السفير هيثم أبوسعيد رئيس بعثة المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف في حواره مع "البوابة نيوز":
- ما يحدث في غزة إبادة وتطهير عِرقي
- إسرائيل ستواصل ارتكاب المجازر في رفح والضفة الغربية بعد القضاء على معالم الحياة في غزة
- إسرائيل تريد تطهير فلسطين من أهلها.. ومن يبقى فيها يكون من "أهل الجزية"
- نتنياهو يرفض قيام الدولتين.. ويروج شائعة أن فلسطين "دولة حماس"
- نقولها بملء الفم.. غزة دولة مُحتلة ومن يدافع عنها هم أهلها
- الاحتلال يخشى الزيارات الميدانية خوفًا من كشف أكاذيبه وارتكب أكبر جرائم العصر في غزة
- الادعاء على مصر أنها ضد وقف إطلاق النار بغزة «ظلم وتجنٍّ»
رغم الإدانة العربية والدولية للكيان الإسرائيلي بشأن ارتكاب مجازر حرب وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني وإبادة جيش الاحتلال لآلاف المدنيين الآمنين العُزل في غزة منذ السابع من أكتوبر؛ ورغم إصدار أكبر الجهات القانونية الدولية "الجنائية الدولية والعدل الدولية" إدانة قادة الاحتلال الإسرائيلي لارتكابهم جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني؛ إلا أن الاحتلال المتغطرس يأبى ويرفض وقف المجازر بل يُزيد من الهجمات العدوانية ضد الآمنين مُواصلًا ترويج الادعاءات الكاذبة والظالمة والمُجحفة بشأن مساعي وقف إطلاق النار وتفعيل الهدنة الإنسانية وإدخال المساعدات الإنسانية الضرورة والملحة للملايين. وفي ظل هذه الصورة القاتمة كشف السفير الدكتور هيثم أبوسعيد رئيس بعثة المجلس الدولي لحقوق الإنسان إلى الأمم المتحدة في جنيف؛ في حوارٍ بالفيديو مع "البوابة نيوز" عن خطة إسرائيل لإعادة العدوان على غزة؛ ورفض الكيان وقف إطلاق النار والمراوغات الدوبلوماسية الإسرائيلية للهروب من جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني على مدار 8 أشهر من العدوان الغاشم.. وإلى نص الحوار:
بعد أكثر من 8 أشهر على العدوان الإسرائيلي على غزة.. هل لديكم معطيات حول تفاصيل الوضع الإنساني في القطاع؟
منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر الماضي ذهب بعض القضايا إلى الأسوأ وخاصة فيما يخص المساعدات الإنسانية والتي يتم توقيفها على المعابر ليس فقط من قبل جيش الاحتلال ولكن دخل على الخط المستوطنون الإسرائيليون؛ وهذه البدعة تدعو إلى أن "حتى الشعب الإسرائيلي لا يوافق على إدخال المساعدات، وهذا كله نضعه بخانة "الهراء" لأنه لا يمكن أن يكون قلة من المشاغبين اليوم على المعابر الفلسطينية الإسرائيلية أن يمثلوا شريحة كبرى من الشعب الإسرائيلي؛ خاصة أن كل الأدلة توثق لنا أن الشعب الإسرائيلي يرفض أداء الحكومة والجيش؛ إلا أن صوت الشعب الإسرائيلي بشأن رفضهم العدوان على غزة غير مسموع.
ماذا عن حجم الخسائر في غزة بعد 8 أشهر من العدوان؟
لا يمكن أن يتم اليوم إحصاء حجم الخسائر خاصة أن المعركة لم تنته بعد؛ هناك غبار كبير حول المسائل الميدانية؛ إلا أنه حسب تقارير مندوبي المجلس الدولي لحقوق الإنسان في غزة فإن هناك خسائر فادحة في الممتلكات والبنية التحيتة، وقد نكاد أمام صحراء كبيرة من الأسمنت المهدم وبات لا يوجد معلم للحياة؛ وهذا ما جاء به تقرير الأمم المتحدة والمفوضية السابقة لحقوق الإنسان وتقصي الحقائق.
ما الإجراءات التي اتخذها المجلس الدولي لحقوق الإنسان بشأن إيصال المساعدات أو وقف الحرب أو تفعيل الهدنة؟
حجم الإجراءات التي اتخذها المجلس الدولي لحقوق الإنسان كبير جدًا ولا يمكن أن نحصيها اليوم؛ ولكن لم نترك أي جهد أو وسيلة إلا وسلكناها من أجل تسهيل عبور المساعدات لأهالي غزة ومن أجل تأمين المساعدات؛ إلا أننا انصدمنا بتعنت الجيش والحكومة الإسرائيلية والمستوطنين تجاه المساعدات ووقف الحرب والعدوان على غزة؛ وأيضًا تفاجأنا بأداء الحكومات التي لم تكن على المستوى المطلوب خصوصًا أنها تدعي مراعاة المواثيق الدولية الحقوقية والإنسانية؛ ولكن حينما وصل الأمر إلى غزة رأينا أن بعض هذه الحكومات انسحب ودعم ما يسمى بـ"حق إسرائيل الدفاع عن نفسها"؛ وهنا أحب أن أؤكد بناءً على القانون الدولي لا يحق لإسرائيل الدفاع عن نفسها لأنها دولة محتلة وغزة تقع تحت الاحتلال؛ وبالتالي من يدافع عن نفسه هم أهالي غزة؛ ومن حق الشعب أن ينتفض ضد الاحتلال الإسرائيلي وهذا حق مكتسب له وفق المعايير الدولية.
وسط التعنت الإسرائيلي والتهديد باجتياح رفح مع تزايد حِدَّة الرفض الشعبي الإسرائيلي للحرب.. هل تتوقع تفعيل الهدنة؟
نأمل بشكل سريع أن يتم تفعيل الهدنة ووقف شامل لإطلاق النار؛ ولكن ما أريد أن أؤكد عليه أن الحكومة الإسرائيلية متذبذبة؛ فكل يوم تطلعنا على موقف مختلف عن الآخر؛ فتارة نعتقد أننا وصلنا إلى نهاية لوقف إطلاق النار إلا أننا نرى أن تعنت إسرائيل يطيح بكل ما هو واقع في المفاوضات والتي تجري منذ السابع من أكتوبر.
ومن واجبي أن أنوه وأؤكد على جزئية مهمة جدًا؛ وهو دور مصر الأساسي في مسار المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار وتفعيل الهدنة؛ فمصر قامت بدور كبير جدًا من أجل وضع حد للمطامع الإسرائيلية وقد أعلنت إلى اتخاذها إجراءات دبلوماسية وحقوقية ويمكن أن يكون لهذه الإجراءات علاقة بالاتفاقيات الموقعة بين مصر وإسرائيل؛ والمجلس الدولي لحقوق الإنسان يدعم موقف مصر ويأمل أن تكون هذه الخطوة معممة دوليًا خاصة للدول التي لديها اتفاقيات مع إسرائيل حتى يكون هناك ضغط تفكر به إسرائيل جيدًا.
كيف تراقبون تعنت إسرائيل بشأن التهرب من الهدنة ورفض وقف إطلاق النار؟
حتى الآن لا ندري ماذا تريد إسرائيل، قبل إصدار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو ووزير الدفاع كانت إسرائيل تخشى هذا الأمر وكانت تشن حربًا استباقية على غزة بشكل مبالغ فيه؛ ولكن هذا لا ينطوي على مدعي المحكمة الجنائية الدولية كريم خان "المشهود له بنزاهته" وحرصه على تطبيق القوانين الدولية بكل معاييرها؛ وهذا الرجل تم اختبار نزاهته في عدد من القضايا الدولية قبل أن يتولى مسئولية الجنائية الدولية وكان جديرًا بالمسئولية والشفافية والنزاهة.
أن يصدر اليوم قاض بحجم كريم خان مذكرة اعتقال نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت في هذا التوقيت؛ جعل العالم يتفاجأ خاصة أنه لم يكن يتوقع أن نصل إلى هذا الأمر؛ وخاصة القانون الذي نظر إليه كريم خان وشجاعته في تطبيقه؛ ما يحتم علينا أن ندعمه ونؤيده بشأن حكمه التاريخي ونقدم خالص مشاعرنا لكل شخص في العالم يتمتع بالشخصية القوية وتطبيق القانون ومن بينهم كريم خان والأمين العام للأمم المتحدة.
ما أنواع الجرائم التى قمتم بتوثيقها فى قطاع غزة؟
طبعًا قرار الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لم يأت من فراغ؛ وهناك من يحاول أن يقول إن القرار غير منصف أو غير قانوني والرد على مرددين هذا الحديث: "إما أنهم غير مدركين للقانون الدولي أو أنهم غير يتعالون عليه"، ولا يجوز بعد اليوم أن يتم الاستخفاف بهذه القوانين أو قرار الجنائية الدولية؛ فالاستهانة بالقوانين الدولية ضد حق الشعوب فهذه الثورة العارمة في دول القرار "دول العالم الأول" والتي قامت بمظاهرات ومسيرات سلمية ضد أعمال إسرائيل؛ ولم تبال بالإجراءات التي يتعقبها من الحكومات؛ لأن هذه الشعوب مؤمنة بالقانون الدولي وأن ما يحدث في غزة هو فعلًا إبادة وتطهير عرقي وأكبر جرائم العصر التي ارتكبت؛ حتى الإسرائيليين أنفسهم يدركون أنها إبادة ويتعالون على هذه الأمور لتنفيذ مخططهم الرديء.
وأنا أؤكد لكم؛ لو لم يوثق المجلس الدولي لحقوق الإنسان وغيره من اللجان الدولية جرائم العدوان الإسرائيلي في غزة وترقى إلى أنها جرائم حرب وإبادة وضد الإنسانية وضد الأطفال والنساء وحقوقهن لم تصل الجنائية الدولية إلى ما وصلت إليه، ولا ننسى أن الكيان الإسرائيلي ما زال يرفض لجان تحقيق داخلية في غزة لأنه يخشى كشف فظائع الحرب التي ارتكبها في غزة.
الكيان الإسرائيلي يُدرك أن لدنيا كل هذه التقارير التي توثق جرائمه في غزة؛ ويطلعوا على هذه التقارير من الجهات الدولية؛ عندما يدركون أن هذه الوثائق موجودة يعلمون علم اليقين أن الزيارات الميدانية ستكشف كل الشائعات التي يروجها الاحتلال ويريد أن يحتمي خلفها لذلك يرفض كل طلبات المنظمات الأممية بإجراء زيارات ميدانية لغزة ولو قبل بهذا الأمر دون أن يرشد هذه اللجان الميدانية إلى أماكن يُريدها هو؛ لدى هذه الجهات الأممية مُتطوعين ومندوبين ميدانيين داخل قطاع غزة؛ ولكن بشكل قاطع الاحتلال الإسرائيلي لم ولم يقبل بزيارات ميدانية على أرض الواقع لغزة.
كيف ترى تهديدات إسرائيل بشأن اجتياح رفح بريًا بشكل كامل؟
منذ بداية الأحداث وعندما بدأ التهديد حول رفح أقول بناءً على معلومات دقيقة لديه: الكيان الإسرائيلي سيدخل رفح وسيقوم بمجازر كبيرة في رفح ولكن للأسف هناك بعض الحكومات لم تقم باتخاذ إجراءات احترازية من أجل الضغط على الكيان الإسرائيلي حتى يُمنع اقتحام رفح؛ وأنا أقول لك وللأسف: الكيان الإسرائيلي سيدخل رفح الكيان الإسرائيلي سيتمدد جرائمه في الضفة الغربية فالكيان الإسرائيلي ليس لديه مخطط محدد ولكن هو تطهير فلسطين من كل الفلسطينيين لأنه يريد أن تكون السلطة الفلسطينية وغزة تحت سيطرته المباشرة وأن يتم إجلاؤهم من هذه الأرض ومن يبقى يكون من "أهل الجزية" فهو يريد أن ينتقم من التاريخ أولًا .. وهذا لا يمكن القبول به مهما حصل.
الإسرائيليون يقولون إنهم كانوا هناك منذ أكثر من 2000 سنة؛ وأنا أرد عليهم وأقول: إن قبيلتي التي أنتمي إليها موجودة في الحجاز وشبه الجزيرة العربية منذ أكثر من 1000 سنة ولكن لا أريد أن أعود؛ كيف يمكن للاحتلال أن يطالب بشيء عمره 2000 سنة تحت حجة أنهم يريدون العودة إلى أرضهم؟! فالتغيرات الديموغرافية فرضت الواقع ولا يمكن أن نعود للخلف وعلينا أن نتطلع للأمام وللأسف هم ماضون في الفكر التلمودي السياسي الذي يتم إعداده عام 1897 وهم يمضون في تنفيذ مخططهم.
كيف يمكن كبح جماح العدوان الإسرائيلي ووقف إبادة غزة؟
لأكن صريحًا جدًا؛حتى لو وقف العدوان هذا لا يعفيه من المذابح والجرائم التي ارتكبها؛ ولكن يبقى الأمر بيد الإسرائيليين أنفسهم إذا أرادوا أن تظل إسرائيل "دولة مارقة" وسيتم اتخاذ إجراءات ضدها داخل الأمم المتحدة؛ وهناك سيناريوهات كثيرة إذا صنفت إسرائيل بأنها "دولة مارقة" خارجة عن القانون؛ واليوم الموضوع منوط بالقضاء الإسرائيلي والأحزاب الإسرائيلية والتي بدأت أصواتها تعلو في الداخل والتي ترفض السياسات التي يقوم بها نتنياهو وجيش الاحتلال الإسرائيلي وترفض الانصياع لأوامر جيش الاحتلال والانخراط في العدوان؛ وكل هذا الأمر يجب أن يطفو على السطح وأن تتم إجراءات من الداخل حتى لا يذهب الصالح بالطالح؛ لأن نتنياهو ليس لديه شيء يخسره بعد قرار الجنائية الدولية ولكنه ما يفعلوه نتنياهو هو انتحار جماعي للشعب الإسرائيلي.
هناك شعبان لابد أن يتجانسان بعضهم البعض بشأن قيام الدولتين؛ والاتحاد الأوروبي بدأ يمضي بهذا الأمر لأنه يدرك لا حل إلا الوصول لقيام الدولتين ضمن أطر وقوانين معينة؛ ولكن نتنياهو يرفض في الأساس وجود أي فلسطيني أو قيام الدولتين محاولًا تسويق "أن هذه دولة حماس"؛ ونحن نرد عليه: عليك أن تسمع ولا تستخف فعقول المليارات فهي ليس دولة حماس وإنما هي دولة فلسطين؛ وقد تكون حماس جزءا من منظومة الدولة وهذا طبيعي؛ ولكن ليست كما يُرويج نتنياهو بأن فلسطين "دولة حماس"؛ وإذا كانت قرارات الجنائية الدولية طالت بعض القادة في حماس فإن المحاسبة ستأتي من الداخل أيضًا من خلال صندوق الانتخابات والتشكيل الحكومي والانتخابي في فلسطين وعلينا جميعًا أن نحترم إرادة الشعب الفلسطيني مهما كانت هذه الإرادة ومن يريد أن يمثله وليس هذا من شأننا وعلينا أن نرسي الديمقراطية والقوانين وتطبيقاتها وفوق كل هذا علينا أن نحترم إرادة الناس سواء أعجبتنا أم لم تعجبنا.
كيف ترى ادعاءات الـ"سي إن إن" بشأن ما أسمته "تغيير مصر شروط صفقة وقف إطلاق النار"؟
اسمح لي أن أكون صريحًا جدًا وأنا لست مصري الجنسية حتى لا يقال أني منحاز؛ نحن نرى الأمور من وجهة مختلفة فالأمين العام لأمم المتحدة صرح جهارًا من معبر رفح وصرح المفوض السامي لحقوق الإنسان من معبر رفح أيضًا وقال: "إن الدور المصري هو دور أساسي وفاعلي ونزيه ولا تشوبه أي شيء"؛ وبعد ذلك خرجت تصريحات من بعض الدول التي تدعم إسرائيل وأنا أعتقد أن الشعب العربي يدرك جيدًا أن هذه المناورات الكلامية يُراد منها الادعاءات على مصر لأننا ندرك جيدًا النوايا ولا يمكن أن نقول إن المسار العام في مصر هو ضد وقف إطلاق النار وهذا "ظلم وتجني" ولا علاقة له بالواقع بشيء لأننا ما زلنا على تواصل جيدًا بالسلطات المصرية وندرك جيدًا حقيقة النوايا الحسنة والمسارات الفعالة التي تعمل مصر من خلالها بشأن وقف إطلاق النار في غزة وإيصال المساعدات؛ وأحب أن أنوه إلى أن المسارات المصرية هي مسارات جيدة جدًا؛ ولكن يجب أن يكون هناك مُلاقاة من بعض الدول العربية حتى تكتمل الحلقة ونصل إلى الضغط الكامل على الكيان الصهيوني.
وحتى الآن وبعد 8 أشهر من العدوان على غزة ليس هناك حلقة كاملة متكاملة عربيًا للأسف من أجل الاستناد عليها في الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار وتفعيل الهدنة وإيصال المساعدات.
كيف ترى الدور الحثيث بشأن إيصال المساعدات وإدخالها إلى غزة؟
حجم المساعدات لا بأس بها ولكن إدخال المساعدات كان هي المشكلة الكبرى؛ هناك مواد إغاثة فسدت على المعابر نتيجة منع دخول المساعدات وأخرى تم استهدافها؛ ولكن حجم المساعدات لا يشوبها شيء فكان هناك تنوع للمساعدات والحاجات الملحة والضرورية لأهالي قطاع غزة؛ ومنها ما تم إدخاله ولو كان جزئيا ومنها ما منع من الدخول ويتحمل نتيجة ذلك الجهة التي عطلت دخول المساعدات للشعب الفلسطيني.