فرقة الإباحية هي إحدى فرق الإسلام، وينقسم أصحابها إلى صنفين، الأول منهم كان قبل ظهور الإسلام كـ«المزدكية» الذين استباحوا المحرمات، وزعموا أن الناس شركاء في الأموال والنساء، ودامت فتنتهم إلى أن حاربهم «أنوشروان» وهو كسرى الأول.
والصنف الثاني من الإباحية هم الخرمدينية، وهؤلاء ظهروا في دولة الإسلام وانقسموا إلى فرقتين: بابكية ومازيارية، وكلتاهما معروفة بالـ«المحمرة»، الأولى أتباع بابك الخُرَمي الذي ظهر في جبل البدين في ناحية أزريبيجان.
نهاية البابكية على أيدي العباسيين
وكثر أتباعه واستباحوا المحرمات وقتلوا الكثير من المسلمين، وجهز إليه الخلفاء العباسيين جيوشًا ظلت عشرين عامًا إلى أن أخذوا «بابك» وأخوه إسحق بن إبراهيم وصلبوهما أمام العامة، في عهد الخليفة المعتصم بالله.
أما أصحاب الفرقة الثانية فهم أتباع «مازيار» الذي أظهر دين المحمرة وَظهر له أَتباع في جبال طبرستان وإليهم تنْسب قنطرة المحمرة بـ«جرجان»، وكانوا يظهرون الإسلام ويضمرون خلافه.
لهم أعياد يجتمعون فيها على الخمر والزمر والنساء
وأصحاب الإباحية من الفرقتين يسقطون التكاليف ويعطلون العبادات، ويتعلمون القرآن ولا يرون جهاد الكفرة، ولهم أعياد يجتمعون فيها على الخمر والزمر والنساء، فإذا أُطفئت الأنوار أقبل الرجال على من يتصادف معهم من النساء دون تمييز.
كثير من فرق الغلاة كانوا على مذهب الإباحية، ومن ذلك «الجناحية» أتباع عبدالله بن معاوية بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، والعذافرة أتباع ابن أبي العذافر، وهؤلاء استحلوا الخمر والميتة والزنا واللواط وسائر والمحرمات.
وأسقطوا وجوب العبادات، وقالوا في المحرمات المذكورة في القرآن: أنها كنايات عن قوم يجب بغضهم كأبي بكر وعمر وطلحة، وكان أبي العذافر يقول عن اللواط: إنه إيلاج الفاضل نوره في المفضول، وأباح أتباعه حرمهم طمعًا وحبًا في الأنوار.
الإباحية المتصوفة
أما الإباحية المتصوفة فهم فرقة مندسين في الصوفية ومتشبهيين بهم، حيث إنهم دخلوا التصوف ظاهرًا وقالوا: إذا كانت الساعدة والشقاوة قد كُتبت علينا، والأعمال في الأصل لا تُراد إلا لجلب السعادة ودفع الشقاوة.
فإن الأولي أن تُوجه العبادة إلى مساعدة المقدور على الوقوع، بأن نترك النفوس على سجيتها ولا نمنعها ملذوذ مقدور لها تحصيله، وقالوا: إن الله مستغنٍ عن أعمالنا، فلنترك إذن أنفسنا على سجيتها بحسب ما هو مُيَسر له كلٌ منا.
ومن الإباحية جماعة ظنوا أنهم بلغوا من التصوف نهايته، فقالوا: إذن لا نُبالي ما يصدر منا سواء مع الشرع أو ضده، وادعوا أن الشريعة مقصودها ضبط العوام الذين لم يعودوا هم منهم فلا يشملهم التكليف.
وذكر ابن الجوزي وابن جرير: أن هؤلاء الإباحية كانوا يستحلون المحرمات، ومنهم جماعة قالوا بالمؤاخاة بين الرجال والنساء، كما أنهم كانوا يقولون: "نترك الأجسام لتلتقي الأنوار، وتصفو الأرواح، وتحصل البركات".
فكان مذهبهم المُماذجة في الوطئ بدعوى أن في جسم كل واحدًا منهم نورًا إلهيًا، والوطئ يمزج الأنوار، ويكون بها التقاؤها فيتحصل على الخير وتنزل البركة.
المصادر:
موسوعة الجماعات المذاهب والفرق الإسلامية للدكتور عبدالمنعم الحفني
موسوعة الفرق والمذاهب في العالم الإسلامي تقديم الدكتور محمود حمدي زقزوق