لا يزال الاهتمام بمصر، وكاتبها الأشهر نجيب محفوظ من أبرز أحداث النسخة الـ 33 من معرض أبو ظبي الدولي للكتاب، كون مصر الدولة ضيف الشرف، ونجيب محفوظ شخصية المحورية للمعرض، الذي تستمر فعالياته حتى 5 مايو الجاري، وسط إقبال جماهيري كبير.
وشهد المعرض تنظيم جلسة نقاشية بعنوان "نجيب محفوظ بدايات وخواتيم"، شارك فيها الدكتور نزار قبيلات، رئيس قسم الماجستير في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في أبوظبي، والأكاديمي والكاتب والناقد دكتور أيمن بكر، والأكاديمي والناقد دكتور خيري دومة، والشاعر والناقد عبده وازن، بحضور حشد جماهيري حرص على الإبحار إلى عالم روايات نجيب محفوظ، في جلسة حوارية شائقة أدارتها الأكاديمية والناقدة الإماراتية، الدكتورة عائشة الشامسي.
تطرقت الجلسة إلى عبقرية الرواية والأسلوب والموضوعات التي أوصلت كاتبها إلى الفوز بجائزة "نوبل" في الأدب، بدءاً من ثلاثية البداية ممثلة في (عبث الأقدار، رادوبيس، كفاح طيبة)، والتي حفلت بالإسقاطات السياسية على الأوضاع في مصر حينها، إلى ثنائية النهاية (أصداء السيرة الذاتية، أحلام فترة النقاهة) والتي عكست رؤية نجيب محفوظ الذاتية إلى كثير من القضايا، حيث مر بثلاث مراحل، التاريخية والواقعية والرمزية الفكرية.
وقال قبيلات، "تعرفنا على أدب نجيب محفوظ في المسارات الأدبية، وصرنا ندرس حيثيات نجيب محفوظ وكيف قفزت بالرواية العربية إلى مرحلة متقدمة، وأصبحنا نتعرف على كيفية رسم نجيب محفوظ للحارة المصرية"، موضحاً أن رواياته متجددة وشابة تحاول أن تحيك التاريخ بالواقع الشاب. وأضاف أن محفوظ استطاع من خلال رواية "ميرامار"، أن يدير حوارات تعكس المجتمع المصري والشخصية المصرية بشكل محتدم وداخل بقعة مكانية محدد.
فيما لفت بكر، إلى أن أول كتاب أصدره نجيب محفوظ، هو ترجمة لكتاب "مصر القديمة"، وهنا كانت بداية شخصيته مع ما هو تاريخي، حيث اقترنت كتاباته كثيراً بالقومية المصرية. وهو ما أكده دومة، بإن بداية نجيب محفوظ مع الرواية التاريخية يرجع إلى تأثره بالهوية القومية كونه أحد أبناء ثورة 1919 في مصر، إذ كان لديه مشروع 20 رواية تاريخية يرصد من خلالها تاريخ مصر، موضحاً أن كثيرا من النقاد الذين تناولوا نجيب محفوظ أوضحوا علاقة رواياته الوثيقة بالتاريخ المصري، ومنهم إدوارد الخراط.
وأشار وازن، إلى أن بدايات نجيب محفوظ لم تنفصل عن باقي مراحله حيث درس الفلسفة وتعمق في كتابة التاريخ ليحفر أكثر في جذور الهوية المصرية، شارحاً أن تخصص محفوظ في الفلسفة بما فيها من ورائيات انعكس على أعماله التي عجت بالأسئلة الفلسفية.
أما خواتيم نجيب محفوظ الأدبية، فكان أبرز رموزها روايتي (أصداء السيرة الذاتية) الصادرة عام 1995 و"رواية أحلام فترة النقاهة، الصادرة عام 2006، حيث بين وازن أن هذين الكتابين من الكتب المهمة التي أصدرها محفوظ في شيخوخته، ومثلّا تجربة خاصة، تذكر بما يسمى أدب الأحلام في الأدب العالمي.
وأكد دومة، أن محفوظ في الكتابين السابقين، عبر عن سرد أدبي تغلفه غلالة خاصة جداً، إذ تعمد خلال مسيرة حياته الابتعاد عن كتابة سيرته الذاتية، غير أنه يمكن من خلالهما رؤية ملامح مهمة من شخصية نجيب محفوظ.