يشهد القطاع الزراعي خلال الفترة الحالية طفرة غير مسبوقة، في ظل الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية لهذا القطاع؛ نظرا لما تمثله الزراعة من أهمية خاصة في دعم منظومة الأمن الغذائي بصورة مباشرة، حيث تتجه مصر نحو الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية، في ظل تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في مشروعات التنمية الزراعية.
وكانت للدولة المصرية رؤية استباقية في الملف الزراعي عن طريق تنفيذ مشروعات كبرى وفرت الأمن الغذائي الأمن والصحي والمستدام للشعب، وذلك في وقت عانت فيه كثير من الدول التي تعتبر كبيرة ومتقدمة وتقف في مصاف الاقتصاديات الكبيرة من أزمة وارتباك في مجال الأمن الغذائي في الفترة الأخيرة.
وأكد الدكتور محمد القرش معاون وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن الدولة المصرية نفذت عدة مشروعات عملاقة كان لها آثار واضحة في ظل التحديات العالمية الحالية، منها الدلتا الجديدة، ومستقبل مصر والمليون ونصف المليون فدان، وتوشكى، فضلا عن مشروع الصوب الزراعية، ما أضاف عدة ملايين من الأراضي للرقعة الزراعية.
وقال الدكتور القرش - لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إن الدولة فرضت اتجاها واضحا لتدعيم قطاع الزراعة وتحقيق الأمن الغذائي، مؤكدا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يتابع بنفسه كافة المشروعات المتعلقة بالقطاع الزراعي، ما أحدث نهضة زراعية غير مسبوقة تتمثل في تلبية احتياجات السوق المحلي، وزيادة الصادرات الزراعية.
وأضاف أن هناك مشروعات كبيرة تهدف لتعظيم إنتاجية الأرض والمياه، مشيرا إلى مساهمة القطاع الخاص في المشروعات الزراعية ودور الوزارة الفني والداعم في هذه المشروعات.
ولفت معاون وزير الزراعة إلى أنه يأتي على رأس المشروعات القومية العملاقة، محور التوسع الأفقي في الأراضي الجديدة باعتباره من أهم المحاور لتدعيم سياسة الاكتفاء الذاتي وتقليل الفجوة، والتي استهدفت استصلاح الصحراء لزيادة الرقعة الزراعية بأكثر من 3.5 مليون فدان خلال الفترة القصيرة الماضية والقادمة، ومن أهمها مشروع توشكى الخير بمساحة 1.1 مليون فدان ومشروع الدلتا الجديدة العملاق بمساحة تتجاوز 2.2 مليون فدان ومشروع تنمية شمال ووسط سيناء بمساحة 456 ألف فدان ومشروع تنمية الريف المصري بمساحة 1.5 مليون فدان.
وأشار أيضا إلى المشروعات الأخرى في جنوب الصعيد والوادي الجديد بمساحة 650 ألف فدان، حيث تنفذ الدولة هذه المشروعات والتي تتكلف المليارات، إضافة إلى الجهود والبحوث والدراسات متعددة الجوانب.. مؤكدا أن العمل في هذه المشروعات يسير بأقصى معدلات إنجاز، تحقيقا للأهداف المنشودة في وقت يفقد فيه العالم ملايين الهكتارات سنويا بسبب الجفاف والتصحر وتدهور التربة.
بدوره، أكد الدكتور محمد فهيم مستشار وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أنه في الوقت الذي كان يفقد العالم كله ملايين الهكتارات سنويا بسبب التصحر وتدهور التربة والجفاف والتغيرات المناخية غير المواتية، استطاعت الدولة المصرية إضافة المزيد من الرقعة الزراعية عبر استصلاح واستزراع الصحراء لأكثر من مليوني فدان، كما يوجد 2 مليون فدان أخرى في طريقها للاستزراع.
وقال الدكتور فهيم - لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إن من أهم هذه المشروعات: مشروع توشكى الخير بمساحة 1.1 مليون فدان، ومشروع الدلتا الجديدة العملاق بمساحة 2.2 مليون فدان، ومشروع تنمية شمال ووسط سيناء، وإعادة تأهيل مشروع تنمية الريف المصري بمساحة 1.5 مليون فدان، بالإضافة إلى المشروعات الأخرى في جنوب الصعيد والوادي الجديد، حيث تقوم الدولة بتوفير احتياجاتها المائية من مصادر متعددة كلفتها مليارات الجنيهات، في ضوء ما نعانيه من الشح المائي، عن طريق توفير المياه من مصادر مختلفة عبر المعالجة الثلاثية لمياه الصرف الزراعي.
وأضاف أنه فيما يتعلق بمشاركة القطاع الخاص، فإن 90% من القطاع الزراعي يمتلكه ويديره القطاع الخاص، وتقدم الدولة الدعم الفني والمساندة والإرشاد، فضلا عن استنباط الأصناف والتقاوي عالية الجودة والإنتاجية، حيث إن إدارة القطاع الخاص للمشروعات الزراعية أثبتت نجاحها، بالإضافة إلى الدور التي تقوم به الدولة في هذا المشروعات.
وأوضح مستشار وزير الزراعة أن من ضمن المشروعات المهمة مشروع "مستقبل مصر" كأحد المشاريع المندرجة تحت "مشروع الدلتا الجديدة العملاق"، والذي يضاف للمشروعات القومية في مجال الإنتاج الزراعي والغذاء واستصلاح الأراضي، ما يسهم في زيادة الرقعة الزراعية، وتوفير المزيد من فرص العمل، وتحقيق النمو الاقتصادي.
وأشار إلى أن المساحة المنزرعة بمشروع "مستقبل مصر" تحقق عائدات اقتصادية مربحة، وتحقق الوفرة من المحاصيل الزراعية، فضلا عن توفير المشروعات التنموية للآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
وتضمن استراتيجية الدولة المصرية في تنمية القطاع الزراعي، مشروعات التوسع الرأسي التي استهدفت زيادة الإنتاجية من المحاصيل والمنتجات الزراعية وتحسين الممارسات الزراعية واستنباط أصناف وهجن تتكيف مع التغيرات المناخية وزيادة الاعتماد على التقاوي المعتمدة والمحسنة، وإعداد ونشر الخريطة الصنفية لبعض المحاصيل الاستراتيجية، بالإضافة إلى تنفيذ المشروع القومي للصوب الزراعية (100 ألف فدان صوب زراعية) طبقا للمواصفات العالمية ذات الإنتاجية العالية والتكنولوجيا المتطورة.
كما تم التوسع في العديد من الخدمات التي تقدمها وزارة الزراعة بشكل مباشر أو غير مباشر للفلاحين، حيث قامت الوزارة ولأول مرة بتفعيل منظومة الزراعات التعاقدية بالإعلان عن الأسعار قبل الزراعة بوقت مناسب لثمانية محاصيل استراتيجية وهي: القمح، وقصب السكر، وبنجر السكر، وفول الصويا، والذرة البيضاء، والذرة الصفراء، وعباد الشمس، والقطن، فضلا عن اتخاذ الدولة إجراءات أكثر حزما لتأمين المخزون من السلع الاستراتيجية من خلال التوسع في السعات التخزينية من خلال المشروع القومي للصوامع لتصل القدرة التخزينية إلى أكثر من 3.5 مليون طن.
واتخذت الدولة أيضا إجراءات لدعم تنافسية المنتجات الزراعية المصرية، ونتيجة لهذه الإجراءات فقد تحققت طفرة غير مسبوقة في مجال الصادرات الزراعية الطازجة، حيث يتم تصدير الفائض بعد اكتفاء السوق المحلي، إضافة إلى تدشين مشروعات الإنتاج الحيواني المتكامل في السادات، والفيوم، ووادي النطرون، والحمام، وتنفيذ مشروعات عملاقة في الثروة السمكية مثل: بركة غليون، والفيروز، وقناة السويس، والديبة، وإطلاق المشروع القومي لتنمية البحيرات وإنشاء العديد من مفرخات زريعة الأسماك البحرية والجمبري، مع تطوير مفرخات المياه العذبة لزيادة إنتاجيتها وتوفير الزريعة المطلوبة لنهر النيل، كما تم طرح 21 موقعا للاستزراع السمكي في الأقفاص بالبحرين المتوسط والأحمر على موقع هيئة الاستثمار.
ونتيجة لما سبق، فقد حققت مصر اكتفاء ذاتيا للعديد من مجموعات المحاصيل، منها الخضر والفاكهة وبعض السلع الأخرى، مع وجود فائض للتصدير، وتم تضيق الفجوة الإنتاجية لمحاصيل أخرى مثل القمح والذرة والفول وغيرها، وذلك من خلال الإنتاجية المحققة من المشروعات نتيجة زيادة مساحة الرقعة الزراعية وزيادة الإنتاجية، خاصة في ظل توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بأن تكون الأولوية لمشروعات التوسع في الأراضي الزراعية الجديدة للمحاصيل الاستراتيجية مع تدعيمها بمشروعات وتجمعات زراعية متكاملة تشمل الأنشطة الحيوانية والداجنة والسمكية والتصنيع الزراعي، بما يسهم في زيادة نسبة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج القومي ويوفر فرص عمل.