لا شك أن السوشيال ميديا، أو ما يُطلق عليه "وسائل التواصل الاجتماعي" باتتْ بلا أدنى شك شريكا أساسيا في تكوين الوعي المجتمعي، فلا نستطيع أن نُغمض أعيُننَا، أو أن نصُم آذاننا عن تلك الحقيقة التي أصبحت أمرًا واقعًا ينبغي لنا التعامل معه، بالاستفادة من ميزاته وتجنُّب مساوئه وعيوبه.
نبذة عن السوشيال ميديا
هي مواقع ويب، أو عدة تطبيقات تُتيح لكل مستخدميها التواصل عن طريق وجودهم تحت مِظلة واحدة مُتشعِّبة عبر شبكة الإنترنت.
تلك الوسائل لا تَرُدُّ يَدَ طارق -كما يقال- يريد الدخول إليها، فلا قيودَ ولا شروط، فبإمكان الطفل الذي لم يتجاوز الخامسة من عمره أن يُشاهد، ويُشارك، ويَلعب كما يحلو له، وبإمكان مَن تجاوز الثمانين أن يفعل مثل ذلك أيضًا، إذن هذه الوسائل لا تُفرق بين صبي أو شيخ، أو طفلة أو عجوز، بابُها مفتوح للجميع، الكل بإمكانه أن يُنشئ حسابًا خاصًّا به عبر بريد إلكتروني وَهْمي في كثير من الأحيان، أو ربما يكون بريدًا حقيقيًّا، لا فرْق بين هذا أو ذاك.
مغريات السوشيال ميديا
تُغري وسائل التواصل الاجتماعي جميع الفئات العمرية، فهي تحتوي على مقاطع فيديو تناسب اهتمامات الجميع، ولا سيَّما الألعاب التي تأخذ بلُبِّ الأطفال حتى ينشئوا ويترعرعوا على حبها والشغف بها، فتتحول إلى ما يُشبه الإدمان الإلكتروني، ويصبح المستخدِم ألعوبة في أيدي مثل تلك الألعاب.
مزايا السوشيال ميديا
تتميز مواقع التواصل الاجتماعي بأهم شيء يجذب إليها قاعدة عريضة من المستخدمين، إنه بلا شك "المجانية"، فمعظم مواقع الويب لا تُحمِّل مستخدميها أيَّ أعباء مالية إلا الاشتراك في باقة الإنترنت، كلُّ حسب استخدامه، فبإمكان أبنائنا الطلَبة أن يصلوا إلى عشرات أو مئات بل آلاف المعلمين المُتخصصين في كثير من المواد التعليمية، والاستفادة منهم كيفما يُريدون، وبإمكان المعلم أيضًا أن يبحث عن أفضل طريقة لشرح مادته؛ وذلك باستخدام تلك المواقع.
بإمكان الطبيب أن يستفيد من السوشيال ميديا في مجاله، كما يستطيع المهندس أن يُطوِّر من عمله كذلك بالبحث عن مقاطع تخُصُّ مجال الهندسة، بإمكان مَن ينظر إلى نصف الكوب الممتلئ أن يغتنم من تلك الوسائل أو الوسائط خاصةً والإنترنت عامةً المغانم والفوائد.
جرائم وفضائح السوشيال ميديا
لا يَخفى على ذي لُبٍّ أنَّ هذا الكمَّ الهائل الموجود عبر وسائل التواصل الاجتماعي دون رقابة أو قيد يُتيح الفرصة لانتشار كثير من المعلومات المغلوطة، والأخبار التافهة؛ مما يؤدي إلى إهدار الوقت بلا فائدة، كما لا يخفى انتشار كثير من جرائم الإنترنت الموجودة بكثافة عبر معظم تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، ومن بين هذه الجرائم ما عُرِف مؤخرًا بـ الدارك ويب، الذي وقع ضحيته طفل شبرا الخيمة، بالإضافة إلى نشر الفِسق والفجور عبر فيديوهات تُعرض على مواقع "تيك توك"، و"فيسبوك"، أو حتى "يوتيوب".. رأينا مشاهد لا تليق بالأسرة المصرية؛ إذ استغلَّت بعض الفتيات مثل هذه المنصات في عرْض مفاتنها من أجل جَنْي المال ضاربةً بعُرْض الحائط قيمنا التي تربينا عليها في مجتمعنا الشرقي، بالإضافة إلى تجاوزات الألفاظ والأفعال والإيماءات التي لا ينبغي لنا أن نغُضَّ الطرف عنها، ما يجعل أمامنا تحديات كبرى نحو فرْض الرقابة فرضًا يحافظ لنا على ما تبقَّى من قِيَم ومبادئ.
اقرأ أيضًا:
https://www.albawabhnews.com/4442114
https://www.albawabhnews.com/4720329
السوشيال ميديا والعلاقات الاجتماعية
تلك هي النقطة الأهم، فمع انتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تزعزعتْ أركان البيت، وتفكك الرباط الأُسري فنجد الأب والأم والأبناء، كل منهم يجلس بصحبة الهاتف أو الكمبيوتر أو الآيباد في رحلة عبر عالَم افتراضي يعزله عن الجميع، فلن تجد رحمًا موصولة أو أسرة يحفها الدفء والحنان كما كان في سالف العصر والأوان.
خلاصة القول
للسوشيال ميديا مزايا وعيوب، ولكن العَيِي الشقي التعيس هو مَن يترك هذه الوسائل أو الوسائط تتحكم فيه كيفما شاءت، والكيس العاقل هو مَن يحصل على ما يُفيده دون شغَف زائد قد يصرفه عن الصواب، ويجعله ألعوبة في يد هذه الوسائل.