قال الكاتب والناقد المسرحي أحمد عبدالرازق أبوالعلا، إن معالجة القضية الفلسطينية في المسرح المصري مرت بخمس مراحل رئيسية، ارتبطت كل واحدة منها بحدث معين، دفع الكتاب إلى معالجتها في ضوئه، فالمرحلة الأولى: ما قبل 1948، والثانية: ما بعد 1948 وأثناء العدوان الثلاثي 1956، والثالثة: ما بعد هزيمة 1967، والرابعة: بعد نصر 1973، والخامسة والأخيرة، بعد إبرام اتفاقية كامب ديفيد عام 1978.
أعمال ناقشت القضية وعالجتها من زوايا مختلفة
وتابع: ما قبل 1948، لم تكن أبعاد القضية الفلسطينية قد تبلورت بعد، ولم تظهر نوايا الصهيونية بالشكل الذي تظهر به الآن، فكتب علي أحمد باكثير مسرحية «شايلوك الجديد» عام 1945، وفي مرحلة ما بعد 1948 ظهرت أعمال قليلة منها: مسرحية «العائد من فلسطين» التي قدمها فتوح نشاطي، و«الصهيوني» التي قدمها يوسف وهبي، وبعد وقوع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ظهر الاهتمام أكبر من سابقه، ومع وجود جيل الستينيات، ظهرت أعمال مسرحية لعدد منهم، عرضها المسرح القومي تحت عنوان «المسرح في المعركة» وهي: «اللحظة الحرجة» ليوسف ادريس، و«دنشواي الحمراء» لخليل النعيمي، و«صوت مصر» لـ ألفريد فرج، و«عفاريت الجبانة» لـ نعمان عاشور.
وبعد هزيمة 67 - المرحلة الثالثة - توقف عدد كبير من كتاب المسرح عن الكتابة، لإحساسهم بأنهم شركاء مع النظام، لتبنيهم أفكاره التي انهارت أمامهم نتيجة الهزيمة، ومن كتب منهم كتب متبنيًا فكرة المقاومة، فظهرت مسرحية «وطني عكا» لعبدالرحمن الشرقاوي، و«النار والزيتون» لـ ألفريد فرج، و«حبيبتي شامينا» لـ رشاد رشدي، بالإضافة إلى أعمال أخرى ناقشت القضية وعالجتها من زوايا مختلفة لكل من: سعد الدين وهبة، محمود دياب، على سالم، نجيب سرور، يسري الجندي، بهيج إسماعيل «المسامير، أغنية على الممر، اليهودي التائه، أنت اللي قتلت الوحش، رجل طيب في ثلاث حكايات، يا بهية وخبريني، عمليه نوح، العبور، النسر الأحمر».
وواصل: وفي المرحلة الرابعة التي جاءت بعد حرب 1973 عُرضت بعض الأعمال التي احتفت – تسجيليا- بالنصر، وكان معظمها دعائيا وحماسيا، واستمر الاهتمام لدي الجيل الذي أتي بعد الستينيات وما بعد ذلك فظهرت أعمال أخرى لكتاب آخرين منهم: سامح مهران ومسرحية «المظلة»، ومحمد سلماوي ومسرحية «سالومي» وشريف الشوباسي ومسرحية «لن تسقط القدس» وإبراهيم حمادة ومسرحية «رطل اللحم» وأعمال أخرى لعدد من الكتاب الجُدد أذكر منهم: قاسم مسعد عليوة، منتصر ثابت، سامح العلي.. وآخرين.
وبعد أن اتخذت القضية الفلسطينية مسارا آخر، عقب إبرام اتفاقية «كامب ديفيد» التي تمثل المرحلة الخامسة من مراحل تطور الصراع، والتعبير عنه مسرحيا، ظهرت أعمال: «المحروسة» 2015، لسعد الدين وهبة، و«الفارس والأسيرة» لفوزي فهمي، التي ذهب فيها إلى الأسطورة الإغريقية «أندروماك» معالجا فكرة الحرب السلام، انفعالا بمعاهدة السلام ومحمود دياب ومسرحية «باب الفتوح، أرض لا تنبت الزهور» التي أكد فيها استحالة وجود السلام مع من ماتت إنسانيتهم، وسيطرت الكراهية على طبيعتهم، وظهرت مسرحية «القتل في جنين» لمحمد أبو العلا السلاموني، وكل هذه الأعمال عُرضت على المسارح، فيما عدا مسرحية «المحروسة» 2015 التي عرضت- فقط- من خلال مسرح الثقافة الجماهيرية، وهو الرافد الذي قدمت من خلاله أعمال كثيرة قمت برصد بعضها خلال فترة خمسة عشر عاما 1990-2005 فكانت خمسة وثلاثين نصا، عرضت من خلال 138 موقعا من مواقع الثقافة الجماهيرية.
وهناك نقطة يجب الإشارة إليها وهي أن عددا كبيرا من النصوص التي عالجت القضية الفلسطينية اعتمدت على قالب المسرح التسجيلي وهو نوع من أنواع المسرح السياسي، وأكثر الكتاب الذين عالجوا الموضوع هو على أحمد باكثير، الذي كتب وحده ثلاثة نصوص «شيلوك الجديد، الشيطان إله بني إسرائيل، دار لقمان»، ومع كل هذا نستطيع أن نقول إن النصوص التي عالجت القضية – خلال الفترات المتعددة – من حيث الكم، لا تتساوى مع حجم وأهمية القضية خاصة لدي الأجيال الجديدة.