أعرب محللون في إيران عن ردود فعل متضاربة تجاه الزيارة الأخيرة التي قام بها المدير العام للطاقة النووية للأمم المتحدة رافائيل جروسي، في حين رد الرئيس إبراهيم رئيسي بتكرار خطاب طهران "الثوري".
وأعرب موقع "فراز" اليومي الموالي للحكومة في طهران عن تفاؤله بشأن الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي، مما يشير إلى أنها خففت بعض التوترات بين إيران والولايات المتحدة والدول الغربية بشكل عام.
ويأمل الموقع أن تؤثر الزيارة بشكل إيجابي على إحياء المفاوضات بين الغرب وإيران.
وفي مقابلة مع الموقع نفسه، أشار خبير العلاقات الدولية عبد الرضا فرجي راد إلى أن غروسي كان ينوي زيارة طهران لعدة أشهر، لكن التوترات الإقليمية والصراع في غزة أخرت رحلته.
وأشار فرجي راد إلى أن تورط إيران في هذه الأحداث أعاق زيارة جروسي. وبحسب فرجي راد، اتفق جروسي والمسؤولون الإيرانيون، خلال اجتماع في أصفهان، على مناقشة ثلاث قضايا محددة في اجتماعاتهم المستقبلية، رغم أنه لم يكشف عن ماهية هذه القضايا، ولم تسفر المحادثات في أصفهان حتى الآن عن أي نتائج ملموسة.
ونقل عن جروسي قوله إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تأمل في تعاون إيران في الاجتماع المقبل.
ووصف فرجي راد بيان غروسي بأنه نهج الجزرة والعصا: فالتعاون من جانب إيران يمكن أن يمنع الوكالة من إصدار قرار ضدها، لكن عدم التعاون قد يؤدي إلى مثل هذا القرار وربما يؤدي إلى إعادة فرض العقوبات.
ورغم هذه التعقيدات، أشار إلى أن زيارة غروسي ساعدت بشكل عام في تهدئة الوضع بشكل مؤقت.
وعندما سئل عن التأثيرات المحتملة على الاتفاق النووي مع إيران لعام 2015، قال فرجي: "لا تزال إيران تصر على أنها لم تنسحب من خطة العمل الشاملة المشتركة، على الرغم من أنها تقوم الآن بتخصيب اليورانيوم إلى نسبة نقاء 60 في المائة، وهو أعلى بكثير من الحد الأقصى المنصوص عليه في الاتفاق وهو 67.3".
وهذا يعقد أي اتفاق آخر لكن التغيير يظل ممكنا." وكشف أيضًا أن المناقشات التي جرت وراء الكواليس مع الولايات المتحدة حثت إيران على العودة إلى مستوى التخصيب المتفق عليه، خاصة وأن الولايات المتحدة تسعى إلى تجنب تصعيد التوترات قبل انتخاباتها.
ومع ذلك، اعترف فرجي راد بأن تورط إيران في صراع غزة أثر سلبًا على علاقاتها مع الدول الغربية. وتكهن محللون تحدثوا إلى تلفزيون إيران الدولي بأن زيارة غروسي إلى إيران لم تكن لتحدث دون موافقة واشنطن.
في الوقت نفسه، قال محلل آخر للسياسة الخارجية، الرئيس السابق للجنة السياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني حشمت الله فلاحتبيشه، لموقع رويداد 24 إن الولايات المتحدة أبقت الباب مفتوحا أمام المفاوضات بشأن القضية النووية.
وأضاف أن أسعار النفط المستقرة حاليا في الأسواق العالمية تعمل لصالح الولايات المتحدة. وفي حديثه ساخرًا عن زيارة غروسي، قال فلاحت بيشه إن "جروسي لم يحضر أي شيء من إيران سوى علبة غاز"، وهي حلوى فارسية شعبية تشبه النوجا.
في الوقت نفسه، وفي تناقض مع تعليقات فرجي راد حول إيران وخطة العمل الشاملة المشتركة، أكد فلاحت بيشه أن إيران تلتزم بالتزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، رغم أنها لم تستفد سياسيًا من الصفقة.
ورفض الزيارة باعتبارها مجرد بروتوكول، مضيفًا أن الحكومة الإيرانية تحاول تصوير هذه الزيارة غير المثمرة على أنها إنجاز للحفاظ على مظهر الالتزام بخطة العمل الشاملة المشتركة.
وأضاف أن "الطريق الوحيد للمضي قدمًا في خطة العمل الشاملة المشتركة هو نحو الانهيار".
من ناحية أخرى، كرر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خطابه الثوري القديم فيما يتعلق بالاتفاق النووي لعام 2015، مشيرًا إلى أن القيادة الإيرانية، وخاصة المرشد الأعلى علي خامنئي، لديها مشاعر مختلطة بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة.
ويبدو أنه لا يعجبه الاتفاق لكنه يرغب في جني ثماره. هذا التناقض يبقي الولايات المتحدة وأوروبا في حالة من عدم اليقين، وتتأرجح بين لحظات التفاؤل بشأن التوصل إلى اتفاق وأوقات تبدو فيها كل الآمال تتضاءل.
وقال رئيسي إن سلفه الرئيس حسن روحاني أراد فرض خطة العمل الشاملة المشتركة 2 وخطة العمل الشاملة المشتركة 3 على الأمة، لكن المرشد الأعلى علي خامنئي اعترض وواجه الأعداء بنفس الطريقة التي فعلها في الهجوم الصاروخي الأخير على إسرائيل.
وقال، متجاهلًا حقيقة أن ما قاله لم يكن منطقيًا تمامًا: "خطابنا يدور حول العقلانية الثورية، وليس حول دبلوماسية التسول".