نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية تقريرًا سلطت خلاله الضوء على أن وعود الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب بقمع المؤيدين لفلسطين وترحيل المتظاهرين.
ورغم أن ترامب لم يعلن حتى الآن عن موقف واضح بشأن الحرب المستمرة فى غزة منذ أكتوبر، إلا أنه أكد للمانحين اليهود الأثرياء خلف الأبواب المغلقة دعمه لحق إسرائيل فى مواصلة «حربها على ما أسماه بالإرهاب».
وذكر التقرير أن ترامب تحدث إلى غرفة مليئة بالمانحين، ممازحًا بأنها تمثل «٩٨٪ من أصدقائه اليهود»، مؤكدًا أنه سيقمع المتظاهرين المؤيدين لفلسطين فى الجامعات الأمريكية ويرحلهم، وفقًا لشهود حضروا اجتماعًا خاصًا فى نيويورك.
وفى الاجتماع الذى عُقد فى ١٤ مايو، قال ترامب: «أحد الأمور التى سأفعلها: سأطرد الطلاب الذين يتظاهرون خارج البلاد. وكما تعلمون، هناك العديد من الطلاب الأجانب. وفى اللحظة التى يسمعون فيها هذا الكلام، سيتغير سلوكهم»، على حد تعبيره.
وعندما اشتكى أحد الحضور من أن بعض الطلاب والأساتذة الذين يشاركون فى التظاهرات قد يتقلدون يومًا ما مناصب فى السلطة، رد ترامب بأن المتظاهرين جزء من «ثورة راديكالية» وتعهد بهزيمتها.
وأشاد بعناصر شرطة نيويورك الذين هاجموا مخيم اعتصام بجامعة كولومبيا، وقال إنه يجب على بقية المدن أن تتبع مثال نيويورك، مضيفًا: «هذا يجب أن يتوقف الآن».
وتابع قائلًا: «حسنًا، إذا ساعدتم فى انتخابي، ويجب عليكم فعل ذلك، فإننا سنعيد تلك الحركة ٢٥ أو ٣٠ عامًا إلى الوراء»، وذلك وفقًا لما قاله مانحون طلبوا عدم الكشف عن هويتهم.
وذكرت «واشنطن بوست» أن ترامب عبّر علنًا عن مواقف متباينة بشأن ما إذا كان يجب على إسرائيل الاستمرار فى الحرب على غزة أو التوقف، حيث قال: «أنهوا الأمر وعودوا إلى السلام وتوقفوا عن قتل الناس».
ومع ذلك، ضغط المانحون الكبار للحزب الجمهورى عليه فى الأشهر الأخيرة لكى يظهر موقفًا قويًا ويدعم إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو.
لكن اللقاء الخاص فى نيويورك يكشف عن نظرة جديدة لموقف ترامب الجديد. ففى اجتماعه مع المانحين الأثرياء، أكد دعمه لحق إسرائيل فى «حربها» وتفاخر بسياسات إدارته تجاه إسرائيل.
ولم يذكر الرئيس السابق اسم نتنياهو، الذى يمقته بسبب اعترافه بفوز جو بايدن فى انتخابات ٢٠٢٠ وعدم التواصل معه منذ ذلك الحين.
ولم يقدم ترامب تفاصيل محددة بشأن تعامله مع إسرائيل فى ولايته الثانية، لكنه شكك فى مقابلة مع مجلة «تايم» بإمكانية نشوء دولة فلسطينية قابلة للحياة، قائلًا: «لست متأكدًا إن كان حل الدولتين سينجح»، مضيفًا: «ربما لم تكن هناك فكرة أخرى». وهذا رغم أن حل الدولتين كان سياسة الإدارات الجمهورية والديمقراطية لعقود.
حملة ترامب لم ترد بشكل مفصل على أسئلة الصحيفة بشأن اللقاء فى نيويورك، ومع ذلك، أرسلت كارولين ليفيت، المتحدثة الإعلامية الوطنية باسم الحملة، رسالة إلكترونية تقول فيها: «عندما يعود الرئيس ترامب إلى المكتب البيضاوي، ستحصل إسرائيل على الحماية مرة أخرى، وستتحطم إيران، وسيُلاحق الإرهابيون وسيتوقف سفك الدم».
وتشير الصحيفة إلى أن كلا من بايدن وترامب واجها تحديات كبيرة فى حملاتهما الانتخابية عندما يتعلق الأمر بالسياسات الخاصة بالنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، فمعسكر بايدن منقسم بشكل عميق بشأن الحرب، بينما قلة حديث ترامب عن النزاع قللت من فرصه لاستغلال المشكلات داخل المعسكر المعارض له.
لطالما أكد ترامب فى لقاءاته الصحفية وتصريحاته العامة أن هجوم حماس فى ٧ أكتوبر ضد إسرائيل لم يكن ليحدث لو كان فى السلطة. لكنه انتقد إدارة إسرائيل للحرب بشكل غامض، ففى مقابلة مع صحيفة «إسرائيل اليوم» فى مارس، قال ترامب: «يجب عليكم إنهاء حربكم، ولوقفها عليكم استكمالها».
وفى أبريل، قال إن الحرب ليست جيدة لصورة إسرائيل، وأكد لمقدم البرامج الإذاعية المحافظ هيو هيويت أن إسرائيل «تخسر بالتأكيد حرب العلاقات العامة».
وفى لقائه مع المانحين الأثرياء اليهود، تبنى ترامب موقفًا مختلفًا عن تصريحاته العامة حول الحرب فى غزة. بدلًا من دعوته لإسرائيل لوقف الهجوم، أكد دعمه لحق إسرائيل فى مواصلة الهجمات، قائلًا: «أنا الوحيد الذى يقول هذا الآن، وهناك الكثير من الناس لا يعرفون ما هو ٧ أكتوبر».
واستعرض ترامب قائمة بالإنجازات التى حققها لإسرائيل خلال فترة رئاسته، بما فى ذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة منذ عام ١٩٦٧.
خلال حديثه مع المانحين الأثرياء اليهود، شدد ترامب على أن إسرائيل بحاجة إليه، وأشار إلى أن التظاهرات المؤيدة لإسرائيل أصبحت أصغر من تجمعات أنصاره. وأعرب عن دهشته من فقدان إسرائيل لنفوذها فى واشنطن والكونجرس، واصفًا ذلك بأنه «لا يصدق».
وأوضح المانحون أن ترامب أعرب عن إحباطه من قلة دعم اليهود الأمريكيين له فى الانتخابات، قائلًا: «كيف يمكن لشخص يهودى أن يمنح صوته للديمقراطيين، وتحديدًا بايدن؟»، وأضاف أن الديمقراطيين يخيبون الآمال دائمًا، فى إشارة إلى أن بايدن وحزبه ليسوا موثوقين.
تجدر الإشارة إلى أن تصريحات مماثلة لبايدن خلال حملاته الانتخابية أثارت ردود فعل من اليهود الأمريكيين، الذين اعتبروا خطابه تجسيدًا لفكرة معادية للسامية، مفادها أن ولاء اليهود الأمريكيين ينقسم بين دينهم أو إسرائيل والولايات المتحدة.
وبحسب تقارير، قام عدد من المانحين الأمريكيين اليهود، بمن فيهم مريام أديلسون، بالضغط على ترامب لدعم إسرائيل علنًا، خاصة رئيس وزرائها المحاصر بنيامين نتنياهو.
لم يتم ذكر اسم نتنياهو فى لقاء الطاولة المستديرة، على الرغم من أن ترامب أعرب عن إحباطه منه بسبب اعترافه بفوز بايدن فى انتخابات ٢٠٢٠، والتى لا يزال ترامب يشكك فى صحتها.
وفى مقابلة مع مجلة «تايم»، قال ترامب: «تم انتقاد بيبى نتنياهو بحق بسبب ما حدث فى ٧ أكتوبر»، مشيرًا إلى فشل حكومته فى منع الهجمات.
وأوضح ترامب أن تجربته مع نتنياهو كانت سيئة، وزعم أن إسرائيل كانت ترغب فى المشاركة فى الغارة التى أسفرت عن مقتل قاسم سليمانى فى ٢٠٢٠، لكنها تراجعت فى اللحظة الأخيرة.