يتوقع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية نموًا متسارعًا بنسبة 3.4 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024 في منطقة جنوب وشرق المتوسط، وفقًا لأحدث تقرير للآفاق الاقتصادية الإقليمية.
ومن المتوقع أن يتسارع النمو في منطقة جنوب وشرق المتوسط من 2.7 في المائة في عام 2023 إلى 3.4 في المائة في عام 2024 و3.9 في المائة في عام 2025، مع دخول برامج الاستقرار الاقتصادي والإصلاحات حيز التنفيذ. ومع ذلك، يُعد هذا التوقع مراجعة سلبية عن التوقعات السابقة لعام 2024، بسبب التنفيذ الأبطأ من المتوقع لمشاريع الاستثمار العام الضخمة في مصر، والآثار غير المباشرة الناجمة عن الحرب في غزة.
وبشكل عام، أظهرت المنطقة قدرة على الصمود في مواجهة الحرب في غزة وتصاعد التوترات السياسية والأمنية الإقليمية خلال الأشهر الماضية، على الرغم من أن الأردن شهد انخفاضًا في السياحة والاستثمار بينما استمرت تونس في معاناتها من قيود التمويل.
تم تعويض الانخفاض في إيرادات مصر من حركة المرور في قناة السويس من خلال الالتزامات الأخيرة من الشركاء الدوليين، بما في ذلك برنامج صندوق النقد الدولي الموسًع. وساهم الدعم المقدم من صندوق النقد الدولي والجهات المانحة الدولية في استقرار الاقتصاد الكلي في مصر والأردن والمغرب. وتراجع معدل التضخم في جميع أنحاء المنطقة، باستثناء مصر حيث ظل أعلى من 30 في المائة، وتسير المنطقة بشكل عام على المسار الصحيح نحو ضبط أوضاع المالية العامة في عام 2024، مع استهداف الحفاظ على الاستثمار المُعزز للنمو والحماية الاجتماعية المستهدفة.
اقتصادات منطقة جنوب وشرق المتوسط بالتفصيل
مصر
من المُتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي من 3.8 في المائة في السنة المالية 2023 (المنتهية في يونيو 2023) إلى 3 في المائة في السنة المالية 2024، حيث يؤثر نقص النقد الأجنبي وعدم اليقين بشأن الإصلاح على التوقعات الاقتصادية. وعلى أساس سنوي، من المتوقع أن يبلغ النمو 3.9 في المائة في عام 2024 و4.4 في المائة في عام 2025. وقد تم دعم النشاط الاقتصادي من خلال الإنفاق العام وكذلك من قطاعات السياحة والبناء والخدمات.
تُعد التوقعات للعام المالي 2025 أكثر إيجابية، حيث من المتوقع أن يرتفع النمو إلى 4 في المائة، وذلك بفضل الدعم الكبير من المانحين واستقرار الاقتصاد الكلي في إطار برنامج صندوق النقد الدولي المنقح الذي تمت الموافقة عليه في مارس 2024.
من الممكن أن يؤدي تخفيض قيمة الجنيه المصري مؤخرًا إلى إعادة تنشيط الاستثمار الأجنبي والمحلي، وخاصة إذا كان مصحوبًا بإصلاحات هيكلية. وتشمل مخاطر الجانب السلبي ارتفاع أسعار الفائدة، واستمرار ارتفاع التضخم (من المتوقع أن يظل عند 34 في المائة في عام 2024)، وتصاعد التوترات الإقليمية التي من شأنها أن تُعرّض ثقة المستثمرين والسياحة والتجارة للخطر.
الأردن
على الرغم من النمو القوي، من المتوقع أن تؤدي الآثار غير المباشرة الناجمة عن الحرب الطويلة في غزة إلى تباطؤ النمو من 2.6 في المائة في عام 2023 إلى 2.4 في المائة في عام 2024، مما يعكس انخفاض عدد السياح الوافدين، وتراجع تدفقات الاستثمار، وتأجيل الإنفاق الاستهلاكي في وقت يتسم بعدم اليقين. ومن المتوقع حدوث انتعاش طفيف في النمو الاقتصادي ليصل إلى 2.6 في المائة في عام 2025، بشرط تحسن الظروف الجيوسياسية.
بالنسبة لمعدل البطالة فقد ظل مرتفعًا بمتوسط 21.4 في المائة في الربع الأخير من عام 2023، وكان أعلى بين النساء (29.8 في المائة) والشباب (42.4 في المائة). وفي ذات الوقت، ارتفع التضخم بشكل طفيف مع نهاية العام، مما يعكس ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية والزيادة المخطط لها في تعريفات المياه، قبل أن يتراجع إلى 1.6 في المائة في مارس 2024.
واصل البنك المركزي الأردني اتباع قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وحافظ على استقرار سعر الفائدة منذ يوليو 2023 بعد سلسلة من الارتفاعات.
لبنان
من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2 في المائة في عام 2024، متأثرًا بالمخاطر الجيوسياسية والتقاعس السياسي وتوقف الإصلاح. ويمكن أن يتسارع معدل النمو إلى 3 في المائة في عام 2025، إذا هدأت التوترات الإقليمية، ووجود برنامج لصندوق النقد الدولي، وحدوث تقدم في تنفيذ الإصلاحات.
ورغم أن احتياطيات النقد الأجنبي لا تزال عند مستوى قياسي منخفض إلا أنها قد شهدت ارتفاعًا في عام 2023 على خلفية زيادة التحويلات المالية ووصول السياح. وفي محاولة لتوحيد أسعار الصرف المتعددة، اتخذ مصرف لبنان المركزي عدة تدابير، بما في ذلك الإلغاء التدريجي لمنصة سعر صرف الصيرفة، في حين حدد قانون الموازنة العامة لعام 2024 سعر صرف أقرب إلى سعر السوق السوداء. وعلى هذه الخلفية، استقر سعر السوق عند نحو 89.700 ليرة للدولار الأمريكي منذ نهاية أغسطس، وانخفض التضخم إلى 123 في المائة في فبراير 2024 من ذروة بلغت 352 في المائة في مارس 2023، بدعم من تخفيف أسعار الطاقة والغذاء.
المغرب
أثبت الاقتصاد قدرته على الصمود في مواجهة الزلزال الذي بلغت قوته 6.8 درجة والذي تسبب في دمار واسع النطاق حول جبال الأطلس الكبير بالقرب من مراكش في سبتمبر 2023. وارتفع معدل البطالة إلى 13.0 في المائة بحلول نهاية عام 2023، بينما تراجع التضخم إلى 0.3 في المائة بحلول فبراير 2024. ومن المتوقع أن يظل النمو مستقرًا إلى حد كبير عند 3 في المائة في عام 2024، ثم يرتفع إلى 3.6 في المائة في عام 2025، مدعومًا بانتعاش الطلب الخارجي والاستثمار الحكومي.
وعلى الرغم من النفقات الإضافية المتعلقة بإعادة الإعمار بعد الزلزال والتوسع في الإنفاق المستهدف على الحماية الاجتماعية، فإن الحكومة تتبع مسار ضبط أوضاع المالية العامة تدريجيًا، مع الاستفادة من حشد الموارد المحلية. وعلى المدى المتوسط، فإن اعتماد المغرب على واردات الطاقة والإنتاج الزراعي الموسمي يجعل الاقتصاد عرضة للمخاطر المناخية.
تونس
من المتوقع أن ينتعش النمو الاقتصادي في تونس بقوة من 0.4 في المائة في عام 2023 إلى حوالي 1.9 في المائة في عام 2024 و2 في المائة في عام 2025، مدعومًا بجهود الإصلاح ومواصلة ضبط أوضاع المالية العامة، في حين تم احتواء مخاطر الاقتصاد الكلي إلى حد ما.
تباطأ الاقتصاد التونسي من 2.6 في المائة في عام 2022 إلى 0.4 في المائة في عام 2023، بسبب الجفاف الذي أثر على القطاع الزراعي وانخفاض مبيعات الفوسفات. ولم يتم تعويض هذه العوامل إلا جزئيًا من خلال التوسع في قطاعات السياحة والخدمات المالية والصناعة. وعلى هذه الخلفية، ارتفع معدل البطالة إلى 16.4 في المائة في الربع الأخير من عام 2023، وبلغ معدل التضخم 7.5 في المائة في فبراير 2024.
وبشكل عام، تظل الموارد المالية الحكومية مقيدة، ولا يزال الوصول إلى التمويل الخارجي محدودًا للغاية. ومع ذلك، سددت تونس جميع الديون الخارجية المستحقة في الوقت المحدد، وتستمر في التقدم ــ ولو ببطء ــ على مسار الإصلاحات الرئيسية، بما في ذلك ضبط الأوضاع المالية تدريجيًا من خلال احتواء فاتورة أجور القطاع العام وإصلاح بعض إعانات الدعم.