في قلب صعيد مصر، حيث يروي نهر النيل الأرض ويمنح الحياة، يقف مصنع أرمنت للسكر شامخًا، شاهداً على نهضة مصر وتطورها، إلا أن هذا المصنع العريق لم يكتفِ بدوره الإنتاجي، بل حرص على أن يكون نموذجًا رائدًا في الحفاظ على البيئة، خاصةً ثروتنا المائية العظيمة.
ففي حدث هام شهدته محافظة الأقصر، تم افتتاح أول برج تبريد مياه في مصنع أرمنت للسكر، وذلك بحضور كوكبة من المسؤولين على رأسهم اللواء عصام البديوي، رئيس شركة السكر والصناعات التكاملية التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية.
ويأتي إنشاء هذا البرج ثمرةً للتعاون المثمر بين شركة السكر والصناعات التكاملية ووزارة البيئة (جهاز شئون البيئة)، تجسيدًا لتوجيهات القيادة السياسية الرامية إلى حماية نهر النيل والحفاظ على موارده من التلوث.
تبذل القيادة السياسية مساعي حثيثة للحفاظ على مياه نهر النيل من التلوث، وتقليل الفاقد منه باتباع التقنيات الحديثة في معالجة مياه الصرف الصناعي للمصانع وإعادة تدويرها، وتجسدت هذه الخطوات والجهود مؤخراً في قيام شركة السكر والصناعات التكاملية المصرية بافتتاح برج التبريد الجديد بمصنع السكر بمدينة أرمنت جنوب غرب محافظة الأقصر، وذلك بالتعاون مع وزارة البيئة (جهاز شئون البيئة).
وحول المشروع وتفاصيله، التقت "البوابة" مع اللواء عصام الدين البديوي العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لشركة السكر والصناعات التكاملية التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية، حيث أوضح أن افتتاح الوحدة يأتي تأكيدا لالتزام شركة السكر والصناعات التكاملية بالمعايير الواردة بقانون حماية نهر النيل رقم 48 لسنة 1982 ولائحته التنفيذية وتعديلاتها، وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية، والتي تجتمع بصفة دورية بقطاع الطب الوقائي التابع لوزارة الصحة والسكان ممثلة في لجنة الرصد البيئي والإنذار المبكر ومراقبة نوعية المياه لنهر النيل.
وتابع "البديوي"، بأن شركة السكر والصناعات التكاملية قامت بأعمال التوافق البيئي وتخطيط ما يجب عمله من خطط قصيرة الأجل تتم أثناء موسم الصيانة، وخطط طويلة الأجل بإنشاء مشاريع بيئية طبقاً لما تسفر عنه الدراسات المتخصصة مع المكاتب الاستشارية البيئية والشركات المتخصصة في رفع كفاءة وتأهيل المشروعات البيئية بكل مصانع الشركة، خلال خطة طويلة الأجل بدأت بالدراسة مع مصانع (جرجا– كوم أمبو) لخدمة شركتنا العريقة ومشروعاتها البيئية.
وأَضاف اللواء عصام البديوي، أن الضرورة اقتضت إنشاء برج تبريد جديد بطاقة 4000م3/س بهدف خفض درجة حرارة مياة التبريد للمصنع من 43 م o إلى 28مo بمعدل + 15مo ، وعليه فقد تم التعاقد مع إحدي الشركات الإيطالية لتوريد مكونات البرج وتم تحرير عقد رقم 13.6 بأرقام ضمان تعاقدية بحضور وكيل المورد.
وطبقاً لبرنامج زمني وصولاً إلى الاستفادة من المنح والقروض التي تمنحها وزارة البيئة مشروع التحكم فى التلوث الصناعي EPAP3 الذي يوفر الدعم الفني والمالي للمشروعات البيئية، لتحقيق التوافق البيئي وصولاً الى حدود القانون، علماً بأن مشروع EPAP3 قد بدأ فى 2015 وسينتهي في 2024.
حيث كان مبلغ القرض 2 مليون دولار (فائدة 1% سعر إقراض البنك المركزى المصري بالجنيه تم تخفيضه الى 1,16 مليون دولار بتاريخ 12/6/2023).
وأشار البديوي، إلى أن تكلفة إنشاء البرج بلغت 1.3 مليون دولار بمعدل 40 مليون جنيه بقيمة سعر الدولار 31 جنيه وقت بناء البرج من سنتين ونصف تقريبا، بينما بلغت تكلفة الأعمال الميكانيكية 900 ألف دولار والأعمال الكهربائية والأجهزة 300 ألف دولار، وأعمال الحقن والبلوف 100 ألف دولار.
وأضاف البديوي، أن شركة السكر والصناعات التكاملية المصرية طلبت عبر وزارة البيئة ووزارة الموارد المائية والري، بتصريف مياه التبريد فى ترعة السواحل بنطاق مصانع أرمنت رغم التأكيد على خلوها من أيه ملوثات صناعية أو عضوية، والتي تقدر بحوالى 1,5 مليون م3 أثناء فترة السدة الشتوية الا أن وزارة الموارد المائية والري اعتذرت وأوصت بالالتزام بمعايير قوانين حماية النيل.
فيما أوضح كيميائي صلاح عمر مصطفى العضو المنتدب لصناعة السكر، أنه تم تشغيل برج التبريد بكامل طاقته التصميمية وحققت أرقام الضمان التعاقدية الواردة بالعقد مع المورد الأجنبي "ILMED" وهي كالأتي: السعة الكلية للبرج = 4000م3/س، وتبلغ درجة حرارة الدخول = 43 مO .
وبلغت درجة حرارة الخروج = 28 مO، وبلغ معدل التغير في الحرارة TΔ = 15 مO ، وبلغ معدل استهلاك الطاقة الكهربائية للخلية الواحدة = 144 كيلو وات/ساعة، وتم عمل اختبارات التسليم بحضور القطاعات المعنية فى الفترة من 2-7/3/2024، وتم التنويه بضرورة استكمال تأهيل الأبراج القديمة العاملة حالياً بالمصنع لاكتمال التوافق البيئي لمصنع أرمنت طبقاً لتوصيات الخبير الهندي – استشارى وزارة البيئة.
من جانبه، أكد المستشار مصطفى ألهم محافظ الأقصر، أن وزيرة البيئة كانت قد تفقدت وحدة التبريد الجديدة الخاصة بالمصنع والتي تعمل بطاقة 400 متر مكعب/ ساعة بتمويل مشترك، حيث تم الانتهاء من جميع الاختبارات الميكانيكية وتشغيلها في موسم العصير المقبل.
وأضاف ألهم، أن مصر تتخذ كل السبل لمراعاة البعد البيئى بكل المقاييس العالمية المتبعة، مؤكدا تفهم القيادة السياسية لأهمية مواجهة التغيرات المناخية ودعمها الدائم والمستمر لقضايا المناخ والبيئة، مضيفا أن محافظة الأقصر تعد من أقل المحافظات تلوثا للبيئة.