الجمعة 01 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حكاية عن مصر الحائرة زمان  بين القصرين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 (عابدين) أم (الدوبارة)

(الاستقلال) أم ( الاستقلال التام)

(الجامعة الإسلامية) أم (الجامعة الوطنية)

 (الدين يجمعنا) أم (الوطن هو الذى يجمعنا) 

 

بداية الحكاية: فى العام 1882  كانت مصر ولاية عثمانلية تابعة للدولة العثمانية وأصبحت أيضا وقتها مستعمرة إنجليزية تابعة للاحتلال الإنجليزى.

أصبح  هناك حاكمان لمصر حاكم عثمانلى يسكن قصر (عابدين) وحاكم إنجليزي يسكن قصر (الدوبارة) فى جاردن سيتى، والعثمانيون والانجليز حلفاء وقتها طبعا. 

وكان المصريون حائرين بين القصرين (عابدين) و(الدوبارة).

منهم من ينحاز بشدةإلى  قصر عابدين فالخليفة العثمانلى  مسلم ويسمى نفسه خليفة المسلمين ومنهم من يعتبر العثمانيين متخلفين وأن الإنجليز متقدمون والتبعية لهم أهم وأفيد للبلاد  فينحاز بشدة لقصر الدوبارة. كانت مصر حائرة بين القصرين (عابدين) و(الدوبارة)

 

 فى العام 1907 حدثت أكبر محاورة سياسية عرفها  تاريخ البلاد بين مصطفى كامل وأستاذ الجيل رائد القومية المصرية  أحمد لطفى السيد،  عبر جريدتين الأولى هى  جريدة (اللواء) والثانية هى  جريدة (الجريدة) وهى صحف ناطقة ومعبرة عن حزبين وقتها  (الحزب الوطنى) برئاسة مصطفى كامل و(حزب الأمة) برئاسة والد محمد محمود (محمود باشا سليمان) نائب أسيوط الأشهر ثم رئيس الجمعية العمومية ثم وكيل مجلس شورى القوانين المتوفى 1929.

 انتهت المحاورة السياسية الأشهر فى تاريخ البلاد  أو قل المعركة الفكرية السياسية  إلى انتصار ساحق ماحق  وانحياز عارم من المصريين لحزب الأمة وطرحه وموات للحزب الوطنى وموت مصطفى كامل  ايضا فى بدايات العام 1908 فى فبراير فى سن مبكرة للغاية 

 المحاورة كانت خطيرة وفارقة  فمصطفى كامل يدعو  للخلافة الإسلامية وتبعية مصر للسلطان العثمانى  ويرى في ذلك مستقبلا زاهرا ومجدا تليدا، وينادى يوميا فى صحيفة (اللواء)  (بالجامعة الاسلامية) التى يجب ان تجمعنا ويرفع شعار الدين يجمعنا، ويرى استقلال مصر فى تبعيتها لقصر عابدين والعثمانيين فيرفع شعار (الاستقلال) فقط عن قصر الدوبارة الانجليزى، مع التبعية الكاملة لقصر عابدين ويسب عرابى يوميا فى كل مقالاته بسبب ثورته ضد قصر عابدين .

  وأستاذ الجيل رائد القومية المصرية على الجانب الاخر يرفع شعار (الاستقلال) ولكن الاستقلال  (التام) عن القصرين عابدين وقصر الدوبارة ايضا  ويرفع شعار (لا للقصرين)  (مصر للمصريين) ويرد على مصطفى  كامل فى صحيفة (الجريدة) لسان حال حزب الامة ويقول له (لا)، الوطن هو الذى يجمعنا ويدعو للجامعة الوطنية المصرية ووحدة المصريين مسلمين ومسيحيين، بديلا للجامعة الإسلامية التى يدعو كامل لها ويدعو الى عدم التبعية لأى قصر، ويرفع شعار الحركة الوطنية أيام العرابيين مصر للمصريين .

 المصريون فى الشوارع والمقاهى وفى حقولهم وجلساتهم يتلقفون الدعوتين دعوة كامل عن (الاستقلال) ودعوة احمد لطفى السيد عن (الاستقلال التام)، دعوة كامل عن (الجامعة الاسلامية) ودعوة أستاذ الجيل عن (الجامعة الوطنية)

كلام كامل  بان (الدين يجمعنا) وكلام استاذ الجيل وتأكيده بأن (الوطن سابق على الدين وهو الذى يجمعنا)

  وفى النهاية ينحاز المصريون  بشدة الى دعوة استاذ الجيل  رائد القومية المصرية أحمد لطفى السيد ويرفعون شعار (لا للقصرين) مصر للمصريين لا للحاكم القابع فى قصر عابدين ولا للحاكم الانجليزى القابع فى قصر الدوبارة (الاستقلال) ولكن ( التام) أو (الموت الزؤام)، (عاش الهلال مع الصليب) وحدة وطنية واحدة، مصر للمصريين، فى ثورة عارمه ضد التبعية للعثمانيين والانجليز فى مارس من العام 1919 وينجح المصريون فى إلغاء الحماية البريطانية على مصر التى فرضت علينا فى العام 1914 ويقتنصون من بريطانيا العظمى تصريح فبراير 1922 بإستقلال مصر (المشروط) ويحصلون على أول دستور فعلى مطبق  للبلاد فى العام   23 ويحولون الملكية المطلقة للملك  الى ملكية دستورية مقيدة للغاية وملك بلا سلطات واول وزارة منتخبة من الشعب عام 24 برئاسة سعد باشا ويضع الاجداد ثوابت الحركة الوطنية المصرية فى ثابتين حصريين الاول (سيادة الامة المصرية) فى مواجهه الخارج وسيادتها فى مواجهة الحاكم (الملك)، و(الوحدة الوطنية) الذى يتكون من(المساواة فى المجال الوطنى أو المواطنة بلغتنا المعاصرة بالاضافة الى العدالة الاجتماعية)، ويؤكدون على تلازم الحريتين (حرية مصر) و(حرية المصريين)

وفى العام 1928 ترى بريطانيا أهمية ضرب الحركة الوطنية المصرية وضرب الوحدة الوطنية المصرية وضرب وهدم ثواب حركة المصريين الوطنية وتفتيت النسيج الوطنى وتمزيقه  فتعمل المخابرات البريطانية على إحياء تيار الخلافة الاسلامية مرة أخرى وهو التيار الذى خفت ومات بموت صاحبه فى العام 1908 وتدعم بريطانيا من جديد احياء تيار مصطفى كامل  (الجامعة الاسلامية)  وتفعل توصيات اللورد كرومر حاكم مصر الانجليزى قرابة  25 عاما من 1883  وحتى 1907   والتى أوصى بها مخابرات بلاده لضرب الحركة الوطنية المصرية وهى دعم  تيار الخلافة الاسلامية الناشئ فى قصر عابدين حول الشاب الغض عباس حلمى الثانى  وقيادته وتوجيه ايضا،

كان الداهية  كرومر قد رصد تشكل ذلك التيار حول حاكم مصر الصغير ابن توفيق عباس حلمى الثانى الذى تولى فى العام  1892 وحتى 1914  - فنصح مخابرات بلاده بعدم محاربة ذلك التيار أو القضاء عليه واقترح رعايته واحتضانه وركوبه وتوظيفه وتوجيهه ضد الحركة الوطنية المصرية ومحاولة ضرب وحدة المصريين الوطنية وتقسيمهم الى مسلمين ومسيحيين، اقترح كرومر أن تختار المخابرات البريطانية شخص يتمتع بالمواصفات الاتيه اولها الا يكون أزهريا معمما، وان يكون من كارهى الازهر، وأن يكون من دعاة الرجعية والانغلاق والمحافظة، فوقع الاختيار على حسن البنا الذى رسب فى اختبارات الازهر وفى حفظ 3 اجزاء من  القرآن وعاش يكره الازهر  وكان ماكان، راجع مذكرات اللورد كرومر ويومياته التى صدرت مؤخرا.