وافق مجلس النواب بجلسته، اليوم الاثنين، على مشروع القانون المقدم من الحكومة بإصدار قانون تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية وخلال المناقشات أصر عدد كبير من النواب بمختلف انتماءاتهم الحزبية على تخفيض نسبة الأطقم الطبية في المنشآت الصحية القائمة بالفعل لتصبح بنسبة لا تجاوز ١٠% بدلاً من ٢٥% من إجمالي عدد العاملين بها، وهي النقطة المفصلية المثار حولها جدل من جانب البرلمان ونقابة الأطباء.
أعدته وزارة الصحة والسكان
أعد مشروع قانون تراخيص المنشآت الطبية الخاصة وزارة الصحة والسكان وسلمته لرئاسة الوزراء لتقديمه لبرلمان، ليكون بديلا عن القانون رقم ٥١ لسنة ١٩٨١ وتعديله بالقانون رقم ١٥٣ لسنة 2004.
هناك عدد من البنود في مشروع القانون كانت محل جدل، بين نقابتي الاطباء والأسنان ووزارة الصحة، بسبب بعض الاشتراطات الصارمة في إصدار التراخيص والذي اعتبروه تهديد لاستمرارية الخدمة الطبية واستقرارها.
فصول قانون المنشآت الطبية الخاصة
استعرض مشروع القانون في فصله الثاني 10 أنواع من المنشآت الطبية الخاصة، وهم العيادات الخاصة، العيادات متعددة التخصصات، مركز الأشعة، مركز الرعاية الصحية الأساسية وصحة الأسرة، المركز الطبي التخصصي، المركز الطبي العام، مركز جراحة اليوم الواحد، مركز خدمات نقل الإسعاف، المستشفى الخاص، دار النقاهة.
وحدد المشروع في فصله الثالث مدة ترخيص المنشأة الطبية، لتصبح 6 سنوات للعيادات الطبية الخاصة، و3 أعوام لسائر المنشآت الطبية الخاصة، مع إجازة تجديدها مرة أخرى، إلى جانب إنشاء وحدة إدارية مختصة من الوزارة لتيسير إجراءات ترخيص المنشآت الطبية الخاصة، وتولي منح الموافقات والتراخيص وتسمى "مركز ترخيص المنشآت الطبية الخاصة".
وأجاز في فصله الخامس للمنشآت الطبية الخاصة الأجنبية من إنشاء فرع لها في مصر، شريطة استيفاء الشروط الفنية للازمة لتشغيل المستشفى الأم بالخارج، ويحدد الوزير عدد الكوادر الطبية والفنية في المستشفى.
فيما نظم في فصله السادس العمل بالمنشآت الطبية الخاصة من خلال مجموعة من الشروط، أبرزها الحصول على موافقة جهة العمل الحكومية للعمل في المنشآت الخاصة، كما أجاز لغير المصريين من الكوادر الطبية العمل بها.
وحدد في فصله السابع رسوم التراخيص وآليات التسديد، وأنشأ في الفصل الثامن صندوق رعاية مقدمي الخدمات الصحية، وتحديد الجزاءات والعقوبات في الفصل التاسع والأخير.
كما حدد مشروع القانون في فصله السادس أن يكون من ضمن اشتراطات الحصول على التراخيص أن يكون الطبيب حاصلاً على موافقة جهة العمل إذا كان يعمل في القطاع الحكومي وفقًا للقوانين والقواعد المنظمة لذلك بجهة العمل.
وحدد القانون في فصله التاسع عدة عقوبات على أخطاء ومخالفات إدارية بالحبس والغرامة، كما جاء في القانون مغالاة وزيادة في رسوم التراخيص مع فرض شروط جديدة وصعبة حيث وصلت الرسوم الخاصة بدار النقاهة لـ 10 أسرة بـ 100 ألف جنيه.
كما أن مشروع القانون وضع شرط أن يكون للمركز الطبي مدخل خاص به.
وأعطى مشروع القانون في فصله الخامس الحق للمنشآت الطبية الأجنبية إمكانية إنشاء فرع لها في مصر بشرط أن تكون مستوفية للشروط الفنية وأن يقوم الوزير بتحديد الكوادر الطبية بالمستشفى.
نقابة الأطباء: أين محدودي الدخل؟
قبل مناقشة القانون والموافقة عليه بشكل نهائي بيومين، خاطبت نقابة الأطباء البرلمان، وأبدى أسامة عبد الحي، نقيب الأطباء في كتابه إلى مجلس النواب ترحيب نقابة الأطباء بتشجيع القطاع الخاص للمشاركة في تقديم الخدمات الصحية، مصرا على مطالبة النقابة مراراً بتذليل العقبات وتقديم التسهيلات للمستثمر المصري والأجنبي نحو إنشاء وإقامة مستشفيات خاصة جديدة تضيف إلى الخدمة الصحية، وليس بتأجير المستشفيات الحكومية القائمة والتي تقدم خدماتها للمواطن المصري وبالأخص محدود الدخل.
كما سرد "عبد الحي" أبرز هذه الاعتراضات على القانون منها: الإضرار بالمواطن المصري محدود الدخل موضحاً أن الهدف الرئيسي للمستثمر هو الربح والذي فكت الحكومة قيوده في مشروع القانون ليقدم الخدمة الصحية للمواطن بدون حد أقصى بسعرها.
وأشار نقيب الأطباء أن قانون الحكومة يهدد استقرار ٧٥% من العاملين بالمنشات الصحية التي تنوي الحكومة تأجيرها، حيث أن القانون أتاح للمستثمر أن يستغني عنهم وأن يعاد توظيف هولاء العاملين من الأطباء والتمريض والإداريين بمعرفة وزارة الصحة في أماكن أخرى.
وأوضح نقيب الأطباء في خطابيه إلى رئيسي مجلس النواب ولجنة الصحة، أنه لا يوجد بمشروع قانون الحكومة أية ضمانات لالتزام المستثمر بالنسبة المحددة لعلاج مرضى التأمين الصحي ونفقة الدولة، متسائلاً هل ستلزم الحكومة المستثمر أن يبقي على الدوام هذه النسبة شاغرة لهولاء المرضى!.
وأثار عبد الحي في كتابه تخوف نقابة الأطباء من جلب المستثمر لأطباء من خريجي جامعات غير معترف بها من المجلس الأعلى للجامعات والتي قررت نقابة الأطباء في جمعيتها العمومية عدم قيدهم بسجلاتها، موضحاً ذلك بأن مشروع القانون أجاز لوزير الصحة أن يمنح ترخيص مزاولة مهنة الطب للأطباء الأجانب للعمل فقط داخل المنشأة التي يستأجرها المستثمر، متخطياً بذلك الإجراءات المعمول بها في منح ترخيص مزاولة مهنة الطب للأجانب والمنصوص عليها في القوانين السارية المتعلقة منها قانون نقابة الأطباء رقم ٤٥ لسنة ١٩٦٩ وقانون مزاولة مهنة الطب رقم ٤١٥ لسنة ١٩٥٤ وتعديله بالقانون ١٥٣ لسنة ٢٠١٩.
الاستثمار الأجنبي
من جانبه أشار ابو بكر القاضي، الأمين العام لنقابة الأطباء، إلى أن المادة الخاصة بالمستشفيات الأجنبية محل جدل بالفعل، قائلا: نحن مع الإستثمار الأجنبي ولكن ليس مع قيام مستشفيات عالمية على أرض مصرية بأطباء من الخارج، مشبها هذا الأمر بأن هذا إهدارا لرؤس أموال المصريين وتحويلها للخارج.
وكانت نقابة الأطباء قد أوضحت في بيان لها أن القانون رقم 51 لسنة 1981 وتعديله بالقانون رقم 153 لسنة 2004 هو قانون جيد ولا يحتاج إلا إلى تعديل مادتين فقط وإضافة ثلاث مواد علي الأكثر ليصبح مواكب لواقع المنشآت الطبية.
كما أشارت النقابة إلى أن مشروع القانون يزيد من مشاكل القطاع الخاص في تأدية الخدمة الطبية، ويفتقر إلى أساسيات التعريف من حيث الخلط بين المنشأة الطبية والمنشأة الصحية، فضلا للتعرض لتعريفات وأمور تخص الممارسة الطبية والمسؤولية الطبية بما يوحي بعدم وضوح رؤية معد المشروع، على حد وصفها.
بحسب النقابة أيضا قد اشتمل مشروع القانون علي رسوم تصل إلى عشرات الآلاف علي القوافل الطبية والعيادات المتنقلة في مادة يعجز من يطالعها عن فهم المراد منها.
البرلمان ينفي بيع المستشفيات الحكومية
نفى المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، أن الحكومة تقدمت بمشروع قانون تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغل وتطوير المنشآت الصحية، من أجل البدء فى بيع المستشفيات الحكومية والإضرار بمصالح المواطنين، هو مجرد إدعاء.
وأكد بعد الموافقة على مشروع القانون المقدم من الحكومة خلال الجلسة العامة اليوم، أن الهدف هو تطوير المستشفيات الحكومية ليس بالبيع، وإنما بالانتفاع ولمدة أقصاة 15 عام، والانتفاع بالمرافق العامة بمنح الالتزام ليس ابتداع أو وليد اليوم وإنما هو حكم درجت عليه الدساتير المصرية أخرها الدستور الحالى فى المادة (32) منه.
وأوضح رئيس مجلس النواب، أن تشجيع الدولة على مشاركة القطاع الخاص في خدمات الرعاية الصحية هو التزام دستورى وفقاً للمادة (18) منه.