لا زالت إيران حريصة على إبراز القدرات العسكرية التي يتمتع بها وكلائها المنتشرين في دول المنطقة العربية، وخاصة الميليشيا الحوثية التي لا توقف هجماتها البحرية في البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن وصولًا إلى المحيط الهندي وأخيرًا البحر الأبيض المتوسط؛ وذلك ردًا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة وعلى الغارات الأمريكية والبريطانية في اليمن؛ وبجانب تأكيد مسوؤلي الحوثي بشكل مستمر على استمرار أعمالهم التصعيدية وتسليط الضوء على إمكانياتهم الصاروخية؛ فقد كشفت طهران من خلال وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" في 12 مايو 2024، أن الجماعة الانقلابية في طريقها لتطوير مدن صاروخية وأنفاق تحت الأرض في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.
مدن صاروخية
وأشارت الوكالة الإيرانية بأن التجارب الأخيرة وسنوات الحرب مع أمريكا وقوات التحالف العربي دفعت الميليشيا الحوثية لتطوير شبكة من الأنفاق تحت الأرض لتعزيز وظيفة أنظمتهم الهجومية والدفاعي، معلنة أن الدليل على ذلك ما اكتشفته صور الأقمار الصناعية مؤخرًا بشأن استخدام اليمن لأجهزة في حفر الأنفاق تحت الأرض، ومضيفة بأن الحوثيين يمضون في طريق إيران وحزب الله اللبناني باستخدام الأنفاق تحت الأرض في عمليات عسكرية.
وتجدر الإشارة أن صدور هذه المعلومات من وكالة أنباء إيرانية رسمية يؤكدها حقيقتها بنسبة كبيرة، وهو ما يفسر سبب تصريحات جميع مسؤولي الحوثي أن أعمالهم التصعيدية خلال الفترة الماضية مجرد بداية فقط وأن الميليشيا تمتلك تكتيكات أوسع وخطط أصعب إذ لجأت عليها، فإن التصعيد سيؤثر على المنطقة برمتها، بجانب أنها جاءت بالتزامن مع إعلان زعيم الميليشيا «عبدالملك الحوثي» عن انطلاق المرحلة الرابعة من التصعيد والاستعداد للمرحلتين الخامسة والسادسة إذ استمرت الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
دعم الحليف
إضافة لذلك، فإن هذه المعلومات تأتي للتأكيد على مساندة إيران ودعمها المستمر للحليف الحوثي من أجل الحصول كباقي محور المقاومة على مزيج من مشاة حرب العصابات وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية إضافة إلى الطائرات المسيرة، وهذه محاولة من إيران لتطوير القدرات الدفاعية والعسكرية لجماعتها الحوثية من أجل الاستمرار في استخدامها كـ"أداة ضغط" على باقي دول المنطقة والعالم لتحقيق أية شروط لإيران في الملفات الخارجية.
تكتيك إيراني
وحول ما تقدم، يقول الدكتور «محمد عبادى» الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، أن المدن الصاروخية هو تكتيك إيراني بالأساس لحماية المقدرات الاستراتيجية من الصواريخ والمسيرات، لذلك ليس هناك مفاجأة من نقل هذه الطريقة في حماية الصواريخ والمسيرات والأنظمة العسكرية في مدن للصواريخ.
ولفت «عبادي» في تصريح خاص لـ«البوابة نيوز» أن ميليشيا الحوثي تتعرض لقصف يومي من المقاتلات الأمريكية والبريطانية على خلفية تعطيلها للملاحة في البحر الأحمر، وهذه الأخبار رسالة لأمريكا وبريطانيا مع تزايد قصفهم لأهداف حوثية، أن القدرات العسكرية الحوثية محمية تحت الأرض، في إشارة إلى استمرار الحوثي في قصف السفن.
استراتيجية جديدة
ومن جهته، يوضح الدكتور «محمود الطاهر» الباحث السياسي اليمني، المليشيا الحوثية فشلت في عملياتها التصعيدة في البحر الأحمر في استهداف أي سفينة جيدة، نتيجة الرقابة الكاملة الذي يقوم به تحالف الازدهار، والضربات التي تنفذها أمريكا على الأهداف الحوثية قبل إنطلاقها، وهو ما جعل الحرس الثوري الإيراني، يلجأ إلى استراتيجية جديدة للهروب من الهجمات الأمريكية، وتخطيط لعمليات عسكرية ضد سفن الشحن الدولية بطرق أخرى وأقرب.
وأفاد «الطاهر» في تصريح خاص لـ«البوابة نيوز»، أن الحرس الثوري الذي يدير عمليات البحر الأحمر، لجأ إلى إنشاء مدن تحت الأرض في جزر ومدن يمنية، لتهريب السلاح الإيراني إليها، لتأمينها من الضربات الجوية لتحالف الأزدهار الذي تقوده واشنطن لتأمين حرية الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وأضاف أن هذا ما يشير إلى أن إيران تستخدم الحوثيين لشن عمليات عسكرية في البحر الأحمر على المدى الطويل، مع الأخذ في عين الاعتبار عدم تعرض السلاح الإيراني إلى أي استهداف من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، مستغلين سيطرتهم على محافظة الحديدة المشاطئة للبحر الأحمر، ومدن قريبة أيضًا في البحر الأحمر.