تمر اليوم الإثنين ذكرى رحيل، رفاعة الطهطاوي، أحد أبرز رواد النهضة العلمية، حيث توفى في مثل هذا اليوم 27 من مايو 1873، فهو فقيه ومفكر ورائد من رواد التنوير في العصر الحديث.
ولد رفاعة الطهطاوى في مدينة طهطا بسوهاج في صعيد مصر، في 15 أكتوبر 1801، وأهتم أبوه بتحفيظه القرآن الكريم، فلما توفى اعتنى به أخواله، وكان منهم الشيوخ والعلماء، ولما بلغ السادسة عشرة من عمره ألتحق بالأزهر في 1817، وتتلمذ على يد علماء الأزهر العظام، ومنهم الشيخ القويسني، وإبراهيم البيجوري وحسن العطار الذي لازمه الطهطاوي، وتأثر به لما تميز به العطار بالمعرفة للعلوم الأخرى غير الشرعية واللغوية، كالتاريخ والجغرافيا والطب.
مؤسس نهضة مصر
بعث "الطهطاوى" من قبل الحكومة المصرية لبعثة علمية كبيرة إلى فرنسا لدراسة سائر العلوم والمعارف، وقرر حينها محمد على أن يصحبهم ثلاثة من علماء الأزهر لإمامتهم في الصلاة ووعظهم، وكان رفاعة واحداً منهم وبدأ يجد مبكراً في تعلم الفرنسية، واستعان بمعلم خاص في الفرنسية على نفقته وقدرت إدارة البعثة جديته ونهمه فقررت ضمه إلى الدارسين متخصصاً في الترجمة.
أنجر "الطهطاوى" ترجمة 12 عملا الى العربية، في مجالات عدة منها التاريخ والجغرافيا والهندسه والصحة، بالإضافة لكتابه "تخليص الإبريز في تلخيص باريز" وعاد سنة 1831.
ترجمة القوانين الفرنسية
وكانت أولى الوظائف التي تولاها بعد عودته مترجمًا في مدرسة الطب، ثم نقل في 1833 لمدرسة الطوبجية (المدفعية) مترجمًا للعلوم العسكرية وظل الطهطاوى يحلم بإنشاء مدرسة عليا لتعليم اللغات الأجنبية، لتخريج المترجمين الأكفاء واستطاع إقناع محمد على باشا وسميت المدرسة "الألسن" وافتتحت في 1835م، وتولى نظارتها.
أسندت لرائد التنوير عدة مناصب منها نظارة المدرسة الحربية لتخريج ضباط أركان حرب الجيش إلى أن خرج من الخدمة، وألغيت المدرسة وظل عاطلاً حتى تولى الخديو إسماعيل الحكم سنة 1863 فعاد إلى نشاطه رغم تقدمه في السن، ومن أبرز الأعمال التي قام بها رفاعة في عهد إسماعيل نظارته لقلم ترجمة القوانين الفرنسية، كما أصدر روضة المدارس، سنة 1870.
إصدار جريدة الوقائع المصرية
لم يكتفى الطهطاوى بكل هذه الانجازات ولكن وظل جهده يتنامى بين ترجمةً وتخطيطًا وإشرافًا على التعليم والصحافة، فأنشأ أقسامًا متخصِّصة للترجمة في الرياضيات - الطبيعيات، الإنسانيات، الفلسفة، كما أنشأ مدرسة المحاسبة لدراسة الاقتصاد ومدرسة الإدارة لدراسة العلوم السياسية، وأصدر جريدة الوقائع المصرية بالعربية بدلًا من التركية، إلى جانب عشرين كتابًا من ترجمته، وعشرات غيرها أشرف على ترجمتها.