تصدر شعار "فلسطين من البحر إلى النهر" التظاهرات المنددة بالعدوان الإسرائيلى ضد قطاع غزة، فى شتى بقاع الأرض والذى يقال باللهجة الفلسطينية "من المي للمي فلسطين عربية"، وانتقل على ألسنة العرب لتتحول إلى "فلسطين من النهر إلى البحر"، وهى بضع كلمات تثير غضب إسرائيل وتستنفر مسئوليها فيصدرون البيانات ويستدعون السفراء، لمجابهة هذا الشعار الذى طالما تردد منذ عقود، وعاد مجددا يملأ أفواه المناصرين للحق الفلسطينى والناقمين على دولة الاحتلال.
وخلال الأسابيع الماضية تعالت الأصوات حول العالم المطالبة بضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كرد فعل على العدوان الغاشم ضد سكان قطاع غزة، الذى تسبب فى استشهاد وإصابة أكثر من مائة ألف إنسان جراء العدوان المتواصل منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وجاءت ردود الأفعال الإسرائيلية على هذه التحركات غاضبة بشدة حيث استدعت سفراء الدولة المعترفة حديثا بفلسطين، لإبلاغهم باعتراض تل أبيب على هذه الخطوات التى من شأنها زيادة الضغط الدولى والتشجيع على اعترافات جديدة، إلا أن وسط هذا الزخم أظهرت دولة الاحتلال احتجاجا مماثلا على جملة من أربعة كلمات رددتها نائبة رئيس الوزراء الإسبانى يولاندا دياز بالإضافة إلى الرئيس الجنوب سيريلرامافوزا وهى "من النهر إلى البحر" والتى تنهى الوجود الإسرائيلي.
ويشير شعار "من النهر إلى البحر" إلى الحدود الفلسطينية فى فترة الانتداب البريطاني، والتى امتدت من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط قبل قيام دولة إسرائيل عام ١٩٤٨، وهى بمثابة دعوة لإزالة إسرائيل من الوجود.
وقالت نائبة رئيس الوزراء الإسبانى ووزيرة العمل يولاندا دياز، فى مقطع فيديو: إن بلادها تدعم فلسطين واختتمت حديثها بجملة: "فلسطين سوف تتحرر من النهر إلى البحر"، وسرعان ما انتشر الفيديو حتى أغضب الكيان المحتل، وعلقت عليه سفيرة الاحتلال الإسرائيلى فى برشلونة: "من غير المقبول على الإطلاق أن تتحدث نائبة رئيس وزراء إسبانيا بهذا".
والجمعة الماضي، وزير الخارجية الإسرائيلى يسرائيل كاتس وجه انتقادات لاذعة ومسيئة لنائبة رئيس الوزراء الإسبانى التى لم تكتف بالدعوة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية بل "لتحرير فلسطين من النهر إلى البحر".
ووصفها بالشخص الجاهل والمليء بالكراهية، داعيًا إياها إلى "دراسة ٧٠٠ عام من الحكم الإسلامى المتطرف فى الأندلس أى أسبانيا اليوم" وفق زعمه!
ومن إسبانيا إلى جنوب أفريقيا، حيث قال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا خلال خطاب ألقاه: "إن فلسطين ستتحرر من النهر إلى البحر"، مما أثار انتقادات من قبل يهود بلاده بزعم دعوتهم إلى "إبادة اليهود من وطنهم".
وتأتى انتقادات مجلس النواب اليهودى فى جنوب أفريقيا فى أعقاب استخدام الرئيس غير المكتوب على ما يبدو للشعار المثير للجدل فى تجمع حاشد فى سويتو.
وجاء بيان المجموعة اليهودية شديد اللهجة على غير العادة، معبرا عن "اشمئزازها" من كلمات رامافوسا.
ويشير المجلس فى بيان له إلى أن الشعار "يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه دعوة إلى الإبادة الجماعية للشعب اليهودي"، مضيفا أن الشعار ودعوته إلى تدمير الدولة اليهودية له أصل فى ميثاق حماس.
ويضيفون: "إن ترديد هذا الشعار من قبل رئيس دولة يحاول بشكل متكرر التعبير عن التزامه بـ"حل الدولتين" مثل سياسته تجاه إسرائيل وفلسطين هو نفاق تام".
ومن مناصرى الحق الفلسطيني، إلى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذى استخدم نفس الشعار فى يناير الماضي، قائلا: "إنه يتعين على إسرائيل فى المستقبل، السيطرة على المنطقة بأكملها من النهر إلى البحر"، مؤكدا أنه يرفض فكرة إقامة دولة فلسطينية، مدعيا أن ذلك "سيعرض دولة إسرائيل للخطر".
وامتد الجدل حول هذه العبارة، من أروقة السياسة إلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أعلنت لجنة الرقابة على موقع فيسبوك قبل أسبوعين أنها تدرس ما إذا كانت تلك العبارة تعتبر خطاب كراهية، تدفقت الطلبات خلال الفترة الماضية على اللجنة فى شركة "ميتا" مالكة واتس آب، وفيسبوك، وإنستجرام، من أجل مناقشة معنى تلك العبارة ومنعها.