ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن العزلة الدولية التي تشهدها إسرائيل حاليًا الناتجة عن حالة الاستياء واسعة النطاق من أعمال العنف والقتل ضد المدنيين في قطاع غزة ما لها إلا أن تتعمق أكثر وسط مزاعم جديدة ذات مصداقية تفيد بأن كبار السياسيين الإسرائيلين تآمروا ضد مسؤولين رفيعي المستوى بالمحكمة الجنائية الدولية.
وأوضحت الصحيفة، في مقال تحليلي أوردته اليوم الأربعاء عبر موقعها الإلكتروني، أن من بين هؤلاء المسؤولين الذين استهدفتهم إسرائيل: المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا والمدعي العام الحالي كريم خان. ولفتت إلى أنهما من الممكن جدًا أن يكونا مستهدفين حتى الآن من جانب المخابرات الإسرائيلة، مُحذرة أنه "إذا كان الأمر كذلك، فلابد من أن تتوقف هذه الأعمال فورًا".
وأشارت إلى أنه لمرة أخرى يُصدم العالم بأدلة مروعة تثبت أن إسرائيل تحت الإدارة المدمرة لرئيس وزراءها بنيامين نتنياهو أصبحت "دولة مارقة"-على حد وصفها-، مُشددة على أن نتنياهو تجاوز جميع الخطوط الحمراء من خلال استخفافه بالرأي العام العالمي وتجاهله مبادئ القانون الدولي وقيم الديمقراطيات الغربية التي تمد بلاده بالتسليح والدعم بلا تردد، الأمرالذي وصفته "الجارديان" بأنه مثير للاشمئزاز.
وأوضح المقال أن مكتب نتنياهو نفي جميع الاتهامات التي أوردتها "الجارديان" في التحقيق الذي بثته بالأمس حول تورط إسرائيل في تهديد وابتزاز كبار مسؤولين المحكمة الجنائية الدولية، ووصف تلك المعلومات بأنها مُضللة ولا أساس لها من الصحة وتهدف فقط إلى تشوية سمعة إسرائيل.
كما أضاف أن مجلس الحرب الذي يترأسه نتنياهو يتعرض فعليًا لموجة من التوبيخ والانتقادات غير مسبوقة من جانب الأعداء والحلفاء على حد سواء، فقد طالب كلًا من مجلس الأمن الأممي والاتحاد الأوروبي والدول العربية والعديد من هيئات الإغاثة، وحتى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن "الحليف الأقرب لنتنياهو" بوقف الحرب على غزة، بعد سلسلة من المجازر ارتكبتها إسرائيل داخل القطاع.
وأشارت "الجارديان" إلى أن كل هذه المناشدات قوبلت بالرفض القاطع من جانب نتنياهو وأعوانه من اليمين المتطرف، الذين يطمحون إلى تحقيق هدف "غير واقعي" يتمثل في القضاء على حماس وتدميرها سياسيًا وعسكريًا، وكانت نتيجة هذا الرفض "الأرعن" لوقف شلال الدم النازف في غزة إعلان كلًا من أيرلندا وأسبانيا والنرويج اعترافهم بالدولة الفلسطينية.
وتزايدت الضغوط أكثر ضد إسرائيل بعدما طالبت المحكمة الجنائية الدولية بوقف الهجمات على رفح والسماح بإمداد المساعدات للمدنيين داخل القطاع دون قيود وفتح المجال أمام الأمم المتحدة لإجراء تحقيقات بشأن الأوضاع في غزة، لكن التطور الأكثر دراماتيكية جاء من المحكمة الجنائية الدولية، عندما أكد خان سعي المحكمة لإصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية في غزة.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذه هي النتيجة التي سعى قادة إسرائيل إلى تجنبها، وكانت الدافع الرئيسي وراء تآمرهم ضد المحكمة الجنائية الدولية، حيث أصدرا نتنياهو رد فعل غاضب جدا تجاه قرار الجنائية الدولية، واصفًا هذه الخطوة بأنها تمثل "معاداة صارخة للسامية" ودعا جميع الدول المتحضرة إلى إدانتها، كما وجه تهديدات غير مباشرة لكريم خان.
يُذكر أن تحقيق أجرته صحيفة "الجارديان" البريطانية كشف النقاب عن الحرب السرية التي تشنها إسرائيل ضد المحكمة الجنائية الدولية منذ ما يقرب عقد من الزمن، وكيف استخدمت وكالاتها الاسخباراتية في أعمال المراقبة والاختراق والضغط وتهديد كبار موظفي المحكمة الجنائية الدولية في محاولة لعرقلة التحقيقات في جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين.