استحوذت العملية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية، على اهتمام الصحف العالمية، وخاصة الأمريكية في إطار قياس ردود الأفعال وموقف واشنطن منها في ظل المباحثات التي جرت خلال الأسابيع القليلة الماضية بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
ونشرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، تقريرا في هذا الشأن، نقلت خلاله تصريحات لثلاثة مسئولين في إدارة الرئيس جو بايدن، قالوا إن الحملة الإسرائيلية، ليل الاثنين الماضي، على شرق رفح، والتي جاءت بعد ساعات من أمر إجلاء ١٠٠.٠٠٠ شخصا، جعلت الولايات المتحدة "قلقة" لكنهم شددوا بعد ذلك على أن العملية العسكرية لم تصل إلى حد الغزو البري الذي حذر منه البيت الأبيض، والذي من شأنه أن يضع ١.٤ مليون فلسطيني في خط النار.
وقال المسئولون، الذين رفضوا الكشف عن هويتهم بحسب بوليتيكو، إن "هذا ليس ما كنا قلقين بشأنه، وأكد الثلاثة إنه لا توجد مراجعة لسياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل الآن.
وأوضح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، في تصريحات للصحفيين، أن: "هذه عملية محدودة النطاق والمدة،" مؤكدا أن الولايات المتحدة "ستراقب هذه العملية عن كثب."
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلي أن ذلك يدل علي وجود حالة من الضبابية فيما يتعلق بموقف إدارة بايدن من اجتياح رفح ولعدة أشهر، قالت الولايات المتحدة علنا وسرا إنه لا ينبغي لجيش الاحتلال الإسرائيلي اقتحام رفح دون وجود خطة شاملة لحماية المدنيين.
وأوضح اثنان من مسئولي الإدارة الأمريكية، أن الولايات المتحدة تراقب لضمان عدم تحول العملية العسكرية الإسرائيلية إلى غزو شامل لرفح.
وأضافا أنه سيتعين على إسرائيل استدعاء المزيد من القوات لمواجهة ما يقدر بنحو ٣٠٠٠ عنصر من حماس في رفح وتحتها، مما يشير إلى أن عملية واسعة النطاق ليست وشيكة.
وقال بايدن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في شهر أبريل الماضي، إن تدهور الوضع الإنساني للفلسطينيين سيدفع الولايات المتحدة إلى إعادة تقييم سياستها تجاه إسرائيل، وهي رسالة كررها خلال محادثة مماثلة يوم الاثنين الماضي، لكن العملية العسكرية هذا الأسبوع، التي عزلت رفح عن المساعدات، تظهر أن الإدارة الأمريكية تواجه صعوبات في تحديد موقفها بوضوح.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، في تصريحات للصحفيين الثلاثاء الماضي، بعد وقت قصير من تصريحات كيربي، "هذا يبدو وكأنه مقدمة لعملية عسكرية كبرى،" مضيفا: "لم نشهد بعد بدء تلك العملية"، ولدى سؤاله عن هذا التعليق، أوضح: "لا نعرف ما إذا كانت مقدمة أم لا".
وجادل المسئولون الأمريكيون علنا بأن العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح كانت ردا محدودا على شن حركة حماس هجوما في نهاية الأسبوع الماضي أسفر عن مقتل أربعة جنود إسرائيليين لكن كجزء من تلك العملية، سيطرت إسرائيل الآن على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وأغلقت طريقا حيويا للمساعدات ودفعت آلاف الفلسطينيين إلى الفرار بحثا عن الأمان.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الثلاثاء الماضي، إن: "إغلاق معبري رفح وكرم أبوسالم يضر بشكل خاص بالوضع الإنساني المتردي بالفعل للفلسطينيين".
وقال بوب كيتشن نائب رئيس لجنة الإنقاذ الدولية لحالات الطوارئ إن أكثر من مليون مدني الآن في خطر وشيك، لافتا إلي توقف تدفق المساعدات عبر معبر رفح؛ مشيرا إلي عدم دخول شاحنات المساعدات منذ ٥ مايو.
وأدعي جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان مساء الاثنين الماضي، إنه أرسل قوات برية وعربات مدرعة إلى المنطقة للقضاء على عناصر حماس وتفكيك البنية التحتية للحركة، بما في ذلك مواقع تحت الأرض. وزعم: "منذ بدء النشاط العملياتي، تم القضاء على حوالي ٢٠ عنصرا من حماس وتم العثور على ثلاثة أنفاق تابعة للحركة".
وأضاف كيربي، في تصريحات للصحفيين، "ما قاله لنا نظراؤنا الإسرائيليون هو أن هذه العملية كانت محدودة ومصممة لقطع قدرة حماس على تهريب الأسلحة والأموال إلى غزة"، وتابع أن الولايات المتحدة ستعمل مع نظيراتها الإسرائيلية لإعادة فتح معبر رفح في أقرب وقت ممكن.
وقال القادة الإسرائيليون إن العملية العسكرية ستتوسع وأدعي نتنياهو، في خطاب الثلاثاء الماضي، إن هذه التحركات "خطوة مهمة" نحو تفكيك "القدرات العسكرية والاقتصادية لحماس".
فيما قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت: "ستستمر هذه العملية حتى نقضي على حماس في منطقة رفح وقطاع غزة بأكمله، أو حتى عودة الرهينة الأولي".
وقالت حماس، يوم الاثنين الماضي، إنها وافقت علي اتفاق وقف إطلاق النار الذي اقترحته مصر وقطر.
لكن أوضحت الصحيفة أن هذا الاتفاق لم يكن هو الذي تدعمه إسرائيل والولايات المتحدة.
وبعد ساعات، شنت إسرائيل عمليتها في رفح، مما قد يعقد المحادثات ويضر بالجهود الأوسع لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وفقا للصحيفة.