قام نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، بزيارة غير متوقعة إلى إيران هذا الأسبوع، حيث التقى بكبار القادة، مما أثار انتقادات شديدة من معارضي النظام الإيراني.
وخلال زيارته، تواصل بارزاني مع الشخصيات الرئيسية في الحكومة، بما في ذلك المرشد الأعلى ورؤساء الهيئات التنفيذية والتشريعية والقائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني ووزير الخارجية وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي.
ويثير توقيت وطبيعة زيارة بارزاني، التي تأتي بعد أشهر من الهجوم الصاروخي الذي شنه الحرس الثوري الإيراني على إقليم كردستان، تساؤلات حول دوافعها. تشير الاجتماعات رفيعة المستوى إلى أن المناقشات ركزت على الأرجح على المخاوف الأمنية المتبادلة.
وتمت هذه الرحلة على خلفية ثلاث قضايا مهمة: أولًا، الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار التي شنتها إيران على أهداف داخل إقليم كردستان العراق، والتي يُزعم أنها تستهدف عملاء إسرائيليين، أثارت احتجاجات من كل من السلطات الكردية والحكومة المركزية العراقية.
ثانيًا، تواجه الانتخابات البرلمانية المقبلة في إقليم كردستان، والمقرر إجراؤها في 10 يونيو 2024، جدلًا، حيث أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي نيته مقاطعة الانتخابات.
وأخيرا، تقدمت إيران بطلب لنزع سلاح الجماعات المسلحة الكردية الإيرانية المختبئة في المناطق الكردية في العراق والطرد الكامل لها.
توفر خلفية الأحداث الأخيرة سياقًا لأهداف رحلة الزعماء الأكراد العراقيين إلى إيران، على الرغم من أن النتائج لا تزال غير مؤكدة بسبب تحفظ كلا الطرفين المعنيين.
وتهدف هذه الزيارة إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: 1) إعادة التفاوض بشأن الترتيبات الأمنية المتبادلة، 2) تخفيف التهديدات التي تشكلها طهران ضد المنطقة الكردية العراقية، و3) تسهيل وساطة الجمهورية الإسلامية بين الكيانات السياسية المتصارعة للحد من التوترات الإقليمية.
وفي مجال الأمن، تسعى حكومة إقليم كردستان، التي حافظ أعضاؤها رفيعو المستوى على علاقات طويلة الأمد مع طهران، إلى وقف الهجمات الصاروخية التي يشنها النظام.
ولهذا الغرض، كان الرئيس بارزاني يهدف إلى طمأنة السلطات الإيرانية بأن الحكومة الإقليمية لن تسمح لأي مجموعة أو فصيل أو دولة بشن أعمال ضد إيران أو الدول المجاورة الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك، في أعقاب الاستفتاء الفاشل على الاستقلال في عام 2017، تحاول السلطات الكردية التخفيف من التهديدات الإيرانية من خلال الحوار، وتعزيز رواية عراق موحد.
وفيما يتعلق بالوساطة السياسية، تسعى السلطات الكردية إلى تدخل إيران لتسوية الخلافات بين الحزبين الكرديين الرئيسيين - الاتحاد الوطني الكردستاني العراقي والحزب الديمقراطي الكردستاني - والحكومة المركزية العراقية، وخاصة فيما يتعلق بالنزاعات حول الانتخابات الإقليمية.
ما هي الأهداف التي يمكن تحقيقها؟
ويبدو الهدف الأول – إعادة تأسيس علاقة أمنية مستقرة – قابلًا للتحقيق نظرًا للعلاقات الخالية من التوتر بشكل عام بين السلطات الإقليمية وإيران، ما لم تختر الأخيرة إظهار قوتها من خلال استهداف الهياكل داخل إقليم كردستان العراق.
ومع ذلك، هناك شكوك كبيرة بشأن قدرة الأكراد العراقيين على تجنب استفزازات النظام الإيراني بشكل كامل، والذي يشن أحيانًا هجمات على جيرانه لأسباب تتعلق بالهيبة والحفاظ على صورته.
أما الهدف الثالث، فهو أن نفوذ طهران مقيد؛ فهي تميل إلى تفضيل الأعمال العسكرية على التعاملات الدبلوماسية مع دول مثل الولايات المتحدة وإسرائيل، وغالبًا لا تتخذ خطوات نحو تخفيف التوترات الإقليمية. ويسلط هذا التفضيل للنهج العسكري على الدبلوماسية الضوء على التحديات التي تواجه تحقيق الوساطة وحل النزاعات في المنطقة.
وظهر على وسائل التواصل الاجتماعي ردا فعل بارزان على زيارة بارزاني لإيران. الأول يأتي من الأكراد الذين يعارضون الحكومة في إيران.
وأعربوا عن استيائهم من بارزاني لتجاهله على ما يبدو هجمات طهران على الأكراد في المنطقة واتهموه بالقوادة خلال لقائه مع خامنئي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الملكيين الدستوريين المعارضين الإيرانيين مستاءون أيضًا من الزيارة، معتبرين أنها قد تشجع المشاعر الانفصالية بين الأكراد العراقيين، والتي يخشون أنها قد تؤثر على الأكراد الإيرانيين أيضًا.
وفي تطور آخر، أفاد الصحفي العراقي أحمد عبد السادة أنه خلال الزيارة، قدم بارزاني تعهدًا مكتوبًا للسلطات الإيرانية، حيث تعهد مسؤولو أربيل بنزع سلاح "الجماعات الإرهابية" وضمان إخراجهم من إقليم كردستان.
وبحسب ما ورد يتضمن هذا الالتزام أيضًا وعدًا بالحد من الهجمات على النظام الإيراني من قبل وسائل الإعلام مثل رووداو وكردستان 24، والسيطرة على تنسيقها مع الكيانات الإعلامية الأجنبية.
ومع ذلك، فإن تنفيذ هذه الالتزامات قد يكون أمرًا صعبًا وقد يؤدي إلى توترات داخلية داخل المنطقة.