خليل الدقران:
الوضع الصحي في غزة كارثي.. ونحتاج إلى طواقم طبية وفتح مستشفيات ميدانية
نواجه أعدادا كبيرة من المصابين والجرحى ولدينا عجز كامل في الأدوية ومستلزمات العلاج
حرب الإبادة ورائحة الموت تنتشر في كل مكان.. و10 آلاف مريض سرطان بحاجة ماسة للسفر
حذر المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح، الدكتور خليل الدقران، من وقوع كارثة صحية ومن خطورة الصعوبات التي تواجههم في ظل العدوان الإسرائيلي، وقال إن وضع المستشفى "كارثي" مشيراً إلى أنهم يبحثون عن الحفاظ على الأرواح مع شح المستلزمات الطبية والأدوية والوقود، ووسط حالة من الاكتظاظ وارتفاع عدد الإصابات الخطيرة جراء استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وقال المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى، في حواره لـ"البوابة"، إن حرب الإبادة ما زالت مستمرة من جيش الاحتلال من خلال استهداف المواطنين وهم آمنون في كل مكان في قطاع غزة، وقد أقدم جيش الاحتلال منذ 10 أيام علي اجتياح محافظة رفح وقام بإغلاق معبر رفح ومنع وصول المساعدات ومنع سفر المرضي للعلاج بالخارج حيث يوجد 11 ألف مصاب يحتاجون لتلقي العلاج بالخارج إلي جانب 10 آلاف مريض سرطان" مشيراً إلى أن الكثير من الجرحى بحاجة ماسة للسفر للخارج.
وأوضح الدقران أن السعة السريرية بالمستشفى زات بنسبة 1000% بسبب الأعداد الكبيرة من المصابين، رغم قلة الأدوية وإنهاك الطواقم الطبية، وهو ما أثّر بشكل كبير على سير العمل. وإلي نص الحوار..
في البداية.. ما وضع مستشفي شهداء الأقصي؟
الوضع صعب جدا ومنذ عدة أيام نعاني من نقص الوقود ونحن علي أبواب انتهاء كمية الوقود اللازمة للمولد الموجود في المستشفي خلال 24 ساعة ، ومستشفى شهداء الأقصي في مدينة دير البلح وهو المستشفي الوحيد في المحافظة الوسطي والذي يخدم كل المحافظات في غزة الآن، وانقطاع الكهرباء يثير خطرا كبيرا علي المرضي وخاصة المرضي في العناية المركزة وقسم الحضانات للأطفال، وهؤلاء الأعداد الكبيرة سيجرى تحويلهم إلي قافلة الشهداء إذا انقطعت الكهرباء.
ما حجم الخدمات التي يقدمها المستشفى؟
يوجد الآلاف من النازحين مقيمين بالمستشفى، وضعهم مأساوي جدا لعدم وجود أماكن الي جانب نزوح عدد كبير من رفح إلي دير البلح عقب عمليات جيش الاحتلال داخل مدينة رفح، أما عن داخل المستشفى أقسام المستشفى ممتلئة عن بكرة أبيها بالمصابين ولايوجد مكان لأي مصاب آخر، وينام علي السرير الواحد في قسم الاطفال من 4 إلى 5 أطفال حتى قسم الاستقبال ممتلئ بالمصابين، وأي مصاب يصل إلى قسم الاستقبال يجرى التعامل معه على مدخل القسم لعدم وجود أسرة وأدوية ومستلزمات طبية إلى جانب عدم وجود وقود، وهذا الأمر يؤدي إلى كارثة صحية داخل المستشفى.
ما تأثير غلق معبر رفح عقب استيلاء قوات الاحتلال عليه من داخل الجانب الفلسطيني بالنسبة للوضع الصحي في القطاع؟
هذا يشكل خطرا كبيرا على المرضي الذين ينتظرون السفر للخارج لتلقي العلاج ولدينا في القطاع أكثر من 11 ألف مصاب يجب تحويلهم إلى الخارج للعلاج إلى جانب يوجد 10 آلاف مريض بالسرطان هؤلاء جميعا يلزمهم العلاج بالخارج والآن منع جيش الاحتلال سفر هؤلاء المرضى للخارج يشكل خطرا كبيرا علي حياتهم.
ما الذي يعنيه تحديدا انقطاع الوقود في مستشفي شهداء الأقصى؟
انقطاع الوقود عن هذا المستشفي يعني أن يخرج المستشفي عن الخدمة الصحية بجميع أقسامها حيث إن المرضي في العناية المركزة يلزمهم التيار الكهربائي باستمرار خاصة أنهم علي أجهزة التنفس الصناعي، كذلك الأطفال الخدج وأقسام العمليات سيجرى إيقافها بالكامل كذلك مرضي الغسيل الكلوي خاصة بعد خروج مستشفي أبويوسف النجار في مدينة رفح من الخدمة الصحية لذلك ازداد أعداد المرضي في مستشفي شهداء الأقصى إلي حوالي خمسة أضعاف من المرضي الذين كنا نتعامل معهم ونقدم لهم الخدمة الطبية لذلك نفاد الوقود يصل إلي الحكم بالإعدام علي هؤلاء المرضي وسينضم هؤلاء المرضي في عدة أيام من نفاد الوقود إلي قافلة الشهداء أن الوقود هو عنصر أساسي في تشغيل المولد اللازم لوصول التيار الكهربائي إلي جميع أقسام المستشفي.
كيف أثّر توافد أعداد كبيرة من النازحين إلى وسط غزة وزاد من الضغوط الواقعة عليكم؟
مستشفى شهداء الأقصى، في مدينة دير البلح، هو المشفى الرئيسي في المحافظة الوسطى من قطاع غزة، بعد خروج أغلب مستشفيات غزة من الخدمة الطبية وباقي المستشفات علي أعتاب الانهيار، لذلك يستقبل المستشفي المرضي من كل محافظات الجنوب محافظة خان يونس ورفح فقط بعد وضع عزل بين محافظات الجنوب والشمال في القطاع، لذلك هذا المستشفي ومحافظة دير البلح اكتظاظ بالنازحين عقب اجتياح محافظة رفح من قوات جيش الاحتلال وأعداد المصابين التي تصل إلينا لانستطيع في هذا المستشفي أن نستقبل هذه الحالات وخاصة أن المستشفي ممتلئ عن بكرة أبيها بالمرضي الوضع كارثي بمعني الكلمة في داخل مستشفي شهداء الأقصي.
كيف تتعاملون مع هذا العدد الكبير من الجرحى والإصابات الخطيرة، في ظل قلة غرف العمليات والطواقم الطبية؟
التحدي الأكبر يكمن في أن الإصابات تصلنا بأعداد كبيرة مرة واحدة، وطبيعة ما يصلنا من إصابات لانمتلك الامكانيات للتعامل معها وخاصة في ظل أننا نعاني من شح كبير في المستلزمات الطبية والوقود، ولذلك نحن من هذا المكان نناشد العالم والمجتمع الدولي والمنظمات العالمية بالضغط علي جيش الاحتلال لفتح معبر رفح وإرسال المساعدات الطبية والأدوية والوقود وكذلك إرسال الطواقم الطبية لفتح مستشفيات ميدانية بقطاع غزة لأن جميع مستشفيات قطاع غزة خارج الخدمة الصحية حتي ولو ما زالت تعمل فهي تقدم القليل بسبب الحرب المستمرة علي المنظمة الصحية في قطاع غزة. وهناك الكثير من الجرحى في باحات المستشفى والممرات، نحن لا نبحث عن تقديم خدمة بقدر محاولة الحفاظ على الأرواح، وللأسف الشديد اضطررنا لاستخدام أسلوب المفاضلة، فمن نستطيع إنقاذ حياته نُدخله إلى غرف العمليات، والبقية ينتظرون. أما بخصوص معاناة الطاقم الطبي، فحدث ولا حرج، فهو يبذل ما بوسعه، لكن ما يتعرض له من أمور إنسانية أمرٌ مفجع، فأفراد الطواقم الطبية يتفاجأون بأفراد أسرهم شهداء وجرحى داخل المستشفى، وهذا يثقل كاهلهم، ومن يُقدم الخدمة الطبية أصبح يحتاج إلى خدمة، كما أننا نُبقي الطواقم التي لا يمكن أن نستغني عنها في المستشفيات، بعضهم لم يغادر منذ شهور كامل، لأننا نحتاجهم في أي لحظة.
من واقع الإصابات هل هناك أسلحة جديدة تستخدمها قوات الاحتلال؟
نعم، إن طبيعة الجروح معقّدة، فعلى ما يبدو أن الأسلحة المستخدمة من قبل إسرائيل جديدة وغريبة، أيضاً هناك إصابات حروق تصلنا لم نشهدها من قبل، حروق مُعقدة تُذيب أعضاء الأطفال، أستطيع القول إن الوضع في المستشفى كارثي، نعم نحن نستقبل الجرحى، لكن نوعية الخدمة ضئيلة أمام هذا الاحتياج الكبير.
ولدينا الكثير من الجرحى بحاجة ماسة للسفر للخارج، لدينا جروح معقّدة وكسور معقدة، وتحتاج لتدخلات من أكثر من تخصص في لحظة واحدة.
هل هناك خدمات أخرى تقدمونها للمرضى من غير المصابين؟
بالتأكيد، لكنها قلية فمرضى غسل الكلى، على سبيل المثال، نحن نخدمهم على حساب الكادر والفلاتر، فالأصل أن لكل مريض فلترا، لكننا نضطر إلى تعقيم الفلاتر التي لا يجوز تعقيمها بعد استخدامها لمرضى آخرين.
وهناك مشكلة أخرى في حضانات الأطفال الخدّج من حيث القدرة الاستيعابية، فهناك يضعون في كل حضانة أكثر من طفل، ويشربون حليباً مصنوعاً من مياه غير صالحة للشرب، وهذا سينعكس مستقبلاً على صحة هؤلاء الأطفال بعد انتهاء الحرب.