دخل الذكاء الاصطناعى فى كل مجالات الحياة، ويوميًا هناك الجديد من التطبيقات التى تخدم البشرية وتوفر الوقت والجهد والمال. وفى هذا المقال نركز على تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى مجال التعليم الطبي، وفى التشخيص والعلاج للأمراض، وفى إدارة المنظومة الصحية.
أولًا: تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى مجال التعليم الطبي،
ساعد الذكاء الاصطناعى فى إعداد المناهج الدراسية المتكاملة، وفى طرق التدريس والتدريب ووسائل تقويم الطلاب.
(أ): إعداد المناهج الدراسية،
باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح من الممكن تكوين المحتوى العلمى لمنهج متكامل عن أى جهاز فى الجسم (الجهاز الهضمى أو الدورى أو العصبى أو وغيره) فى جلسة واحدة، بعدما كان ذلك يستغرق عدة اشهر. المنهج يتم تجميعه من عدة مراجع علمية تم إدخالها الى الكمبيوتر، والذى يقوم بواسطة البرمجة بالتنسيق والصياغة باسلوب علمي، والإشارة إلى المراجع العلمية الصحيحة.
(ب) طرق التدريس،
يمكن الآن إجراء المناقشات مع الكمبيوتر المتحدث (الشات GPT) كبديل عن الأستاذ المحاضر. يمكن التحدث وتوجيه الأسئلة إلى الكمبيوتر أو الربوت، ويقوم الكمبيوتر بالإجابة على الأسئلة بحجج علمية، بل يقوم بعرض الرأى والرأى الاخر، وتقديم تحليل نقدى مبنى على الدليل العلمى كأحسن مايقوم به الأساتذة.
(ج) طرق التدريب فى معامل المهارات،
دخل الذكاء الاصطناعى فى تصنيع الأجهزة الحديثة التى نستخدمها فى محاكاة تشبه التدريب على الإنسان، داخل معامل المهارات. فأصبح متاحًا الآن جهاز محاكاة لإنسان يتكلم ويناقش الطالب دون الحاجة إلى مريض (مثل جهاز المحاكاة المتكلم "اليكس"). وهناك دمية محاكاة لولادة طبيعية (تسمى لوسي)، وموديل محاكاة لإنسان فى حادث، أو فى حالة طوارئ ويحتاج لمحاكاة تدخل الأطقم الطبية فى مسرح الحادثة (sim man)، وغيره من أجهزة المحاكاة التى تشبه إلى حد كبير جسم الإنسان ووظائفه الحيوية.
(د) طرق التقويم،
دخل الذكاء الاصطناعى فى طرق تقييم الطلاب (بطرق موضوعية). فيمكن الآن إعداد امتحان اختيار من متعدد، مخصص لكل طالب على حدة، ويقوم الكمبيوتر بتصحيح الامتحان ورصد الدرجات فى الكنترول فور الانتهاء من أداء الامتحان.
ثانيًا: تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى الاكتشاف المبكر للأمراض،
أحدث الذكاء الاصطناعى ثورة حقيقة فى التنبؤ والاكتشاف المبكر للأمراض، خاصة فى مجال الأشعة التشخيصية أو تحاليل الصور فى عينات الأنسجه والخلايا والدم، أو فى اكتشاف تغيرات فى رسم القلب أو رسم قلب الجنين أثناء الولادة، أو فى إكتشاف أى خلل طفيف فى الوظائف الحيوية. أصبح بالإمكان اكتشاف التغيرات الأولية لسرطان الثدى والمبيض وعنق الرحم والرئة والمثانة والكلى وغيرها، قبل ظهور المرض بعدة أشهر وربما بعدة سنوات، بواسطة برامج ذكية تكشف التغيرات الأولية قبل ظهور المرض.
ثالثا: المساعدة فى طرق العلاج الحديثة والمتابعة،
بعد تغذية الكمبيوتر بكل الإرشادات المعيارية (guidelines)، وأفضل طرق وبرتوكولات العلاج، أصبح بالإمكان أن يقوم الكمبيوتر بالمساعدة فى رسم خطة متكاملة للعلاج، وتقييم مدى نجاحها من خلال البيانات التى يتم تغذيتها، وتقديم بدائل للعلاج. كما يمكن باستخدام الذكاء الاصطناعى تصميم العلاج الشخصى لكل فرد على حده والمعروف باسم (Personalized Medicine).
رابعًا: إدارة المنظومة الصحية وتسجيل المرضي،
ساعد الذكاء الاصطناعى فى تنظيم عمل المنظومة الصحية فى بلدان كثيرة، من خلال تسجيل البيانات الشخصية والحالة الصحية لكل مريض فى السجلات الالكترونية الذكية. ومن خلال هذه البيانات الكبيرة، أمكن دراسة الحالة الصحية للمجتمعات، ومعدل انتشار الأمراض الوبائية. أمكن أيضا توجيه المرضى إلى الذهاب إلى الطبيب المعالج، أو إلى المستشفى عند تسجيل أو إضافة أعراض جديدة للسجلات.
وأخيرًا، نشكر العقل البشرى الذى اخترع الذكاء الاصطناعى لخدمة الإنسان والمساعدة فى علاجه ومتابعته من خلال البيانات التى يتم إدخالها على أجهزة ذكية تقوم بالتحليل والتطبيق ومساعدة الفرق الصحية.
ونؤكد أن الذكاء الاصطناعى ليس بديلًا، ولن يكون بديلًا عن العقل البشري، وليس بديلًا عن الطبيب والممرضة وأطقم الرعاية الصحية. ولكنه إضافة مذهلة يمكن للإنسان استخدامها لتقليل الوقت والجهد، وتوفير الأموال، وتحقيق رفاهيه أكثر لحياة الإنسان.
د.السعيد عبدالهادي: رئيس جامعة حورس