرارًا الجمهور الإسرائيلي بتحقيق "النصر المطلق" على حماس، مجادلا في إبريل بأن تحقيق مثل هذه النتيجة على بعد "خطوة واحدة فقط".
وعلى الرغم من ذلك، خاض مقاتلو حماس حربا عنيدة ضد القوات الإسرائيلية في غزة، وقد أحبط كبار قادة حماس هناك الجهود الإسرائيلية للقبض عليهم أو اغتيالهم.
ووصف محللون في إسرائيل خطاب بايدن بأنه يهدف إلى تجاوز نتنياهو، لتوجيه نداء مباشر إلى الجمهور الإسرائيلي، الذي يدعم المجهود الحربي على نطاق واسع، وفقًا للاستطلاعات.
وقالوا إنه على الرغم من أن المسؤولين الإسرائيليين طرحوا مقترحات تتضمن التزامات بوقف متواصل لإطلاق النار، إلا أن نتنياهو يواجه مجموعة من الضغوط المتعارضة في الداخل التي قد تدفع حكومته إلى التراجع.
وقال عوزي أراد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق في عهد نتنياهو "إن بايدن يتحدى إسرائيل قائلا، أتوقع منكم أن تسمحوا لهذا الترتيب بالمضي قدما.. وليس احباطه.. لا تسحبوا البساط من تحته لأسباب سياسية".
وقد حشدت عائلات المحتجزين في غزة الدعم الشعبي لدعوتها للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وسط مخاوف متزايدة بشأن مصير ذويهم، مع حضور حشود كبيرة المظاهرات في تل أبيب، حيث قالت السلطات الإسرائيلية إن نحو 125 من بين نحو 250 رهينة ما زالوا في غزة، ويفترض أن أكثر من 30 منهم ماتوا.