عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، مؤتمرًا صحفيًا، عقب انتهاء الاجتماع الأسبوعي للحكومة برئاسته، بالعاصمة الإدارية الجديدة، وذلك بحضور الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي في مستهل حديثه: إن اجتماع مجلس الوزراء اليوم ناقش مجموعة من الموضوعات المُهمة للغاية، حيث تطرقنا في بدايته للموضوع المحوري الذي سبق وتحدثت بشأنه منذ يومين في المؤتمر الصحفي الذي تم عقده بمدينة الإسكندرية، وهو الموضوع الخاص بمنظومة الدعم، وآليات البدء في تعزيز حوكمة هذه المنظومة؛ بهدف تقليل بعض (أو جزء قليل للغاية) من الأعباء التي تتحملها الدولة بصورة كبيرة للغاية في هذا الملف، وضمان كيفية وصوله حقيقة لمستحقيه، والأهم في حالة إقرار أي نوع من الزيادات أن تكون بأقل ضرر وأخف وطأة على الفئات محدودة الدخل، وهذا هو هدفنا.
وأضاف رئيس الوزراء: قمتُ بمتابعة ردود الأفعال منذ عقد مؤتمر الإسكندرية على مدار اليومين الماضيين، وكنت حريصًا على الاستماع إلى كل الآراء من جميع الأطياف للاطلاع على وجهات النظر المختلفة.
وتابع: لاحظت مما استمعت إليه كما لو أن الدولة ترغب في رفع يدها عن الدعم تمامًا أو أن الدولة بصدد إلغاء الدعم "وهذا ليس صحيحًا على الإطلاق"، مُشددًا على أن "الدولة ستظل مُلتزمة بوجود الدعم، خاصة في السلع الأساسية التي تمس حياة المواطن، وكل محاولاتنا تستهدف ترشيد هذا الدعم، حتى يتسنى لنا كدولة استدامة تقديمه".
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه كلما زادت وطأة هذا الدعم يؤثر ذلك في الخدمة المُقدمة، وهذا ما أكدناه عندما تحدثنا عن موضوع الكهرباء كمثال، "فنتيجة لأن دعم هذا القطاع أصبح زائدا على قدرة احتمال الدولة، اضطررنا إلى اللجوء لتخفيف الأحمال، ولذلك لتأكيد وجهة نظر الدولة في استمرار الدعم، اقترحنا أن نطرح للحوار الوطني والمجتمعي فكرة التحول للدعم النقدي؛ لأن كل الخبراء الاقتصاديين الذين تحدثت إليهم وقابلتهم واستمعت منهم يؤكدون أنه "لضمان استدامة منظومة الدعم ووصولها لمستحقيها لا سبيل لذلك إلا من خلال التحول من دعم عيني إلى دعم نقدي يمكن أن تستفيد منه الأسر المستحقة لهذا الدعم"، لهذا أؤكد من خلال هذا المؤتمر توجيه الدعوة من خلال آلية الحوار الوطني وكل الخبراء للبدء في مناقشات جادة جدًا، تضع خطة واضحة للدولة وللحكومة إذا ثبت جدوى هذا الموضوع، بكيفية التحول لمنظومة الدعم النقدي بدلًا من الدعم العيني.
وأضاف: هذا هو السبيل الوحيد فعلًا لتوفير مبلغ مناسب للأسر المستحقة للدعم، يستطيع من خلاله كل رب أسرة تحديد أولوياته والاستفادة من هذا الدعم.
وأكد رئيس الوزراء، أن قيمة الدعم لن تظل ثابتة، بل بالعكس سوف تكون هناك معادلات سعرية مرتبطة بالتضخم وزيادة بعض الأسعار عالميًا تُمكن الدولة من زيادة مبلغ هذا الدعم، بما يضمن استمرار استفادة المواطن من هذا الدعم ولا يتحول مع مرور الوقت إلى رقم قليل.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي: نستهدف الوصول إلى تصور عام لهذا الموضوع قبل نهاية هذا العام أو بنهاية هذا العام، إذا تم إقراره من كل هذه الآليات وهي، الحوار المجتمعي عبر الحوار الوطني، والخبراء، لنضع معًا خطة تنفيذية بحيث نبدأ فعلًا في التطبيق الفعلي اعتبارًا من موازنة عام 2025/ 2026.
وتابع رئيس الوزراء: نحن نعي تمامًا أن ملف الدعم دائمًا هو ملف شائك، ونعي تمامًا أنه يلقي عدم قبول، ولكن يجب علينا جميعًا في إطار إجراءات الاصلاح الاقتصادي للدولة أن نعرض الموضوع بمنتهى الشفافية والوضوح.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي، إلى أنه في إطار قدرات الدولة المصرية تمكّنا على مدار العاميين الماضيين من تحمل أقصى قدر ممكن، ولكن اليوم ينبغي ببساطة شديدة وبهدوء وتدرج؛ التحرك في بعض السلع والخدمات لنكون قادرين على استدامة تقديم الدعم والخدمات بأفضل صورة مُمكنة للمواطن المصري.
وأشار إلى أن مجلس الوزراء اليوم، ناقش موضوع الخبز المُدعم في إطار عملية الترشيد، مضيفًا أنه في هذا الملف لم يتم تحريك سعر الخبز المُدعم منذ أكثر من ثلاثين سنة، وعلى مدار هذه الفترة تضاعف سعر الخبز على الدولة عشرات المرات تقريبًا، وبالتالي هذا الأمر حمّل الدولة أعباء مالية أصبحت مُتزايدة بصورة كبيرة جدًا، وبالتالي كان كل هدفنا مجرد تقليص هذا الدعم بصورة قليلة.
وتابع رئيس الوزراء: ومثلما شرحت وما سيقوم وزير التموين بتوضيحه بالتفصيل، فإن تكلفة رغيف الخبز على الدولة تبلغ نحو 125 قرشا، ويتم بيعه بـ 5 قروش، وبالتالي فالدولة تتحمل 120 قرشا على كل رغيف، وهو ما يعني أن الدولة تتحمل سنويا 120 مليار جنيه على اعتبار أنه يتم إنتاج 100 مليار رغيف في المتوسط سنويا؛ ولذا كان من الضروري اتخاذ قرار بتحريك سعر الخبز قليلا لتقليص الدعم نسبيا، الأمر الذي جعل مجلس الوزراء يتخذ قرارا خلال اجتماعه اليوم برفع سعر الخبز المدعم إلى 20 قرشا، اعتبارا من بداية الشهر المقبل.
وفي السياق نفسه، لفت رئيس مجلس الوزراء إلى أن الدولة لا تزال تدعم كل رغيف خبز بـ 105 قروش، وهو ما يعني أن الدولة ستتحمل 105 مليارات جنيه سنويا، مشيرًا إلى أن كل ما تقوم به الحكومة في هذا الشأن هو الترشيد قليلا من حجم الدعم المُلقى على عاتق الخزانة العامة للدولة؛ من أجل ضمان استدامة تقديم الخدمة والدعم.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: نعي تماما كحكومة أن هذا الأمر قد لا يلقى قبولا، لكن هذا الملف شائك وهناك عدد كبير من الحكومات كانت تتحاشى أن تتحرك بصدده، إلا أننا اليوم ونحن نرى حجم فاتورة الدعم التي تتحملها الدولة، كان لا بد لنا من أن نتحرك بأقل قدر ممكن حتى نضمن استدامة الخدمة.
وأكد رئيس الوزراء أن "الدولة ستظل مُنحازة للفئات المستحقة للدعم، وسيظل الدعم قائما، ولدينا رغبة في أن يكون هناك منظومة أكثر كفاءة واستدامة"، مشيرًا إلى أن الحكومة لديها تصور لبدء التحرك في بعض السلع والخدمات، وبدأنا في هذا الصدد بالخبز المُدعم.