الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

منير أديب يكتب: صفقة نتنياهو الفاشلة مع اليمين المتطرف

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مع قرب توقيع اتفاق يتم فيه تبادل الأسرى بين حركة حماس والحكومة الإسرائيلية، يحتاج المشهد الفلسطيني إلى مزيد من القراءة العميقة، خاصة وأنّ الجيش الإسرائيلي قام بإحتلال معبر رفح، فضلًا عن تصريحات مسؤوليه بالتحفظ على الورقة المصرية، رغم موافقة حركة حماس عليها.

 في البداية لا بد أنّ نُدرك أننا اقتربنا بالفعل من اتفاق حقيقي بين الجانبين، مع العلم أنّ التوقيع على هذا الإتفاق قد يتم في غضون أيام وقد يمتد لأسابيع وقد يستمر التفاوق على نقاط الخلاف التي أبدتها إسرائيل في الساعات الأخيرة لشهور طوال!

ما فعلته إسرائيل كان متوقعًا، ولذلك لجأت حماس للموافقة على الورقة المصرية المعدلة، لأنها تًدرك طبيعة العقل الإسرائيلي المفاوض، ولذلك ألقت الكرة في ملعبة، وهنا بات الخلاف أكثر وضوحًا ليس فقط بين القيادات السياسية والجيش الإسرائيلي، ولكن بين القيادتين السياسية والعسكرية والرأي العام داخل إسرائيل.

حماس كانت تُريد أكثر مما جاء في الورقة المصرية رغم التعديلات التي أجريت عليها، ولكنها في ذات الوقت تُدرك أنها تخوض معركة ضد إسرائيل، هذه المعركة تستهدف فيها الحركة رئيس وزراء إسرائيل وحكومته المتطرفة، وهنا تُريد حماس ومعها بقية الفصائل الفلسطينية أنّ تكتب وثيقة فشل للحكومة الحالية، أو أي حكومة متطرفة في أي وقت، فشل لا يسمح لها بالعودة تحت أي ظرف.

إسرائيل تُمارس نوعًا من الضغط العسكري سواء من خلال تنفيذ عمليات محدودة في جنوب غزة أو من خلال احتلال معبر رفح، وحتى ولو كان ذلك لفترة محدودة أو ردًا على عملية حماس ضد معبر كرم أبو سالم والذي تسيطر عليه القوات الإسرائيلية.

الضغط العسكري هو جزء من استراتيجية إسرائيل منذ اندلاع أحداث 7 أكتوبر الماضي، صحيح الضغط العسكري لم يأتي بالنتائج التي أرادتها إسرائيل، ولكنها لم تتخلى عن هذا الخيار، لأنها ببساطة لا تجد غيره، خاصة وأن نتنياهو يُريد أنّ يُحافظ على تماسك حكومته وقتًا أطول، كما يُريد أنّ يُؤجل أي محاكمة له، ولذلك يُحاول أنّ يظهر وكأنه المنتصر في معركة خسرت فيها إسرائيل شرفها العسكري، كما لم يحدث من قبل.

الاتفاق يُعني هزيمة إسرائيل حتى ولو رُعيت فيه المطالب الإسرائيلية، وهذا يُفسر التراجع الإسرائيلي؛ فإسرائيل تقف ما بين الرأي العام الذي يضغط في اتجاه اتمام الصفقة وسط عجز عسكري يُفضى لتحرير الأسرى الإسرائيلين وما بين الرغبة في تحقيق انتصار سياسي في معركة رفعت فيها إسرائيل الرايات البيضاء، رغم حجم القتل والدمار الذي أحدثته آلة الحرب الإسرائيلية.

حماس لن تتخلى عن مطالبها بعد أنّ إرتضت بوقف مؤقت لإطلاق النار يتبعه وقف دائم وخروج بقية الأسرى الإسرائيلين مع وجود ضامنين دوليين وإقليميين للإتفاق، وهنا ظهرت إسرائيل بأنها تتعنت في التوصل لإتفاق، هذه الصورة باتت أكثر وضوحًا أمام الرأي العام الدولي والمحلي في إسرائيل.

وتقديري في استمرار إسرائيل في هذا النهج مزيد من الخسائر، وهذا ما يُحدد طبيعة المعركة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، المعركة لم يكن ميدانها العسكري، الذي لم تُحقق فيه إسرائيل أي منجز يمكن التعويل عليه، ولكن ميدانه السياسة والدبلوماسية.

صحيح القادة العسكريون في القسام هم من يتفاوضون، يقبلون أو يرفضون أي اتفاق ولكنهم تفوقوا كثيرًا على القادة السياسيين في إسرائيل، فضلًا على أنهم تفوقوا على القاعدة العسكريين في المعركة التي مازالت تدور رحاها في فلسطين.

ليس أمام إسرائيل إلا القبول بالورقة المصرية حتى تُقلل من الفشل والهزائم المتلاحقة، لا بد أنّ تدرك إسرائيل أنها خسرت الرأي العام الدولي والمحلي، كما أنها خسرت جزء كبير من التعاطف الدولي والأوروبي، وباتت دولة معزولة ومنبوذه، حتى ولو استمرت أمريكا في دعمها عسكريًا وسياسيًا.

نجحت القاهرة في إحراج إسرائيل من خلال الورقة المصرية الأخيرة، هذه الورقة ترجمت مطالب حماس وتخوفات إسرائيل، راعت فيها رغبات الطرفين؛ فنجح المفاوض المصري في أنّ يجمع الطرفين على مائدة واحدة وأنّ يُصيغ اتفاق رغم النقاط الخلافية بينهما.

صحيح لم يتم الإعلان عن نجح الإتفاق وقد يتأخر ذلك، ولكن هذا متوقع من الجانب الإسرائيلي المراوغ، وهذا يُحسب للقاهرة التي تمتلك كل أوراق اللعبة بما لها من تاريخ وبما يمتلكه المفاوض المصري من حكمة بالغة، تنم عن فهم دقيق لكل الطرفين.

الصفقة الأخيرة قد يكون مصيرها الفشل لو أصر بنيامين نتياهو عقدها مع اليمن المتطرف وليس مع الجانب الفلسطيني وحركة حماس، لا يوجد غير طريق واحد للخروج من الأزمة الحالية التي تعيشها إسرائيل ألا وهو القبول بشروط حماس والتي تتعلق بعودة النازحين والإعمار وخروج الأسرى الفلسطينين وإنهاء الحرب الإسرائيلية، وهنا سوف تفرض حماس وجودها على المشهد الفلسطيني رغمًا عن إسرائيل.