تزخر فلسطين بالآثار التاريخية على أرضها فقد كانت مهبط الديانات السماوية الثلاث وأولى القبلتين وثالث الحرمين، ومن أكثر الدول التي كانت مطمعا للغزاة على مر العصور وما زالت تعاني حتى وقتنا هذا من الاحتلال الذي أصبح فرضا عليها، يحاول الاحتلال محو هذه الآثار التاريخية ومحو كل ما يثبت أحقية الشعب الفلسطيني لأرضه.
يوجد في فلسطين العديد من المتاحف التي تهتم بجمع كنوز أثرية ومقتنيات ومنحوتات ورسومات ومخطوطات ذات قيمة تاريخية، وعلمية، وفنية التي تحكي تاريخ الوطن والأمة والحضارات التي توالت هلى أرضها على مر العصور.
ويعتبر التراث الفلسطيني واحدًا من أعظم تراث الدول في العالم على مر التاريخ حيث تمتلك فلسطين تراثًا يعود للعصور القديمة يبدأ عظمته من المباني الأثرية القديمة، وحكايات شعبية، وفنون ومعتقدات تركتها الأجيال القديمة كبصمة عظيمة وراءها تدل على قدم الشعب والتراث والحضارة التي احتلتها إسرائيل.
في هذا التقرير وبعد مرور ما يقرب من 76 عامًا على نكبة فلسطين، نستعرض أهم المتاحف الموجودة في فلسطين وما آلت إليه عقب الحرب الأخيرة التي يواجهها الشعب الفلسطيني خلال الشهور الماضية التي دمر خلالها الاحتلال الصهيوني كل شيء.
المتحف الإسلامي
يعتبر هذا المتحف هو أول متحف تأسس في فلسطين عام 1923، يقع جنوب غرب المسجد الأقصى عند الزاوية الفخرية التي هدمتها إسرائيل وقت احتلالها للقدس.
يبرز هذا المتحف التراث الإسلامي في فلسطين يعرض مخلفات إعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة، كما يضم مقتنيات هذا المتحف آثارًا إسلامية من زمن الصحابة، والعصور الأموية، والعباسية، والمملوكية، والعثمانية، والعصر الحديث.
كما يحتوي هذا المتحف على نسخ قرآن نادرة وفريدة بحجمها، تبلغ أطوال صفحاته المترين ونصف؛ وأدوات الطهي للجيش الإسلامي؛ والسيوف وأدوات الحرب، من رماح وأزياء عسكرية، بما في ذلك الخوذ، وسيف الصحابي المجاهد القائد خالد بن الوليد؛ ومن العصر الحديث الجديد، توجد ملابس الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا على تراب الأقصى.
وتوجد أيضًا مجموعة مهمة من الزجاجيات، تتألف من قوارير وأباريق وقناديل وصحون ومكاحل، من أهمها: مشكاة مموهة بالمينا نقلت من الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل، تعود إلى العهد المملوكي، عليها زخارف نباتية وكتابات، وكتب عليها اسم السلطان المملوكي "المعز الأشرف العالي المولوي، سيف الدين إينال اليوسفي.
إلى جانب مكتبة أبحاث شاملة لمختلف الفنون والآثار الإسلامية، وتحتوي على مؤلفات ودراسات في مواضيع أخرى متعلقة بالإسلام، كالدين، والأدب والجغرافية؛ وأبحاث حول الفنون الساسانية، البيزنطية والقبطية التي كان لها تأثير على الفن الإسلامي؛ إلى جانب أرشيف صور وشرائح. ويتميز المتحف بوجود مختبر للتصوير، يمكن للزائرين الاستفادة منه.
متحف البلدة القديمة.. «الخليل»
يقع متحف البلدة القديمة في حارة الدارية في مدينة الخليل، تم افتتاحه عام 2011، وهو أحد المعالم البارزة والأساسية لمدينة الخليل القديمة والذي يعود للعصر المملوكي، ويقدر عمره ما بين 700 و800 عام، حسب الروايات التاريخية.
يشكل هذا المتحف جزءًا أساسيًا من تراث فلسطين، فقد عرفه أهالي الخليل كجزء من ثقافتهم المحلية فيعتبر موقعا مهما من العقارات الوقفية والأثرية المهمة في المدينة.
يُعد هذا المتحف البلدة القديمة خطوة مهمة لحفظ دفائن محافظة الخليل، التي يعود تاريخ كثير منها إلى عصور قديمة، ومفتاحًا للدخول إلى المعالم التراثية والأثرية والوقفية في البلدة القديمة، ومصدرًا لإحياء للتراث الفلسطيني.
متحف غزة
يقع هذا المتحف في شمال قطاع غزة، ليكون مكان ترفيهي للمواطنين، مركزًا ثقافيًا ومتحفًا يحفظ تاريخ غزة.
يجسد هذا المتحف التاريخ والهوية والتي سيطرت على المرافق الداخلية للمشروع وما يحتويه من قوة التصميم والإبداع بلمسات تقليدية تعبر عن الماضي والعراقة.
يضم المتحف مجموعة من القطع الأثرية النادرة من مختلف العصور، التي تشهد على عظمة الماضي، ومنها قطع أثرية اكتشفت للمرة الأولى، وعلى مصنوعات وأدوات يدوية، وأعمدة، وعملات، وفخاريات يعود تاريخها إلى العصور البيزنطية والرومانية والإسلامية.
وتضم معروضات المتحف مجموعة قطع أثرية منذ العصر البرونزي «3500 عام قبل الميلاد»، حتى عهد الإدارة المصرية لقطاع غزة.
في حضرة التاريخ والأضواء الخافتة، تعرض الوسائل التوضيحية توثيق كل مجموعة بعدة لغات؛ لتخدم زوار المتحف من الأطفال والعائلات والباحثين والمتخصصين وضيوف غزة من جميع أنحاء العالم.
ويحتوي المتحف أيضًا على مساحة للجلسات الخارجية تزيد عن 2000 متر مربع، تتخللها المناطق الخضراء والنباتات المختلفة وأشجار النخيل والأعمدة التاريخية القديمة؛ مساحة خاصة لألعاب الأطفال.
وتبلغ عدد المواقع الأثرية في قطاع غزة حوالي 130 موقعًا يعود تاريخها منذ العصر البرونزى المبكر حتى الفترة الإسلامية، المباني التاريخية والتقليدية التي يمتد تاريخها منذ الفترة الرومانية حتى الفترة العثمانية، وقد دمر الاحتلال التراث الثقافى من وثائق وآثار ومعالم؛ لطمس أي هوية فلسطينية تتعلق بالفلسطينيين، أو تكون شاهدة على وجودهم فى هذه الأرض.
تسببت الحرب الأخيرة على غزة في تدمير المسجد العمري الذي يُعد أحد أهم المواقع الأثرية والدينية في غزة تبلغ مساحة فنائه 1190م مربعًا تأسس على شكل دير بيزنطي في القرن الخامس الميلادي، ثم تحول إلى مسجد ليكون جزءًا من النسيج الثقافي للشعب الفلسطيني، فهو شاهد على ارتباط الإنسان الفلسطيني بأرضه.
وقد ذكرت وزارة الثقافة الفلسطينية أن الاحتلال الصهيوني إلى جانب حملات الابادة التي يقوم بها ضد البشر فإنه بمحي أيضًا تاريخ وآثار تلك المدينة، فقد دمر المباني التاريخية والأثرية والثقافية، التي بلغ مجموع ما تم رصده في قطاع غزة، 207 مبنى، منها 144 في البلدة القديمة من مدينة غزة، منها مبان أعطت المدينة شكلها وهويتها التاريخية، مثل القيسارية أو سوق الزاوية وحمام السمرة وسبط العلمي وقصر الباشا، و25 مبنى وكنيسة ومسجدًا ومواقع أثرية أهمها المسجد العمري وكنيسة القديس برفيريوس ومسجد السيد هاشم، ومسجد كاتب ولاية وغيرها، و26 مركزا ثقافيا ومسرحا، و9 دور نشر ومكتبات، و3 شركات إنتاج فني وإعلامي.
كما شملت انتهاكات الاحتلال استهداف متاحف، مثل متحف القرارة، ومتحف رفح، ومتحف البادية، وفندق المتحف، ومتحف الباشا، إضافة لتدمير نصب تذكارية وميادين عامة في الضفة وغزة، والعديد من المباني التاريخية خلال اجتياح البلدة القديمة من نابلس، وتدمير مقر الأرشيف المركزي لمدينة غزة.