تشارك الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب الدول العربية خلال الفترة من 4 وحتى 10 مايو من كل عام الاحتفال بأسبوع المرور العربي الذي يمثل مناسبة ذات أهمية بالغة لدولنا العربية التي تسعى بكل الوسائل لتحقيق السلامة المرورية من خلال نشر الثقافة المرورية على أوسع نطاق وخلق الوعي لدى الجميع بأهمية احترام وتطبيق قوانين وقواعد المرور، ويشكل فرصة كذلك للتذكير بالخسائر الفادحة التي تتعرض لها الدول جراء حوادث المرور التي تخطف أرواح أبنائها وتستنزف مواردها وثرواتها وتتسبب بمآس كبيرة، وما يستوجبه ذلك من مضاعفة الجهود لتنمية الشعور لدى السائقين والمواطنين بأهمية أدوارهم المشتركة مع أجهزة المرور وكافة الجهات ذات العلاقة في التعريف بمخاطر وحوادث الطريق والعمل بجدية على تفادي تلك المخاطر والمآسي.
ويأتي الاحتفال بأسبوع المرور هذا العام تحت شعار "بوعينا نصل آمنين"، للتأكيد على أهمية الوعي المروري في حياتنا اليومية، ودوره الفاعل في الوقاية من الحوادث وتحقيق السلامة المنشودة، وتجديد الدعوة كذلك لتجذير هذا الوعي، واستعمال وسائل الاتصال المناسبة التي يمكن بواسطتها إيصال المعلومات والحقائق لكافة أفراد المجتمع لإكسابهم سلوكيات مرورية سليمة تجعلهم قادرين على التعامل مع البيئة المرورية المحيطة بهم بصورة صحيحة وآمنة.
ولتجسيد هذا الشعار على أرض الواقع يتوجب على جميع الجهات المعنية أن تعطي أولوية لمسألة التوعية التي تعد الخطوة الأكثر أهمية في الوقاية من الحوادث وتحقيق السلامة المرورية من خلال تعديل سلوك مستخدمي الطريق وحث مختلف الفئات الاجتماعية على تبني السلوك المروري الصحيح، وغرس القيم المرورية الآمنة لدى الناشئة، إلى جانب تشجيع السائقين ومستخدمي الطريق على المشاركة في جميع الحملات والبرامج التي يتم تنظيمها خلال أسبوع المرور العربي والتعريف بأهمية الالتزام بالقواعد والإشارات المرورية على الطريق، والإرشاد في كيفية التصرف والتعامل مع مختلف الحالات، وتجنب السلوكيات الخاطئة كالإهمال والتقصير في تطبيق كل ماله علاقة بالسلامة والأمان، وكذلك ترسيخ المسؤولية المشتركة بين رجل المرور والمواطن.
وفي هذا السياق فإن البيانات التي تضمنتها النشرة الإحصائية السنوية لحوادث المرور المسجلة في الدول العربية لعام 2022م، والتي تم إعدادها في ضوء إجابات تسع دول تعد مؤشرات هامة على الحاجة إلى الوعي المروري للحفاظ على أنفسنا وعلى ما يحيط بنا خاصة أن نسبة كبيرة من تلك الحوادث تقع بسبب أخطاء العنصر البشري (73.14%) يليها عيوب في الطريق العام (5.26)، ثم الخلل في المركبات بنسبة (2.68%)، والظروف الجوية بنسبة (0.63%)، فيما شكلت الأسباب المتداخلة الأخرى غير المذكورة (8.08)، وهذه المعطيات تشكل أرقاماً من الأهمية بمكان وقوف المعنيين عندها، لإعادة النظر في الاستراتيجيات والخطط التوعوية، والعمل على رفع مستوى التواصل والتنسيق وتكثيف برامج التوعية لضمان تحقيق السلامة المرورية، والتقليل من الخسائر البشرية والاقتصادية الناجمة عن حوادث المرور.
وانطلاقا من المسؤولية الكبيرة التي يتحملها مجلس وزراء الداخلية العرب على صعيد خلق الوعي المروري والحرص على جعله ثقافة سلوكية دائمة لدى السائقين والمواطنين أولى المجلس موضوع التوعية بالسلامة المرورية أهمية بالغة، من خلال الإستراتيجية العربية للسلامة المرورية التي اعتمدها المجلس عام 2002م، وخططها المرحلية، والتي كان آخرها الخطة المرحلية الثامنة التي اعتمدها في دورة انعقاده "الحادية والأربعين"2024م، وما تضمنته من برامج توعوية متنوعة، وكذلك الخطة الإعلامية العربية النموذجية للتوعية المرورية التي أقرها المجلس عام 1997م، وما تضمنته من أهداف أبرزها حماية المجتمع من المآسي والأضرار الناجمة عن حوادث المرور، وتوعية مختلف أفراد المجتمع بكل الجوانب المتعلقة بالمرور، كما يعقد المجلس مؤتمراً دورياً لرؤساء أجهزة المرور لمناقشة مشاكل المرور وأسبابها وتداعياتها، والخروج بتوصيات تضع الحلول الناجعة لها، كان من بينها التوصية الخاصة بتبادل الزيارات بين المختصين بأجهزة المرور العربية للاطلاع عن كثب على مختلف التجارب والخطط المتبعة في مجال التوعية وتحسين السلامة المرورية وعكسها على المستوى الوطني لكل طر ف من الأطراف المعنية، وغيرها من البرامج والجهود.
إن برامج التوعية والتعليم والتثقيف لا ينبغي أن تقتصر على أسبوع المرور فقط بل يجب أن تكون مستمرة طوال العام، كما أن المسؤولية المجتمعية تحثنا على بذل المزيد من الجهود لتنمية الوعي المروري لدى أفراد المجتمع بالتعاون مع المؤسسات المجتمعية المختلفة وصولا إلى تحقيق أقصى مستويات الوعي واليقظة والشعور الدائم بالمسؤولية المشتركة لتحقيق الغايات المنشودة والحفاظ على الأرواح والممتلكات الخاصة والعامة.