قال بطريرك الإسكندرية وسائر الكرازة المرقسيّة للأقباط الكاثوليك، البطريرك ابواهيم اسحق في عظته في قداس القيامة المجيد أنّ الخوف من الموت يدعوني أن أعيش كل لحظة من حياتي بتركيز وعناية ولا أهدر أيّ لحظة بأنانيّة أو إهمال. الرب المخلّص يدفعنا نحو الحياة وليس الموت. يعلن الملاك للنسوة أن يسوع ليس ههنا لكنّه قام! إنّه ليس في القبر ولا يريدنا أن نبقى في القبر، خرج ويريدنا أن نخرج منه!
فالخوف ليس من عمل الله، فهو يريد أن يحرّرنا، ليفتح لنا طريقًا في الوقت الذي نعتقد فيه أنّه لا يوجد مستقبل، أو أن الأسوأ قادم بالتأكيد. ”إنّه ليس هنا، لكنّه قام!“ (متى 26: 6)
ثانيًا: المسيح القائم يحوّل خوفنا إلى قوّة وحياة
الاحتفال بقيامة المسيح ليس احتفالا بحدث من الماضي بل إحياءه اليوم. فالمسيح قام من أجلنا ومن أجل خلاصنا، ليفتح لنا بانتصاره على الموت، الحياة الأبديّة. فالاحتفال بقيامة المسيح هو دعوة متجدّدة للاشتراك في قيامته. كما يدعو القدّيس بولس أهل كولوسي ونحن معهم: ”أيّها الإخوة، إن كنتم قد قمتم مع المسيح فاسعوا إلى الأمور التي في العلى، حيث المسيح جالس عن يمين الأب“ (كو 3: 1)
هذا هو الاحتفال الحقيقيّ بعيد القيامة المجيدة. المسيح القائم يريد أن يحرّرنا ويغيّر حياتنا، فهل أصدق ذلك؟ هل أؤمن به؟ هل أنا مستعدّ لنبذ الشرّ وكلّ ما يؤدّي إلى موت الخطيئة، لأعيش حرّيّة أبناء الله؟
إن نعمة القيامة ليست للغد بل الآن وهنا. لكي يتجلّى المسيح القائم ويمنحنا نوره وقوّة انتصاره على الموت وكلّ أشكاله. ويخرجنا من قبر حساباتنا ورباطات أنانيّتنا التي تريد أن تحتكر كلّ شيء لنفسها.
واجه مخاوفك بنعمة المسيح القائم وحوّلها إلى جسور تعبر عليها متّجهًا نحو الحياة.
لا تكن ضحية مخاوفك،
هلّم تعال إلى يسوع القائم، ليشفي بروحه القدّوس كلّ الجروح ويطرد أيّة مخاوف. فحياتنا لا يمكن أن تزهر وتثمر إن لم نرجع إلى الله الذي وحده يمنحنا النصرة والغلبة على مخاوفنا التي تعوق حياتنا ودعوتنا أن نصبح شهودًا حقيقيّين لقيامته المجيدة. ”يعظم انتصارنا بالذي أحبّنا“ (رو 8: 37)
لقد تحرّر التلاميذ من الخوف الذي كان يسكنهم قبل القيامة فكانوامحبوسين في العلّية، وبعد اللقاء بالمسيح القائم وحلول الروح القدس عليهم، نراهم يخرجون ويعلمون جميع الناس قيامة يسوع. هكذا أيضًا كل من اشترك ويشترك حقًّا في قيامة المسيح وينال الروح القدس ينال هبة مخافة الربّ التي هي هبة القوة كما يقول يشوع بن سيراخ: ”منيخاف الربّ لا يخاف شيئًا“ (سي 34: 16). فمخافة الله تحرّرك من كلّ مخاوف وتحوّل خوفك إلى قوّة وحياة.
لننشر نور القيامة ولنوزع ثمارها. إنّ عالمنا المعاصر يحتاج القيامة. كثيرون هم الذين يعانون من الهموم، ويكافحون ضدّ مخاوفهم وتحدّيات ظروف حياتهم، ويحتاجون إلى اختبار أنّهم محبوبون من الله مجّانًا.
هذه البشرى هي رسالة المسيحيّين، ليكونوا خميرة الرجاء، تحرّكهم قيامة المسيح وتجدّد حياتهم وتجعلهم يتصرّفون مثل المسيح، فيكونوا في العالم علامة لخليقة جديدة بقوّة الروح القدس.
المسيح قام! وهو يعرفك ويقرأ ما بداخلك، ينظر إلى قلبك فيعرف أفراحك وأحزانك، نجاحاتك وسقطاتك، وهو يقول لك تشجّع ولا تخف! واجه خوفك ولا تنكره ومعي حوّله إلى قوّة وحياة.
واخيرا لنصلّ من أجل عالم تسوده الأخوّة والمحبّة وليس الدم والحروب، كما هو الحال في العديد من البلدان.
لنصلّ من أجل بلدنا مصر وشعبها والقائمين على خدمتها، رئيس الجمهوريّة وكلّ المعاونين له، للمزيد من النمو والازدهار على كل المستويات.
لنصلّ من أجل العائلة في كلّ مكان، خاصّةً تلك العائلات التي تمرّ باختبارات صعبة، لتظلّ حجر الزاوية لكلّ ما نطمح إليه من تقدّم ورقي.
لنصلّ من أجل الكنيسة والقائمين على خدمتها في كلّ مكان، حتى تظلّ شاهدة أمينة لقيامة المسيح، على مثال أمّنا مريم العذراء. آمين.
من كلّ قلبي أقول للجميع في هذه الأوقات الخاصّة جدًّا، تشجّعوا ولا تخافوا،