اتفق خبراء في الاقتصاد على أن اللاجئين في مصر، ورغم الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، مع تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، كان لهم دور بارز في إضافة العديد من المشروعات الناجحة، وتنشيط الاقتصاد؛ مؤكدين أن قضية اللاجئين في مصر هي من القضايا المهمة، في ظل الأزمات الاقتصادية، والصعوبات التي تمر بها مصر، كباقي دول العالم، جراء التأثيرات العالمية والإقليمية الواسعة.
وقال الخبير الاقتصادي خالد إسماعيل: بداية يجب التأكيد على أن مصر تتعامل مع اللاجئين كضيوف، وتتعامل مع قضية اللاجئين من منظور إنساني، خاصة وأنها تتعامل مع أشخاص تركوا أوطانهم بسبب ظروف قهرية، مثل الحروب وعدم الأمان، وغيرها من الأسباب.
وأضاف "إسماعيل" أنهم في مصر يتمتعون بكافة حقوق المواطن، فيما عدا ما يتعلق بالحقوق الانتخابية، فهم يحصلون على مزايا التعليم والعلاج والاستفادة من الدعم الموجه في كافة الجوانب، مثل البنزين والكهرباء والمياه وغيرها، وهو من منطلق دور مصر في دعم ومساندة حقوق اللاجئين، وتوفير أسباب الأمان، سواء الاجتماعي أو الاقتصادي، وأيضا السماح لهم بإقامة المشروعات الخاصة بهم.
وتشير الإحصائيات إلى وجود نحو تسعة ملايين مهاجر ولاجئ يعيشون في مصر، وهو ما يمثل حوالى 9 % من حجم سكان مصر، يعيشون فى عدة محافظات على مستوى الجمهورية، وأن 37% منهم يعملون في وظائف ثابتة وشركات قائمة.
وتابع الخبير، بأنه لا يوجد جدال حول ترحيب مصر باللاجئين، ولكن في ظل المتغيرات الاقتصادية الأخيرة، فإن الأمر يحتاج إلى بعض التنظيم والتقنين.
جدير بالذكر أن الـ9 ملايين لاجئ، 80% منهم من سوريا والسودان وليبيا واليمن، وهى دول عربية شقيقة، وقد أجبرتهم ظروف الحرب في بلادهم إلى الهجرة إلى بلد الجوار، ومع الاستقرار والأمن فى مصر كان الملاذ لهم.
وهنا يتزايد الانزعاج مع هذه الأعداد من اللاجئين على السلع ومرجعية أسباب زيادة العقارات فى بعض المناطق من تزاحم الإخوة السودانيين عليها ويجب الإشارة إلى أن السودانيين الذين قدموا إلى مصر هم الفئة ذات الدخل المرتفع والميسور ماليا والذى يستطيع تحمل تبعات تكاليف المعيشة في مصر.
وأكد "إسماعيل"، أن قضية اللاجئين فى مصر تمثل عبئا على الاقتصاد المصري، ومن جهة يعتبر جزءا منهم داعما للاقتصاد، من خلال ما يتم إقامته من مشروعات استثمارية.
وحسب تقرير منظمة الهجرة الدولية فى أغسطس 2021؛ بلغت استثمارات رجال الأعمال السوريين، حوالى 30 ألف مستثمر في السوق المصرية، حوالى مليار دولار.
ويجب هنا على المؤسسات الدولية المتعلقة بشئون اللاجئين القيام بالدور المنوط بها، وتقديم الدعم للحكومة المصرية، مع استيعاب مصر لهذا العدد، والذى كان من الممكن هجرتهم إلى الدول الأوروبية، والتي تعمل تلك الدول على مواجهة تلك الهجرة لديهم.
وقال: يجب أن يكون هناك حصر، وبيان أوجه ما يتم تقديمه من دعم لهم، ومن جانب آخر بيان الاستثمارات التي يتم ضخها في الاقتصاد المصري حتى يتم بناء رؤية صائبة حول ملف اللاجئين في مصر.
فيما قال الدكتور محمد عبدالهادى، إن اللاجئ يبحث عن أماكن آمنة للحماية والتعايش، بعيدا عن الصراعات والحروب، ويتحرك إلي الدول القريبة أو المجاورة، وخلال السنوات الماضية كانت مصر أكثر الدول القريبة من الدولة، ومنها: (السوريون أو الفلسطينيون أو السودانيون).
وأضاف "عبد الهادي": وبالتالي فإن مصر تحملت أعباء اللاجئين عن العالم كله، نظرا لتواجد كافة الصراعات والحروب في منطقة واحدة في midel east وتتنوع تحركات اللاجئ من دولته عند حدوث حروب وصراعات، وكان أكثر اللاجئين، هم اللاجئون من الصراعات في دولة السودان حتي الآن تخطي 300 ألف.
ويتمتع اللاجئ في مصر بالمزايا الآتية: (التعليم والصحة والسكن والعمل)، وفقا للمعاهدات الدولية، وحماية حقوق الإنسان، وتحت حماية المفوضية السامية للأمم المتحدة، والتي ينبثق منها منظمات شريكة، تهدف جميعها لحماية اللاجئين.
ومصر ملزمة بحماية اللاجئين، حيث إنها موقعة علي اتفاقية 1951م للأمم المتحدة للاجئين، وقد تأثر الاقتصاد المصري في عدة نواح، منها:
أولا: لعبوا دورا في تواجد السوق الموازية، خاصة بعد فرض رسوم إقامة قدرت بـ1000 دولار، وبالتالي يبحث عن تواجد مصادر دولارية من السوق الموازية.
ثانيا: أهم مبادئ انخفاض التضخم، يرجع إلي خفض أسعار المستهلكين، وخفض الطلب علي المنتجات، ولكن مع اللاجئين السودانيين، وتوافر حصيلة دولارية مما رفع الطلب وبالتالي لن ينخفض التضخم.
ثالثا: زيادة العبء علي المواطن المصري نظرا لقيامهم بشراء العقارات والسيارات مما يسهم في ارتفاع الأسعار وبالتالي زيادة التكلفة فقط علي المواطن المصري محدود الدخل.
أضافوا للاقتصاد المصري
ويختلف اللاجئون وفقا لطبيعة اللاجئ فمنها من يساهم في الاقتصاد والناتج المحلي الإجمالي، وهذا مرحب به في الأراضي المصرية، من إقامة مشروعات حقيقية، مبنية علي اقتصاد حقيقي، مثل السوريين، ومنهم من يستغل تواجده في مصر ولا يساهم في الاقتصاد المصري، بل يساهم في زيادة التضخم والدولار، وزيادة الأسعار، لأنه مستهلك من الدرجة الأولى، مثل السودانيين.
وبالتالي لا بد من تقنين أوضاع اللاجئين وتقبل من يساهم في الإنتاج والاقتصاد وفرض رسوم أكبر علي المقيمين غير المساهمين في الاقتصاد مع فرض شروط علي تملكهم للعقارات.
بدوره؛ قال الخبير المصرفى، أحمد شوقي: تستضيف مصر حوالي 9 ملايين لاجئ بما يعادل ٨.٤% من سكان مصر، من حوالي 133 دولة، يتركز إقامة أغلبهم في 5 محافظات، ويستفيدون من الخدمات كالتعليم والصحة والمرافق والسلع والبضائع المصرية في الاقتصاد المصري.
وتمثل أعداد اللاجئين في مصر تعداد ٣ أو ٤ دول أوروبية، ويتركز أكثر من نصف عدد اللاجئين في مصر، في اللاجئين السودانيين والسوريين؛ ويشكل تزايد أعداد اللاجئين ضغطا على الاقتصاد المصري، سواء في زيادة الطلب على السلع والبضائع والخدمات، وأيضا سوق العمل المصري، وحاجة اللاجئين والمهاجرين لفرص عمل ومنافستهم للمصريين في سوق العمالة المصري.
قيمة مضافة
وأصاف "شوقي": يمكن القول إنه في ظل التحديات والمعوقات التي يمر بها الاقتصاد المصري، فإن تزايد أعداد اللاجئين يعد تحديا جديدا، يزيد من أعباء الاقتصاد المصري من ناحية، والتي تظهر في القيمة المضافة للاجئين للاقتصاد المصري.
وتابع قائلا: فأغلب اللاجئين السوريين يمكن تصنيفهم ضمن اللاجئين مضيفي القيمة، لمساهمتهم في الناتج المحلي الإجمالي، من خلال فتح العديد من المطاعم والمأكولات ومتاجر الملابس؛ والمصانع مقارنة باللاجئين السودانيين، والذين أغلبهم يركزون على المطاعم والمأكولات دون غيرها.
وأكد الخبير تحمل الاقتصاد المصري نتيجة زيادة أعداد اللاجئين تكاليف مرتفعة، وذات أثر غير مباشر على ارتفاع الأسعار، نتيجة لارتفاع الطلب على السلع الأساسية والبضائع.
وقال الخبير الاقتصادى، الدكتور محمد الشوربجي، إنه على مر السنين، ظلت مصر وجهة مُفضلة للعرب، سواء الزائرين أو من قصدوها هربًا من الحروب أو الاضطرابات في بلادهم فمنذ قديم الأزل تحتضن مصر اللاجئين على أراضيها يعيشون وسط المصريين ويتلقون جميع الخدمات العامة تماما كأي مواطن مصري، فضلا عن حسن المعاملة من المصريين العاديين لهؤلاء الضيوف نتيجة لميراث طويل من الروابط الاجتماعية والتاريخية.
واستدرك "الشوربجي" قائلا: إلا أنه فى الآونة الأخيرة تحتضن مصر قرابة 9 ملايين ضيف على أراضيها، يعيشون وسط المصريين، ويتلقون جميع الخدمات العامة، مثلما يتلقاها المواطنون المصريون؛ هذا هو المتعارف عليه من قبل المصريين لمعاملة الأجانب المقيمين بمصر كضيوف وليسوا لاجئين.
وأشار إلى أن هذا الرقم يمثل 9% تقريبا من سكان مصر، وحوالي 8% من أعداد اللاجئين عالميًا، البالغ عددهم 103 ملايين شخص، وهذه الأعداد قد تعادل تعداد أربع دول أوروبية، ويمكن الإشارة أيضا إلى أن هناك دولًا بمنطقة أفريقيا والشرق الأوسط يبلغ تعداد سكانها، أقل من ضيوف مصر؛ وتشير الأرقام الرسمية إلى أنه يقطن بمصر قرابة 4 ملايين سوداني، وحوالي 1.5 مليون سوري، ومليون ليبي، والبقية من جنسيات أخرى.
وتعمل الحكومة المصرية على تذليل كافة العقبات أمام هؤلاء الضيوف الوافدين وتذليل كل السبل أمامهم للحياة على أرضها سواسية مع المصريين، تمتد إليهم جميع الخدمات، من التعليم إلى الصحة، وتعاملهم كضيوف كرام. حيث كانت مصر دائما وأبدا وعلى مدار تاريخها ملاذاً آمناً لكل من يلجأ إليها، فلم تعرف يوماً معسكرات ومخيمات اللاجئين، وإنما تدمجهم فى المجتمع، وينصهرون فى نسيجه دون أى تمييز بينهم وبين المواطنين، وهو ما يعكس احترام الدولة لحقوق الإنسان وتعزيز الكرامة الإنسانية لضيوفها والمهاجرين إليها وتوفير كل نواحى الحياة الإنسانية لهم.
وأضاف الخبير، بالتأكيد توجد تكاليف لاستضافة هؤلاء الضيوف، وبالمقارنة لتكاليف الاستضافة فى باقى الدول فنجد مثلا أن تكلفة استضافة عدد 900 ألف لاجئ في ألمانيا حوالي 17.3 مليار دولار، وهو ما يعني أن اللاجئ الواحد يتكلف قرابة 19.2 ألف دولار سنويًا.
وفى الولايات المتحدة الأمريكية والتي تمثل تكلفة استضافة اللاجئ بها 22.3 ألف لاجئ، بينما ترتفع تلك التكلفة إلى 39.8 ألف في السويد، وتنخفض إلى 15.0 ألف في كندا (تكلفة اللاجئ الواحد سنويا)، ومن ثم فإن تلك التكلفة يبلغ متوسطها العالمي حوالي 24 ألف دولار أمريكي سنويًا لكل لاجئ، علما بأن هذه الأرقام تعود إلى عام 2015، و نحن الآن فى عام 2024 وهو ما يعني أن هناك على الأقل 9 سنوات من التضخم السنوي.
من جانبها؛ قالت لوران دي بويك، رئيس بعثة منظمة الهجرة الدولية في القاهرة، إن المنظمة لم تقدم المساعدة لكافة اللاجئين المتواجدين بمصر، وبالرغم من ذلك فإن بعض اللاجئين قاموا بفتح مشروعات خاصة لهم، وتوفير فرص عمل لغيرهم، وهذا دليل على أن الحكومة المصرية تعاملهم بطريقة حسنة، ولا يوجد أي تمييز يتعرضون له؛ مؤكدة أن مصر دائما تساعد اللاجئين المتواجدين على أرضها، وتعمل على دمجهم في المجتمع المصري، بدون تمييز سواء في التعليم أو الصحة أو توفير فرص العمل.
وتابع الخبير: وهنا دعونا نقترب إلى الواقعية للصالح العام للبلاد، ونتفق على أن المتواجدين على أرض مصر هم لاجئون فروا من بلادهم حيث الحرب والدمار وعدم الأمان، حيث يحضر اللاجئ ويبحث عن عمل واستقرار، خاصة أن الأجانب فى مصر ينقسمون إلى شريحتين، إذ إن الكثيرين يأتون إلى مصر على أنها نقطة عبور وانطلاق إلى أى مكان فى العالم، لكن سرعان ما تتحول إلى مركز استقرار، لما يتواجد بها من استقرار وفرص للعمل، فضلا عن حسن المعاملة من شعبها وحكوماتها.
علما بأن مصر تحمى أوروبا من الهجرة وتتكلف أموالا كثيرة من أجل إغلاق الهجرة غير الشرعية لأوروبا، كما أننا نتحمل تكلفة وأعباء للاجئين نيابة عن العالم، ولابد من حساب هذه التكلفة بوجه التحديد، فاللاجئ أحيانا يأتي هربا من الحروب وتنضم إليه شرائح أخرى غير متأثرة بالحرب.
واستطرد الخبير قائلا: أن اللاجئين أو الوافدين مرحب بهم على أرض مصر، ولكنهم يشكلون عبئا نسبيا على الاقتصاد المصري، ويجب تنظيم هذا الأمر، فوجودهم ليس ميزة للاقتصاد، أو مفيدا لاقتصادنا كما يطلق البعض حيث إن عدد المستثمرين منهم أقل بكثير من عدد اللاجئين غير المستثمرين.
وأضاف: فمثلا إذا بحثنا حول السوريين المتواجدين فى مصر، والمقدر عددهم بحوالى مليون ونصف نجد منهم ما يقرب من 30 ألف مستثمر، ونشعر تماما بوجودهم ولكن هو عدد لا يتناسب مع باقى عدد اللاجئين، وأعباؤهم تضاف إلى أعباء أخرى كثيرة يتحملها أفراد الشعب المصرى المساهم بعمله ودفع الضرائب المطلوبة.
وطالب الخبير بضرورة تقنين أوضاع اللاجئين والمهاجرين فى مصر لحصر أعدادهم، ومعرفة ما تتحمله الحكومة مقابل ما يتم تقديمه من خدمات فى مختلف القطاعات، خاصة فى ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية للبلاد التى تتطلب ضرورة مساهمة الضيوف فى الاقتصاد الوطنى من خلال دفع مقابل الإقامة أسوة بالدول المجاورة.