فى الوقت الذى لجأت فيه الحكومة قطع الكهرباء لتخفيف الضغط على موازنة الدولة وتوفير 600 مليون دولار شهريًا، غفلت الدولة كنز الطاقة المفقود، الذى بمثابة عصاة سحرية قادرة على تجنب الخسائر التى يتكبدها الاقتصاد المصري نتيجة قطع الكهرباء خاصة بالقطاعات الحيوية كالبورصة المصرية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تراهن عليها الدولة فى دعم الاقتصاد بالإضافة إلى تجنب الاضرار التى قد تضرب شبكات توزيع الكهرباء نفسها ما يضمن سلامة البنية التحتية للشبكة العامة
حل الأزمة ليس بجديد ولكنه يحتاج إلى تكتيك مختلف فقد أصبحت الطاقة الشمسية من مصادر الكهرباء المثالية في الوقت الحالي وخاصة أنها من مصادر الطاقة النظيفة غير ملوثة للبيئة وهذا ما جعلها تكسب صفة الأمان البيئي والثقة الكبيرة، كما أن التقنيات التي سوف تستخدم فيها تعتبر بسيطة مقارنة مع مصادر الطاقة الأخرى.
ووفقا لتقديرات الخبراء تبلغ تكلفة محطة طاقة شمسية بقدرة 5 ك.وات/ساعة تنتج حوالي 750 ك.وات/شهر، تكون تكلفة المحطة حوالي 88،000 جنيه.
أما محطة أكبر بقدرة 10 ك.وات/ساعة تنتج حوالي 1600 ك.وات/شهر بتكلفة 150،000 جنيه تقريبا
قد يبدو المبلغ ضخما للوهلة الأولى خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التى تعيشها الأسر المصرية فى الوقت الراهن، ولكن ماذا لو أطلقت البنوك مبادرة على غرار التمويل العقاري بمنح قروض متوسطة الأجل وبسعر فائدة مقبول، فتلك الخطوة ستكون متعددة الفوائد ففى الوقت الذى ارتفعت فيه حجم الودائع بالبنوك إلى 6.367 تريليون جنيه بنهاية يناير 2024 ما يعنى مزيدا من الصغوط على البنوك قد تلجأ بسببها لإيقاف العمل بالمُنتجات المصرفية مرتفعة العائد، بسبب زيادة تكلفة الأموال لديها، فيمكن للبنوك منحها كقروض للأفراد لتصنيع وحدات طاقة شمسية بالمنازل مع نظم سداد ميسرة لا تتخطى5 سنوات
ليست البنوك الرابح الوحيد من مبادرة الطاقة الشمسية فستكون الحكومة الفائز الأول لترفع عن كاهلها جزءا كبيرا من عبء الموازنة العامة الخاص بدعم الوقود البالغة 119.4 مليار جنيه، وتقليص خسائر قطاع الكهرباء والتى وصلت وفقًا لتقديرات الحكومة إلى 75 مليار جنيهًا سنويا بعد رفع أسعار الكهرباء لتمحو تلك المبادرة أزمة خسائر القطاع من جهة وتريح كاهل المواطن من الفواتير التى تلاحقه طوال الوقت.
أما عن تقنية صناعة وحدات الطاقة الشمسية فيوجد فى مصر القليل من الشركات العاملة فى ابمجال إلى جانب الهيئة العربية للتصنيع ومن هنا تفتح المبادرة مجال جديد فى ريادة الأعمال حيث تمن الشباب من تأسيس تلك النوعية من الشركات لتصنع اقتصادا جديدا يمنح المزيد من فرص العمل والقضتء على البطالة يتم تكويد تلك الشركات لدى البنوك المانحة عبر اتفاقيات عمل لتوفر على المواطن عبء البحث عن الشركات المنفذة وضمان سرعة التنفيذ
أما عن الخامات المستخدمة فقد وهب الله مصر احتياطى من الرمال البيضاء يقدر بنحو نصف مليار طن، فى جنوب سيناء وحدها بمنطقة هضبة الجنة وأبوزنيمة احتياطى 268 مليون طن، ويعتبر مركز أبو الرياش شمال سيناء الأول عالميا من حيث الجودة، وفى منطقة وادى قنا احتياطى يقدر بنحو 260 مليون طن، وفى منطقة شمال سيناء 120 مليون طن، وبوادى الدخل بقنا 27 مليون طن، كما يعد بحر الرمال العظيم بالمنطقة الغربية الذى يقع على مساحة 72 ألف كيلومتر ثانى أكبر منطقة مغطاة بالرمال فى العالم.
وتصدر مصر الطن الخام من الرمال البيضاء بنحو 20 دولارا، والذى يعاد بيعه للمستهلك بأكثر من 150 دولارا بالدول المتقدمة فى صناعة التكنولوجيا كأمريكا والصين وغرب أوروبا، وبعد تصنيعه على شكل زجاج يصل سعر الطن إلى 1000 دولار، وباستخراج عنصر السيليكا منه لاستخدامه فى الخلايا الشمسية يصل إلى 10 آلاف دولار، وتتجاوز قيمته فى صناعة الرقائق الإلكترونية الـ 100 ألف دولار.
صفقة رابحة لجميع الأطراف قد يكون الامر أكثرا تعقيدا إلا أنها فى النهاية قد تكون مبادرة ناجحة تضمن الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية للبلاد وتخفف الضغط على موازنة الدولة وتقلص خسائر قطاع الكهرباء وتساعد فى دعم البنوك عبر الاستثمار وترفع عن كاهل المواطن مبلغ وقدره فى نهاية كل شهر بل قد يمتد الأمر إلى أن تصبح المنازل البسيطة مُصّدر للطاقة النظيفة للحكومة.