علقت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على حفاوة استقبال الرئيس الصيني شي جينبينج لنظيره الروسي فلاديمير بوتين في بكين، ورأت أنها رسالة إلى دول الغرب بأن دعمه لروسيا مازال قويا،بالرغم من أن هذه القمة الثنائية كانت بعد أيام فقط من رحلة جينبينج إلى أوروبا التي شدد خلالها الجانب الأوربي على ضرورة كبح جماح روسيا.
ووصفت الصحيفة - في تقرير على موقعها الإلكتروني،اليوم"السبت"- ترحيب جينبينج الشديد ببوتين بأنه "واقع غير مريح بالنسبة للغرب"،مشيرة إلى أن المحادثات الثنائية بين الرئيسين الصيني والروسي كانت بمثابة إظهار للتضامن المتبادل في وجه الضغوط الغربية.
وأصدر الزعيمان بيانا مطولا بعد القمة أدانوا فيه ما اعتبروه تدخلا وتنمرا أمريكيا،وأكدا توافقهما على تبعية الصين لتايوان التي تتمتع بالحكم الذاتي،وكذلك المصالح الأمنية المشروعة لروسيا في أوكرانيا.
وتعهد الرئيسان بتوسيع العلاقات الاقتصادية والعسكرية، وهو ما أبرزته زيارة بوتين لمعهد صيني متطور لأبحاث الدفاع،حتى أن الرئيس الصيني قام بعناق بوتين أثناء توديعه، الخميس الماضي، بعد نزهة مسائية في مجمع قيادة الحزب الشيوعي الصيني في بكين.
وشددت الصحيفة على أن زعماء دول الغرب الذين يبحثون عن أي علامات تشير إلى اختلاف ملموس بين جينبينج وبوتين، وخاصة فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، لم يجدوا أي شيء خلال هذه الزيارة.
ورأت الصحيفة أنه لا حتى خطر استعداء أوروبا،الشريك التجاري الرئيسي اللازم للمساعدة في إنعاش اقتصاد الصين،ولا التهديد بفرض عقوبات أمريكية تستهدف البنوك الصينية التي تساعد روسيا في جهود الحرب،قد ردع احتضان الرئيس الصيني لنظيره الروسي.
وفي هذا الصدد، قالت خبيرة السياسة الخارجية الصينية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أليسيا باتشولسكا، إن "الهدف الشامل لكل من بوتين وجينبينج هو القتال ضد ما يعتبرونه عدوهم الوجودي، وهو الولايات المتحدة والنظام الدولي الذي تقوده واشنطن".
وأضافت باتشولسكا أنه بالنسبة للصين، هناك توترات بينها وبين دول الغرب، لكن هذه التوترات لن تؤدي إلى أي تغيير ملموس في الطريقة التي تتعامل بها الصين مع روسيا والحرب في أوكرانيا.
ولفتت الصحيفة إلى أن المحللين السياسيين يرون أن الرئيس الصيني قد قام بالفعل بتسعير العقوبات والرسوم الجمركية المحتمل تكبدها كتكلفة مقبولة لشراكته الاستراتيجية مع روسيا، خاصة وأنه يعتبر بوتين صديقًا لا يمكن الاستغناء عنه، وحليف في رحلة إعادة تشكيل النظام العالمي لصالح الصين، موضحة أنه كلما قاومت الولايات المتحدة بفرض المزيد من العقوبات أو القيود ضد الصين، كلما شعر جينبينج أنه على الطريق الصحيح.
وفي السياق نفسه، قالت خبيرة الشئون الصينية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جود بلانشيت، إن "القيمة الاستراتيجية لموسكو بالنسبة للرئيس الصيني تتعزز مع اشتداد المنافسة الجيوسياسية مع الولايات المتحدة".
وأوضحت بلانشيت أن الأمر الأهم بالنسبة لجينبينج وبوتين هو ما يسمونه بـ"إضفاء الطابع الديمقراطي على العلاقات الدولية"،لافتة إلى أن ذلك في الأساس يعني تآكل هيمنة الولايات المتحدة وتمكين دول عدم الانحياز حول مظالمها المشتركة تجاه الغرب.
وذكرت الصحيفة أن التهديد بفرض رسوم جمركية أوروبية على السيارات الكهربائية الصينية،قد يكون مصدر قلق كبيرا لبكين،لكن على الجانب الآخر فإن هناك تحذيرات في أوروبا من اتباع الولايات المتحدة في فرض رسوم على السيارات الصينية،لما يشكله من خطر على التجارة العالمية،وهو ما يشير أيضا إلى وجود انقسامات داخل أوروبا حول كيفية التعامل مع الصين.
وفي هذا الشأن، أوضحت الخبيرة السياسية باتشولسكا أن فكرة الانتقام الاقتصادي ضد الصين مخيفة للغاية بالنسبة للعديد من صناع القرار الأوروبيين،مضيفة أن "هناك بالتأكيد تحول يتطور في العواصم الأوروبية مفاده أن الصين منافس استراتيجي، لكنه لا يترجم بالضرورة إلى قدرة أو رغبة سياسية في التحرك"، مؤكدة أنه "كلما مالت كفة حرب أوكرانيا في اتجاه موسكو، كلما رأى الرئيس الصيني أن دعمه لروسيا له مبرر".
العالم
"نيويورك تايمز": حفاوة ترحيب جينبينج ببوتين في بكين رسالة إلى الغرب بقوة دعم الصين لروسيا
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق