في ظل الجدل الدائر حاليا حول مشروع قانون مكافحة الانفصالية الذي يهدف إلى مواجهة التطرف الديني والتدخلات الأجنبية في فرنسا، تبرز الأسئلة حول دور ونشاط جماعة الإخوان في البلاد، والتي تعتبر من أبرز ممثلي تيار الإسلام السياسي في أوروبا خاصة في فرنسا.
فمنذ عقود مضت، تمكنت جماعة الإخوان من تأسيس شبكة واسعة من المنظمات والمؤسسات والمساجد والمدارس والمراكز الثقافية والإعلامية، تحت مظلة اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، الذي يضم أكثر من 250 جمعية إسلامية.
وتستخدم هذه الشبكة كوسيلة لنشر أفكار ورؤية الإخوان الارهابية، وتجنيد أتباع ومؤيدين لها، والتأثير على السياسة والمجتمع في فرنسا، والاستفادة ايضا من حقوق الحرية والتعددية والتنوع، التي تضمنها الحكومة الفرنسية.
وفي الوقت الحالي تواجه فرنسا تحديات كبيرة في التعامل مع الإخوان، التي تسعى إلى خلق مجتمع موازي، ينفصل عن قيم ومبادئ فرنسا، خاصة أن الإخوان تعمل على نشر خطاب الكراهية والتطرف والعنف، وتستقطب الشباب الفرنسي من أصول عربية وإسلامية، حتى يتم تحويلهم إلى عناصر متشددة ومتطرفة، قادرة على تنفيذ هجمات إرهابية داخل فرنسا.
تاريخ وهيكل الإخوان في فرنسا
يعود تاريخ تواجد الإخوان في فرنسا إلى الستينيات من القرن الماضي، حين هاجر بعض القيادات والعناصر الإخوانية من الدول العربية إلى فرنسا، بعد أن تعرضوا للملاحقة في بلدانهم الأصلية بسبب إرهابهم وفكرهم.
ومن بين هؤلاء المهاجرين، كان الشيخ سعيد رمضان، صهر حسن البنا مؤسس الجماعة، والذي أسس عندما وصل في جنيف مركزًا إسلاميًا يعتبر مقرًا للإخوان في أوروبا.
واستفادت الجماعة حينها من وجود عدد كبير من المهاجرين المسلمين في فرنسا، خاصة من الجزائر والمغرب وتونس، وحاولت تنظيمهم وتوجيههم وتعليمهم وفق رؤيتها الإخوانية.
كما استخدمت الجماعة الجامعات والمنظمات الطلابية كمنصات لنشر أفكارها وتجنيد أتباعها، وكان في ذلك الوقت للنشطاء التونسيون المرتبطون بحركة النهضة الإسلامية دور بارز في هذا الصدد.
وفي عام 1983، تم تأسيس اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا (UOIF)، الذي يعتبر منظمة تابعة للإخوان في البلاد، والذي يضم أكثر من 250 جمعية إسلامية.
ويتكون هيكل جماعة الإخوان في فرنسا من ثلاثة مستويات: المستوى الأول هو المجلس الشورى، الذي يضم قيادات الجماعة ويتخذ القرارات الاستراتيجية.
والمستوى الثاني هو المجلس التنفيذي، الذي يضم ممثلي الجمعيات الإسلامية المنضوية تحت الاتحاد، ويتولى تنفيذ القرارات والخطط.
أما المستوى الثالث هو المجلس العلمي، الذي يضم علماء ودعاة ومفكرين مرتبطين بالجماعة، ويتولى إصدار الفتاوى والمواقف الدينية.
أنشطة وأهداف الإخوان في فرنسا
تتمثل أنشطة وأهداف الإخوان في فرنسا في عدة مجالات، منها:
الجانب الديني، حيث تسعى الجماعة إلى نشر فكرها السياسي، وتعزيز الهوية الإخوانية لدى المسلمين الفرنسيين.
وتصدر الجماعة فتاوى ومواقف دينية، تحت مظلة المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، والذي يضم عدة علماء ودعاة مرتبطين بالإخوان.
أما الجانب الاجتماعي، فتسعى الجماعة من خلالة إلى تقديم الخدمات والمساعدات الاجتماعية للمسلمين الفرنسيين، وتحسين ظروفهم المعيشية حتى تستغلهم في تحقيق أهدافها في المستقل.
وتدير الجماعة عدة منظمات وجمعيات غير حكومية، تحت مظلة الاتحاد، مثل الصندوق الأوروبي للمرأة المسلمة، والذي يهدف إلى دعم حقوق ومشاركة المرأة المسلمة في المجتمع الأوروبي، والصندوق الكندي، والذي يهدف إلى تمويل المشاريع الإسلامية في فرنسا وكندا، والصندوق الإسلامي للتضامن الاجتماعي، والذي يهدف إلى مساعدة الفقراء والمحتاجين واللاجئين والمرضى والمسنين واليتامى.
ومن الجانب السياسي، تسعى من خلاله الجماعة إلى التأثير على السياسة والمجتمع الفرنسيين، والدفاع عن مصالحهم هناك.
وتشارك الجماعة في الانتخابات الفرنسية، سواء على المستوى المحلي أو الوطني، وتدعم بعض المرشحين السياسيين، المتحالفين معها أو المتعاطفين معها، من خلال حشد الأصوات الإسلامية لهم.
وتمثل الجماعة في المجلس الديانة الإسلامية في فرنسا، والذي يعتبر الهيئة الرسمية للحوار مع الدولة الفرنسية بشأن الشؤون الإسلامية.
وتنظم الجماعة مؤتمرات وندوات ومظاهرات وحملات توعية وتضامن، تحت مظلة الاتحاد، حول قضايا تهم المسلمين الفرنسيين والعالميين، مثل مكافحة الإسلاموفوبيا والعنصرية والتمييز والتطرف والإرهاب، والدفاع عن القضايا الفلسطينية والسورية والمغربية والليبية والعراقية واليمنية وغيرها. من ناحيته قال استاذ العلوم السياسية اشرف قاسم، إن جماعة الإخوان في فرنسا بدأت تستغل عدد كبير من الشباب المجند في تنفيذ عمليات إرهابية، لكن في كل مرة تستطيع الحكومة الفرنسية احباط تلك المحاولات، وأثناء التحقيقات يتبين أنهم أما شباب تابعين لجماعة الاخوان، واما شباب تابع لتنظيم داعش الإرهابي.
وأكد قاسم في تصريح خاص ل" البوابة نيوز"، أن فرنسا بها عدد كبير جدا من الشباب العربي خاصة من دول شمال إفريقيا، وعدظ كبير منهم يواجه حياة قاسية هناك، والجماعة تستغل تلك المحن وتتعمد مساعدتهم ومحاولة تجنيدهم، وبالفعل يقع العديد من الشباب في مصيدتهم.
و أوضح استاذ العلوم السياسية، أن الحكومة الفرنسية بدأت تستشعر خطر الجماعة وتحركاتها المشبوهه، واتخذت العديد من الإجراءات الأمنية والقانونية لحماية المجتمع منها التشديد على خطب المساجد والأئمة.