تزداد التخوفات الأوروبية من وقوع هجمات منظمة من قبل الجماعات الإرهابية خاصة فى ظل تأزم الوضع الإنسانى فى غزة مع استمرار العدوان الإسرائيلى عليها، وأيضا إطلاق تهديدات من قبل تنظيم داعش الإرهابى ضد أنشطة رياضية أوروبية.
ووسط هذه الظروف أطلقت ألمانيا عدة تحذيرات خشية وقوعها فى مصيدة الجماعات الإرهابية مجددا، فقد اعتقلت عناصر اشتبهت فى انتمائها لداعش.
كما أنها رفضت طلبا متكررا باللجوء من زعيم داعشى يكنى "أبو ولاء العراقي" بعدما قررت المحكمة الإدارية فى دوسلدورف غرب ألمانيا، الاثنين الماضي، ترحيله إلى العراق، حيث يتخوف المتهم من مواجهة عقوبة الإعدام فى بلاده.
إلى جانب تتبع العناصر الإرهابية لإحباط أى عملية ينوون القيام بها، وإعلان جاهزية الأمن للتصدى لأى مخططات إرهابية، أو تحديات إرهابية، تتجه وزارة الداخلية الألمانية لإنشاء وحدة لكشف الأخبار الكاذبة، والمقرر أن تستخدم الذكاء الاصطناعى للكشف عن الأخبار المتلاعبة، وحملات التضليل، قبل أن تصبح موجة كبيرة وتغمر الإنترنت.
منظمة مسلم إنتراكتيف
تصعد إلى الواجهة منظمة تحمل اسم "مسلم إنتراكتيف" أى "المسلم التفاعلي"، كواجهة جديدة تطرح نفس شعارات جماعة الإخوان الإرهابية، حتى نزلت مؤخرا فى مظاهرة رفعت خلالها شعارات مثل "الخلافة هى الحل"، وتخشى السلطات الألمانية من إثارة خطاب الكراهية أو العنصرية أو التحريض على العنف.
وتشير التقارير الإعلامية إلى أن منظمة مسلم إنتراكيف جمعت نحو ألف شخص ونزلت الشارع فى مظاهرة بمدينة هامبورغ، نهاية أبريل الماضي، وحملوا لافتات دونوا عليها شعارات "الله أكبر" و"ألمانيا ديكتاتورية القيم" و"الخلافة هى الحل".
ونقلا عن تقرير لموقع DW الألمانية فإن عالمة الاجتماع نيكلا كيليك، رئيسة جمعية الإسلام العلماني، قالت "لقد فوجئنا بالاحتجاج المنظم من قبل جماعة "مسلم إنتراكتيف".
وأضافت "تعتمد هذه المنظمة بشكل أساسى على وسائل التواصل الاجتماعى مثل "تيك توك" من أجل تنظيم أنشطتها. وهذا ما يجعلها أكثر خطورة. ففى المسجد مثلا يمكن للمرء على الأقل الذهاب إلى هناك والاستعلام".
ولفت التقرير إلى أن المنظمة تعد ضمن قائمة مراقبة السلطات الأمنية، وهى مذكورة فى تقرير مكتب حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية الألمانية".
ويعتبر التقرير الأمني، الجماعة التى تأسست عام ٢٠٢٠، أنها مقربة من "حزب التحرير"، الذى تم حظره عام ٢٠٠٣ لأنه يؤيد استخدام العنف ودعا إلى قتل اليهود.
ووفقا للمركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب بألمانيا، فإن وزيرة الداخلية الألمانية نانسى فيزر أكدت يوم ١١ مايو الجاري، على جاهزية السلطات لمواجهة التحديات الأمنية المتعلقة بالأوساط الإسلاموية فى ألمانيا، مشددة على أن السلطات تراقب بدقة مظاهرة لمجموعة "مسلم إنتراكتيف" فى هامبورغ خوفا من التحريض.
وقالت إن السلطات الأمنية الألمانية تضع الأوساط الإسلاموية فى ألمانيا نصب أعينها بقوة. وأوضحت فيزر: "نحن نستخدم جميع الأدوات المتاحة لنا من المراقبة الاستخبارية إلى التحقيقات المكثفة"، مضيفة أنه فى الأشهر الماضية وحدها شنت السلطات حملات استباقية متكررة لإحباط خطط لهجمات.
كان لافتا بالفعل أن خطاب فريدريش ميرتس فى مؤتمر الحزب حادا وقويا ضد من وصفهم بالمتطرفين الإسلاميين، وأشار إلى الذين يرفعون شعارات تطالب بالخلافة والشريعة فى ألمانيا ولا يقبلون بقواعد التعايش السلمى الذى يقوم عليه المجتمع الألماني.
تناغما مع اتجاه وزيرة الداخلية للتشديد على مراقبة جماعات الإسلام السياسى لمنع خطاب الكراهية والتحريض، دعا فريدريش ميرتس زعيم الحزب المسيحى الديمقراطى فى مؤتمر الحزب حول حركات الإسلام السياسى إلى ضرورة التصدى لأنشطة هذه الحركات لما لها من خطورة على المجتمع الألماني.
ووفقا لتقرير بموقع مونت كارلو الدولية فإن ميرتس دعا للتصدى بحزم للكراهية والعنف والتطرف، وبخلاف أحزاب اليسار والخضر الذين يركزون انتقاداتهم على اليمين المتطرف ويعتبرونه خطرا على الديمقراطية، واعتبر ميرتس أن الخطر الأكبر يأتى من المتطرفين الإسلاميين وجماعات الإسلام السياسي.
ووفقا للتقرير المشار إليه، فإن خطاب ميرتس يأتى بعد دعوته مؤخرا لمنع الجمعيات والمنظمات ذات التوجهات الإسلاموية، وبهذا الموقف فإن توجه الحزب يتشدد أكثر ويصبح أكثر صرامة ضد تنظيم المظاهرات الإسلاميين وأنشطتهم وجمعياتهم، وخصوصا المظاهرات الداعية للخلافة أو المؤيدة لحماس، مثلما حدث أخيرا فى برلين أو هامبورغ.
خطر على الأمن العام
فى السياق ذاته، فإن الداعشى المكنى «أبو ولاء العراقي»، المُدان فى قضية بعشرة سنوات نافذة، يُعد أحد العناصر التى عاشت فى ألمانيا، مستغلا أرضها لبث العنف والكراهية وتجنيد آخرين لتنفيذ عمليات إرهابية فى برلين، فقد كان إماما فى مسجد جمعية الدائرة الإسلامية الناطقة بالألمانية، فى مدينة هيلدسهايم، المحظورة الآن.
وتجرى محاكمته حاليا مع ثلاثة فى قضية تجنيد المقاتلين وإرسالهم إلى سوريا بعد اعتناقهم الفكر المتطرف، وأحد المتهمين الثلاثة كان يأوى فى مسكنه التونسى أنيس العمري، الذى شارك فى عملية دهس فى برلين عام ٢٠١٦، وقتلته الشرطة الإيطالية.
وتقدم أبو ولاء العراقى بعدة طلبات لجوء إلى السلطات الألمانية لكنها قوبلت بالرفض، محاولا استعطاف المحكمة لكونه أبا لسبعة أبناء فى ألمانيا، وأيضا مخافة أن يواجه عقوبة الإعدام فى موطنه العراق.
بينما رأت المحكمة أن قرار ترحيله، وفقا لما نقلته الـDW، قانونى وأن الخطر الحالى الذى يشكله على الأمن العام مرتفع بشدة لدرجة تجعل الاعتبارات المتعلقة بأبنائه السبعة لا تقف عائقا أمام ترحيله.
أما العوائق الفعلية فى الوقت الراهن فهو قضاء العقوبة المدان بها ١٠ سنوات، ولم يعلن الادعاء العام بعد موافقته على تعليق العقوبة وترحيله، وأيضا تجرى محاكمته فى قضية أخرى.
يشار إلى أن السلطات الأمنية، تمكنت فى وقت سابق من اعتقال ٧ أشخاص بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابي، عملوا على تحويل مبالغ مالية تقدر بما لا يقل عن ٦٥ ألف يورو لمحتجزين فى مخيمى الهول وروج شمال سوريا، ساعدت فى تقوية التنظيم، وفى إمداد عناصره المحتجزة كما أنها سهلت فرارها.
وأفادت وكالات أنباء عالمية، بأن الموقوفين يشتبه فيهم الانتماء لشبكة دولية تعمل على جمع تبرعات وبث مناشدات لتقديم التبرعات عبر منصات التواصل الاجتماعي، ونقلت هذه التبرعات عبر وسطاء تابعين للتنظيم الإرهابي.