الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ورغم مظاهر الأبهة والعظمة ما زالت "إيران فوق بركان"!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى كثير من الأحيان تقع أحداث يعتقد الكثير انها صدفة ولكن هى فى حقيقتها فعل قدرى لاداء رسالة تحملها هذه الصدفة.. مثلا، حكى الأستاذ "هيكل" انه شاء حظه  أن يكون أول مدرس له في المدرسة  الابتدائية هو الشاعر الكبير علي الجندي وذكر انه  عندما جاء  الشاب محمد رضا بهلوى ولى عهد إيران،  ليخطب الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق  كتب الأستاذ الشاعر قصيدة تهنئة بهذه المناسبة ووقع اختياره على التلميذ "محمد حسنين هيكل" لكى يلقي هذه القصيدة  وبالفعل القاها  بجدارة ولم يكتف بذلك ولكنه  حفظها ومن هذا التوقيت أدخل هذا الأستاذ الشاعر فى  خيال ووجدان  التلميذ الصغير  "ايران" وأصبحت جزء من شبابه  وأول كتاب صدر له وعمره ثلاثة وعشرون عاما  كان  "ايران فوق بركان".

هذا الكتاب كان حصيلة شهر عاشه في إيران  وسافر فيه إلى كل أنحائها من الشمال إلى الجنوب وكان من أكثر الكتب رواجا في تلك الأيام.. ولانه كان يشتغل فى وظيفة المراسل المتجول في الشرق الأوسط لجريدة أخبار اليوم اصبح واحدا من الذين يعتبون على العقل العربي قبوله السهل والسريع لثنائية الأبيض والأسود التي استحوذت عليه طويلا وامسكت به أسير أحد موقفين لا ثالث لهما 

الروح أو المادة، العلم أوالفن، الحب أو العقل، المال أو الجمال، الاصالة أو المعاصرة  وهكذا.. ثنائيه باستمرار، حاده وقاطعه، لا تحتمل اي تنوع.. وعندما كتب انطباعاته عن شاه ايران محمد رضا بهلوي فى كتابه زيارة جديدة للتاريخ كتب عنوان  عرش الطاووس.. وكل  الدروس المنسية.. وذكر انه ركب الطائرة في شهر مايو١٩٧٥ ذاهبا إلى طهران وحين وصل نازلا إلى آخر درجة من سلم الطائرة فى مطار "مهرباد" استقبله وزير إعلام الشاه، وخرج من المطار في موكب رسمي، تتقدّمه سيارات المرسيدس ودراجات الشرطة،  مما جعله يشعر بالحرج حين كانت تطلق سيارات الشرطة المرافقة أبواقها مع صيحات بكلمات عربية مفهومة "توقف كن" مما جعله يطلب من وزير الإعلام ان يعفيه من هذا الموكب بعد أن شعر بالضيق والخجل من صفارات المقدمة وصخب الدراجات البخارية على الجانبين لكن الوزير قال له انه لا يستطيع لانها أوامر صاحب الجلالة.

وفى اليوم الرابع لزيارته لايران استقبله الشاه في قصر "نيافاران"، وبادره بالقول: "لم نعد فوق بركان.. ملمحًا إلى كتابه "ايران فوق بركان".. وسأله قل ماهى انطباعاتك...  فأجابه بأنه يحتاج لفترة أطول ليستوعب المشهد كله.

وقد تحدث الأستاذ" هيكل" عن تفاصيل  اللقاء  والموضوعات الكثيرة التى دارت خلاله ومنها حديث شاه ايران عن  الملوك والرؤساء الذين قابلهم وذكر أن الرئيس السادات تربطه صداقة وثيقة به وقال  انه  اجتاز  أصعب امتحاناته اما السادات فلا يزال يمتحن كل يوم.

وحين غادر الأستاذ  "هيكل" طهران بعد هذه الزيارة، ورغم كل ما شاهده وسمعه ورآه، من مظاهر الأبهة والعظمة الخلابة، كان قد ترسّخت لديه قناعته السابقة بأنه  مازالت  "إيران فوق بركان"، وهو ما تأكّد فعلًا بعد ثلاث سنوات عندما قامت الثورة الإيرانية!. 

الأغرب من كل هذا انه  بعد كل هذه الأعوام الكثيرة التى مرت على الثورة الإيرانية.. مازالت أيضا "إيران فوق بركان".

"الأسبوع القادم باذن الله احدثك عن بعض روايات فازت بالجائزة العالمية للرواية العربية"