رغم الاختلاف العقائدي بين «تنظيم القاعدة» السني، و«ميليشيا الحوثي» ذات المذهب الشيعي؛ لا زال التعاون بين التنظيمين الإرهابيين قائماً ومتواصلاً ويزداد يوماً بعد يوم، وهو ما جعله محل مراقبة في الأوساط الإقليمية والدولية، خاصة أن هذا التعاون سيؤدي لتوسع أحداث التصعيد التي تشهدها المنطقة وزعزعة أمن واستقرار دول الإقليم، التي تعاني من أزمات متراكمة جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي لم تضع أوزارها بعد وأعمال القرصنة البحرية للحوثيين والتي أثرت على حركة الملاحة والتجارة العالمية.
تعاون الإرهابيين
يأتي هذا في إطار ما كشفته صحيفة «التلجراف البريطانية» في تقرير لها في 5 مايو 2024، أن الميليشيا الحوثية تتعاون مع فرع القاعدة باليمن المعروف باسم «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» من أجل مساندتها في أحداث البحر الأحمر، وذلك من خلال منح الجماعة الانقلابية الطائرات بدون طيار (الطائرات المسيرة أو الدرون) لعناصر القاعدة وتبادل المعتقلين بينهم، وهذا في مقابل أن يقوم عناصر القاعدة بالتركيز على استهداف المحافظات الجنوبية في محاولة للسيطرة على الجنوب من المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للحكومة الشرعية، ومن أجل صرف نظر القوات المسلحة الجنوبية عن تحركات الميليشيا الحوثية داخل المناطق المحررة.
جديراً بالذكر أن ما كشفته الصحيفة البريطانية ليس بجديد، خاصة أن التعاون بين الحوثي والقاعدة اللذين كانا خصميْن إيديولوجيين ليس وليد اللحظة، ولكن ما يبرز أهمية هذا التعاون، هو التوقيت، إذ أنه يأتي بالتزامن مع تفاقم التوترات بالمنطقة وهو ما من شأنه أن يخلق مخاطر جديدة في هذه المنطقة المتوترة خاصة مع استمرار حرب الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
أهداف الحوثي
وتجدر الإشارة أن وجود تنظيم «القاعدة» في المحافظات الجنوبية، يخدم مصالح وأجندة الميليشيا الحوثية، حيث يتخذ عناصر القاعدة من الجنوب "ملاذ ومأوى" له، وينفذوا بين الفترة والأخرى أعمال إرهابية، تزايدت بعد إطلاق القوات المسلحة الجنوبية في أغسطس 2022، عملية «سهام الشرق 1و 2» لدحر الإرهاب في الجنوب، وهو ما يؤكد أن الجماعة الحوثية بالتعاون مع هذا التنظيم الإرهابي لا تريد أن تنعم المحافظات الجنوبية وخاصة الواقعة تحت سيطرة الشرعية بالأمن والاستقرار حتى تستطع بشكل متواصل إجبار الشرعية على الاستجابة لشروطها المزعومة.
وفي الوقت ذاته، صرف أنظار القوات اليمنية عن التركيز مع هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن وباب المندب وإشغال القوات الجنوبية بالقتال مع القاعدة الذي رفع من حدة هجماته حيث نفذ خلال العام 2023 نحو 55 هجوما إرهابيا نجم عنه سقوط حوالي 156 قتيلا وجريحا، وكان آخر هجوم إرهابي لتنظيم القاعدة مطلع أبريل 2024، حيث استهداف عناصر التنظيم الإرهابي، مواقع قوات "سهام الشرق" في مودية بمحافظة أبين الجنوبية سقط على اثره نحو 8 قتلى وجرحى.
شراكة إرهابية
وحول هذا التعاون بين التنظيمين الإرهابيين، يوضح الدكتور «محمود الطاهر» الباحث السياسي اليمني، أنه هناك اتفاقا وغرفة عملية مشتركة في صنعاء تديرها قيادات حوثية في تنظيم القاعدة وفقًا للتفاهمات التي تمت بين التنظيمين في 2022 بوساطة ايرانية، والذي يهدف لزعزعة المناطق المحررة، ولكن القوات الحكومية نجحت في التصدي لهم.
ولفت «الطاهر» في تصريح خاص لـ« البوابة نيوز» أن الحوثي والقاعدة نفذا عمليات ارهابية مشتركة في المحافظات المحررة، ركزت على اغتيال القيادات البارزة في القوات الجنوبية خاصة التي نجحت في اخماد تمرد الحوثي في بداية مشوارهم، ومن أبرزهم القائد العسكري بالجيش الوطني اليمني «ثابت جواس»، وفي الوقت ذاته عودة الأعمال الإرهابية بقوة للجنوب يدل على وجود أهداف جديدة يريد الحوثي تحقيقها من خلال اطلاق يد هذه التنظيمات الإرهابية.