تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
منكوبة يا مصر بمراحلك الثلاث .. التوريث الذي قصم ظهر مبارك، والتمكين الذي هدم أحلام الاخوانجية، والمسلماني الذي يمثل بقعة السواد في دولة ما بعد 30 يونية.
ويبدو أنه لا أحد يتعلم الدرس أبداً ، ويحاول متخذ القرار أن يغوص في الوحل دائماً حتى يرتفع إلى ما فوق عنقه ويغوص فيه وينتهي وتنتهي دولته التي حاولت خداعنا يوماً بعد يوم.
لم يسكت الشعب المصري على حلم مبارك وسوزان، بتوريث ابنهما "جمال" حكم مصر، فسارت المسيرات وخرجت المظاهرات تهتف من أعماقها "ارحل .. كفاية" وكان للناس ما أرادت، طار مبارك، وحلم التوريث الغبي سكن مع ابنه سجون طرة، وما كادت تمر شهور قليلة حتى جاء مرسي وإخوانه، وسرعان ما رفعوا في وجوهنا لافتة "التمكين" تلك اللافتة التي اختصرت مصر في أهله وعشيرته ونسيت حدود الوطن لتتحول مصر إلى مجرد إمارة تدور في فلك أوهامهم، ولكن وهم التمكين لم يستمر طويلاً، مجرد عام واحد فقط، وخرج إلى الشارع أكبر طوفان بشري شهده التاريخ، في 30 يونيو، قال الشعب كلمته الواضحة والحاسمة فانهار التمكين، وأنصاره وسكنوا مختلف سجون مصر.
ومن يومها ونحن نرى أصعب حالة مخاض في التاريخ، اقتربنا من عام كامل ونخن نلف وندور في خارطة المستقبل التي توافقنا عليها، يسير العمل بطيئاً كسلحفاة، وهو ما يفتح أبواب جهنم على الجميع من تمادي عنف الإرهاب، وتطاول أقزام كدويلة قطر، وتغابي الجنوب في سد النهضة بأثيوبيا، وانفضاض الحلفاء عنا، وهو ما سيحدث قريباُ إذا استمرت هذه الحالة من انعدام الإحساس بالزمن.
والمؤكد أن الذي وضعنا في هذه الحالة هو انعدام الكفاءة من المحيطين بالرئيس الجليل عدلي منصور، ويكفي بمن يسمونه المسلماني أحمد، دليلاً على المستوى الهابط الذي وصلنا إليه، ففي غفلة من الزمن جاؤا به مستشارا للرئيس، ولو أعرف من الذي جاء به لحفرت ذكراه في أكبر سلة مهملات في مصر، فالفتى يتحرك وكأن مصر صارت ميراثاً له، وهبها له أباه من مركز بسيون محافظة الغربية، فينوب عن الرئيس في لقاء رؤساء الأحزاب، ثم يكلف نفسه بنفسه لتجديد ما يسمى بالنخبة، ويلتقي بخريجي كمبردج وموسكو، ثم تأخذه الجلالة ليضرب تصريحا دبلوماسيا هنا حول علاقة مصر بالخارج ويضرب تصريحا اقتصاديا هناك عن حالة مصر المالية.
والحقيقة يا سيادة الرئيس الجليل عدلي منصور، وأنت المثقف رفيع المستوى، لن أجد ما أسوقه لك من أسانيد سوى من تراثنا الزاهر وبالطبع تعرف أصول إرسال الرسل في الدبلوماسية الشعبية، ففي تراثنا كانوا يرسلون الأعقل والأجمل صورة والأحسن حديثاً والأقوى حجة، وتعرف أيضاً أن قول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حين قال "إن أبردتم إلي بريدا، فاجعلوه حسن الوجه حسن الاسم".
وما ابتلانا به نظام دولة ما بعد 30 يونيو من مسلماني بسيون، أمر مهين للشعب المصري، فالفتى الذي ما زالت تطارده فضيحة تبريره الاستيلاء على أراضي جامعة النيل، يسكن مع رئيس الجمهورية في القصر الرئاسي، وهو أمر مسيء لمن وثقنا بهم، وكنت قد توقعت بعد صدور حكم القضاء الذي أنهى فضيحة سرقة مال الدولة لحساب زويل وأنصاره، أن تغسل مؤسسة الرئاسة يدها من رعاة هذه السرقة – المسلماني نموذجاً– ولكن من الواضح أنه لا حياة لمن تنادي.
وحتى لا قول لي قائل بأنها مرحلة انتقالية وستزول، أقول بأن تفاؤلي قد خفت حدته مع بدء مع معركة المشير السيسي الانتخابية، ولذلك فالحذر واجب فالرجل لم يكن بعيداً عن اختيار مرحلة المسلماني اللولبية ومن هنا تبدأ مخاوفي من أنصار السيسي الذين أراهم خطراً داهماً عليه، فقد استيقظت العظام التي كانت رميماً من بواقي الحزب الوطني البائد وصاروا يتكلمون عن الثورة والمستقبل، وكأنهم لم يكونوا شركاء في جريمة تدمير الوطن وكأن الإخوان لم يكونوا حلفاءهم، وكأننا شعب بلا ذاكرة.
وباختصار القول لن تكون هناك مصر جديدة إلا بعد محاسبة المفسدين، وغسل يد النظام الجديد من مخلفات التوريث، ومخاطر التمكين، وبؤس المسلماني وأمثاله.