في البداية لابد أنّ نشير إلى أنّ فرص ظهور تنظيم داعش في العديد من الدول في أغلب القارات باتت أكبر مما كانت عليه بعد سقوط دولة التنظيم في 29 يونيو من العام 2014، ولعل ذلك مرتبط بعدد من الحوادث المرتبطة بالحروب والصراعات التي تضرب العالم حاليًا.
هناك أزمة حالية ترتبط بإنقسام العالم وتشظيه سواء على خلفية الحرب الأوكرانية التي دارت رحاها بين روسيا وحلفاءها والولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها قبل عامين في قلب أوروبا، وهو ما عزز فرص وجود جماعات العنف والتطرف في العالم، فضلًا عن نشأة حركة جهادية في شرق القاره العجوز على خلفية الحرب الحالية والصراع الدائم، أو حتى الحرب التي ضربت الشرق الأوسط.
الحرب الأوكرانية مازالت تدور رحاها دون وجود أفق لأي تفاهمات من أي نوع، ولعل الأزمة ليست في الحرب ولكن في الصراع المستمر والدائم بين واشنطن وموسكو وحلفاء كل منهما، فالحرب مجرد انعكاس لهذا الصراع المتنامي؛ هذا الصراع لا يمكن القضاء عليه بشكل كامل، لأنه جزء من طبيعة العلاقات الدولية، ولكن بقاءه بهذه الصورة يُعني ببساطة شديدة تعزيز فرص الإرهاب العالمي، فضلًا عن عودة داعش أو بقاءها.
ربما زاد الطين بلة، كما يقول العرب بالحرب الإسرائيلية منذ سبعة أشهر والمرشح لها أنّ تستمر وقتًا أطول؛ هذه الحرب عززت فرص وجود الإرهاب ولعل تطور هذه الحرب واستمرارها سوف يزيد من نشاط الجماعات المتطرفة عابرة الحدود والقارات، والأزمة تبقى في تطور الحرب وليس بقاءها.
هناك نشاط ملحوظ لتنظيم داعش في عدد من الدول الإرهابية، فضلًا عن نشاطه في منطقة الشرق الأوسط، هذا النشاط يُرجح عودة التنظيم بقوة، هذه العودة يُعززها عددًا من الحروب والصراعات الدائرة في عدد من دول العالم، ولعل هذاالنشاط هو أحد أسباب هذه الإضطرابات.
العالم يشهد عودة جديدة للإرهاب سوف يكون في شكل خلايا وذئاب منفردة ومتفردة، سوف تضرب أمن واستقرار العالم المضطرب، إذا استمرت الحروب والصراعات الدائرة الآن، لأنها ببساطة تُوفر بيئة خصبة للفوضى التي ينشط فيها الإرهاب.
من المهم أنّ ينتبه العالم للخطر القادم من الخلف وأنّ تكون هناك آلية دولية للمواجهة، صحيح قرار إنهاء الحروب ليس بالسهل ولا يتحقق بقرار ولكن هناك آلية لوقف بعض الحروب والصراعات وتفعيل القوانين الدولية من أجل وجود تعاون دولي في مواجهة خطر الإرهاب، خاصة وأنّ الجهود الدولية تأثرت كثيرًا بسبب هذه الحروب.
لابد من إعادة النظر في بعض الحروب من قبل المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن وأنّ يفعل حضورهما مع بقية المؤسسات الدولية من أجل استقرار عالمي ولو مؤقت تختفي فيه علامات ظهور وتنامي جماعات العنف والتطرف.
عودة داعش تبدو واضحه من خلال تنفيذ مئات العمليات النوعية من منطقة الشرق الأوسط، فضلًاعن نجاح فرع التنظيم بخراسان في تنفيذ عملية نوعية قبل أكثر من شهر في حفل موسيقي قرب العاصمة الروسية موسكو.
الأمر لم ينته عند هذا الحد ولكنه وصل إلى أنّ مجمع الإستخبارات الفرنسي طلب من الحكومة الفرنسية عدم عقد دورة الألعاب الأولمبية المقرر لها في أغسطس القادم، فضلًا على أنّ مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي عبر عن تخوفه من أنّ تنظيم داعش قد ينجح في تنفيذ عملية إرهابية في قلب الولايات المتحدة الأمريكية.
وهنا يمكن أنّ نلمح الفارق؛ واشنطن قبل 10 سنوات كانت تواجه داعش في منطقة الشرق الأوسط عندما أنشأت التحالف الدولي في العام 2014، صحيح سقطت دولة التنظيم في العام 2019، ولكن الأن باتت تشعر بخطر التنظيم وأنه قد ينجح في تنفيذ عملية إرهابية على أراضيها، وهو ما يُدلل على قوة التنظيم رغم سقوط دولته قبل 5 سنوات.
وهذا ربما يُوضح حجم التخوفات من عودة تنظيم داعش، فضلًا عن ضرورة التحرك الدولي من أجل احتواء الحروب والصراعات الدائرة حاليًا قبل أنّ يُصبح وجود داعش أمراً واقعاً يصعب تغييره بصعوبة.
لهذه الأسباب وغيرها يجب أنّ يكون هناك دور للمجتمع الدولي في حل أزمة الشرق الأوسط المرتبطة بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة ووقف أي انتهاكات إسرائيلية للقانون الدولي، لابد من وقف عجلة الإرهاب الإسرائيلي، لأنه يُدعم الإرهاب الأيديولوجي ويعطيه المبرر للعودة القوية والشرسة.