محصول المشمش فى قرية العمار يطلق عليه مفتاح السعادة لأهالي القرية وبداية لزواج البنات والشباب وسداد الديون والمستحقات، ونظرًا لقصر الفترة التي يثمر فيها المشمش وهي حوالي أربعين يومًا فقط في السنة، فيقوم الفلاحون والمزارعون بتأجيل كافة الأنشطة التي تتطلب مصروفات حتى حصاد محصول المشمش وجنى الأموال، فتم اعتماد الجملة الأساسية لسداد أي مصروفات بجملة "إن شاء الله في المشمش" أي بعد حصاد المشمش وجنى أمواله، وقد تغير المفهوم شيئًا فشيئًا وانتشر في ربوع مصر وأصبح يعبر عن صعوبة الحدوث وبعد المسافة وقصرها أيضًا، فالديون سوف تتأجل في المشمش وتتم مراسم الزواج في المشمش وشراء الأراضي والبيوت سيحدث في المشمش.
يقول الحاج "عصام"، صاحب أحد حقول المشمش بالعمار، أن مواسم الزواج والأفراح بالقرية ترتبط بجني محصول المشمش حيث تبدأ مع جني الثمار وبسبب الحالة الاقتصادية في السنوات الماضية اختفت بعض المظاهر مثل غلاء المهور وارتباط تحديد مواعيد الزواج والخطوبة مع المحصول لتعود الظاهرة من جديد هذا العام الذي شهد التعافي للمحصول تحقيق أرباح كبيرة شجعت الكل على عودة مظاهر الفرح من جديد بعد قيام المزارعين بتقطيع الأشجار القديمة وتحسين السلالات مؤكدا أن جني المشمش هو الموسم الذهبي لأهالي القرية فخلاله يعمل الكبير والصغير، ليس الفلاح فقط بل الجميع ويعتبره الفلاحون عيدا لهم.
وأضاف وهو يحتضن شجرة مشمش عتيقة، يكسوها الصمغ الذي تتشمع به الشجرة بعد مرور أكثر من 50 عامًا على زراعتها وإنتاجها الثمار، بأن هذه الشجرة بفضل الله هي من علمتني وكستني وزوجتني ورعت أبنائي، موضحًأ أنه قد ورث هذه المهنة عن آبائه وأجداده وسيورثها لأبنائه وأحفاده، قائلًا "فتحنا عينينا على المشمش ومنعرفش ومنحبش غيره"، وأنه يقوم يوميًا بالتجول في الأراضي ورعايته على أكمل وجه، مؤكدًا أن المشمش ثمرة فريدة لا تقبل الشريك، فلا يمكن بأي حال من الأحوال زراعة أي محصول بجانب تلك الأشجار العالية، حيث يؤثر ذلك على الجذور وآلية إمداد الأشجار بالعناصر الغذائية اللازمة التي تستمدها من التربة.
وأضاف أن السبب الرئيسي لاختلاف طعم ثمار مشمش العمار عن مشمش الفيوم وانتاج المزارع الجبلية، هي جودة التربة الزراعية بالعمار وقربها من دلتا النيل حيث يعمل طمي النيل القادم من السودان في إمداد التربة بعناصر غذائية فعالة، فتجد الثمار مليئة بالرطوبة وعند فتحها يكون النسيج متماسك حول البذرة ولونه أصفر مائل للحمرة وللون البرتقالي ويحتوي على "سكارة" ليس لها مثيل في أيًا من أنواع المشمش الأخرى على مستوى العالم، فمنذ عهد محمد علي ودخول زراعة المشمش لمصر فقد قام خبراء الزراعة باختبار أجود أنواع التربة في مصر لزراعة تلك الثمرة التي تحتاج لعناية فائقة، وتم الاستقرار على أراضي العمار لتتلألأ بتلك الثمار الذهبية كل عام.