ذكرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية أن كثرة استخدام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمصطلح "معاداة السامية" تستهدف صرف الأنظار عن مشاكله الخاصة.
وأشارت الوكالة إلى أنه بعد سعي المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إلى استصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت وكبار مسؤولي حركة "حماس"، اتهمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه أحد "أكبر معادي السامية في العصر الحديث".
كما أنه مع اجتياح الاحتجاجات الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة بسبب الحرب على غزة، زعم نتنياهو أنها مليئة بـ "الغوغاء المعادين للسامية".. وأن هاتين الحالتين من حالات عديدة خلال الحرب على غزة اتهم فيها نتنياهو منتقدي إسرائيل أو سياسات نتنياهو بمعاداة السامية، مستخدما خطابا ناريا لمقارنتهم بأسوأ مضطهدي اليهود.. لكن منتقديه يقولون إنه يبالغ في استخدام هذا المصطلح لتعزيز أجندته السياسية ومحاولة خنق حتى النقد المشروع ضد إسرائيل، كما أن القيام بذلك يخاطر بإضعاف معنى المصطلح في وقت تتصاعد فيه معاداة السامية في جميع أنحاء العالم.
وقال توم سيجيف، المؤرخ الإسرائيلي "ليس كل انتقاد ضد إسرائيل يعتبر معاديا للسامية، وإنه في اللحظة التي تقول فيها إنها كراهية معادية للسامية، فإنك تجرد الانتقاد من كل شرعية وتحاول سحق النقاش".
ولفتت الوكالة الأمريكية إلى أن الحرب على غزة أعادت إشعال الجدل الطويل حول تعريف معاداة السامية، وما إذا كان أي انتقاد لإسرائيل – من قتل جيشها لآلاف الأطفال الفلسطينيين إلى التساؤلات حول حق إسرائيل في الوجود – يرقى إلى مستوى خطاب الكراهية المعادي لليهود.. ولطالما استخدم نتنياهو معاناة الشعب اليهودي لتلوين خطابه السياسي.. ومن المؤكد أنه ليس أول زعيم عالمي متهم باستخدام الصدمة الوطنية لتحقيق أهداف سياسية.
وذكرت الوكالة أن اتهاماته بمعاداة السامية تأتي في الوقت الذي لطالما تجنب فيه المساءلة لعدم منع هجوم حماس في 7 أكتوبر، والذي يعترف الكثيرون في المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية بأنهم يتحملون المسؤولية عنه.
وواصل نتنياهو مواجهة الانتقادات في الداخل والخارج طوال الحرب التي أودت بحياة 35 ألف فلسطيني، وقد تسببت الحرب في كارثة إنسانية، واتهم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، نتنياهو ووزير دفاعه باستخدام التجويع "كأسلوب حرب"، من بين جرائم أخرى.
واعترف المؤرخ سيجيف بوجود ارتفاع في "الكراهية العنيفة" تجاه إسرائيل، وقال، متحدثا من فيينا، إنه غير متأكد مما إذا كان التحدث بالعبرية في الأماكن العامة آمنا.. لكنه قال إن نتنياهو استخدم الأزمات اليهودية منذ فترة طويلة لتحقيق مصلحته السياسية، بما في ذلك استحضار أعمق صدمة للشعب اليهودي، المحرقة، لتعزيز أهدافه.
وكان نتنياهو قد أشار في السابق إلى تلميحات متكررة بشأن المحرقة أثناء محاولته حشد العالم ضد البرنامج النووي الإيراني.
وأشارت "أسوشيتد برس" إلى انزعاج الإسرائيليين من الارتفاع العالمي في معاداة السامية، ويرى الكثيرون أن تضخم الانتقادات ضد إسرائيل هو جزء من هذا الارتفاع.
وقال رؤوفين حزان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية، إنه عندما يعتمد نتنياهو على استخدام الاتهامات بمعاداة السامية، فإنه يفعل ذلك واضعا الشعب الإسرائيلي في الاعتبار.
وقال حزان إن نتنياهو استغل الاحتجاجات في الحرم الجامعي، على سبيل المثال، لجعل الإسرائيليين يلتفون حوله في وقت انخفض فيه دعمه الشعبي ونفد صبر الإسرائيليين من الحرب.. وقال إن نتنياهو استخدم الاحتجاجات أيضا ككبش فداء لفشله حتى الآن في تحقيق هدفي الحرب: تدمير حماس وتحرير المحتجزين.
وتابع "إنه يصرف اللوم عن نفسه، ولا يعزو أي تقصير إلى سياساته الخارجية أو سياساته في الأراضي الفلسطينية، بل إلى معاداة السامية.. هذه الرواية تفيده كثيرا، وتعفيه من المسؤولية".
من جانبه يرفض شموئيل روزنر، زميل بارز في معهد سياسة الشعب اليهودي، فكرة أن نتنياهو يقمع الانتقادات من خلال وصفها بأنها معادية للسامية، مشيرا إلى مقدار الانتقادات التي تتلقاها إسرائيل.. لكنه قال إن استخدام التصنيف المعادي للسامية لتحقيق أهداف سياسية قد يقلل من قيمته.