عقدت لجنة الكتاب والنشر بالمجلس الأعلى للثقافة، ومقررها الدكتور شريف شاهين، مائدة مستديرة بعنوان "تحديات طباعة الكتاب في مصر"، وذلك تحت رعاية الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة؛ وبإشراف الدكتور هشام عزمي أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، بمناسبة احتفال الوزارة باليوم العالمي للكتاب وحق المؤلف.
أدار المائدة الدكتور شريف شاهين، أستاذ المكتبات والمعلومات بكلية الآداب، جامعة القاهرة، ومقرر لجنة الكتاب والنشر، والذي افتتح الندوة بالإشارة إلى التحديات التي يواجهها الناشرون المصريون، بالجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة على السواء، لا سيما تحديات طبع الكتاب، موضحاً أنه على مستوى الفرد فالمشكلة غير ملموسة بشكل قوي، ولكنها على مستوى المؤسسات، وعلى مستوى صانع الكتاب فالمشكلة ملموسة ومحسوسة، ومن المعروف أن صناعة الورق لها تاريخ طويل في مصر، ولكنها تأثرت كثيراً بما استجد من طفرات تكنولوجية في بعض البلاد الأخرى، وتأثرت أكثر بالتعويم الذي حدث للجنيه المصري.
وتحدث الدكتور خالد العامري، نقيب البيطريين، وعميد كلية الطب البيطري سابقاً، وصاحب دار الفاروق للنشر، قائلاً إن المشكلة متعددة الأبعاد، فالنشر دورة رأس ماله بطيئة للغاية، والتغير في سعر الصرف قد بدأ يؤثر في صناعة النشر بصفة عامة، وبخاصة سعر الورق الذي يتصاعد بشكل خارج السيطرة، منوهاً إلى أن الكتاب بضاعة تحت التصريف، غير قطعية إلا في بعض الشركات، وهي صناعة لا تحتمل التغير في الأسعار، وليس بها مرونة، لأن التغير الحادث في الأسعار سيجعل الكتاب بأكثر من سعر، كما أشار إلى أن النشر مكلف جداً فليست كل الدور تستطيع الإنفاق بما يسد الفجوة الحادثة مؤخراً، كما ألمح إلى أن القدرة الشرائية للقارئ لا تحتمل تلك الزيادة المضطردة.
واتفق الدكتور جورج نوبار، أستاذ الطباعة والنشر وعميد كلية الفنون بجامعة الأهرام الكندية، مع رأي سابقه حول التحديات التي تواجه صناعة الكتاب، وهي بالأساس تحديات مالية واقتصادية، فيما يخص الشراء والنشر والطباعة، وعلى رأسها تكلفة الطباعة، وكذلك ضربها في خمسة أو ستة لتخرج إلى القارئ بسعر خرافي، وإن كان المحتوى هو الملك فثمة تحديات أخرى تخص المحتوى.
وفرّق نوبار بين الطباعة الأوفست والديجيتال، معدداً مزايا الطباعة الديجيتال على المديين القريب والبعيد، مؤكداً أهمية اختيار السوق والبيئة التي يتم فيها توزيع الكتاب.
وضم المهندس رزق عبد السميع، رئيس مجلس إدارة دار المعارف، صوته إلى الصوتين السابقين، مؤكداً وجود تحديات كبيرة أمام سوق الطباعة، مؤكداً أن دار المعارف زاخرة بكنوز كثيرة، وإن قلت العناوين المطبوعة مؤخراً، كما أشار إلى أن هناك اتجاهاً لإعادة الطيور المهاجرة لعمل منجز يليق بتاريخ دار المعارف.
وأوضح، أن أزمة الكتاب الحقيقية هي توفير الورق، فالورق بنسبة 95% مستورد، وهذه المشكلة كبرت بعد ثورة يناير 2011، ثم بعد أول تعويم سنة 2016، ثم تلك الأيام مع التعويم الثاني، فالاستثمار في سوق الطباعة بحاجة إلى مبالغ كبيرة، منادياً في ختام كلمته بأن تعفى دور النشر من تكلفة الإيجارات في معارض الكتب.
وتحدث رئيس الإدارة المركزية بالمجلس الأعلى للثقافة؛ الأستاذ وائل حسين حول دور المجلس، إذ يغطي الجوانب الثقافية، وليس النشر فقط، قائلاً: "مشكلتنا الرئيسية في المجلس أننا نسمع الآهات"، موضحاً أن الموظفين بالمجلس دورهم نقل توصيات اللجان إلى القيادات، منادياً بتطبيق لجنة الكتاب والنشر للنظريات التي تتوصل إليها على المجلس الأعلى للثقافة كمؤسسة حكومية ودار نشر، مؤكداً أن مشكلة التوزيع هي أكبر مشكلة تواجه المجلس، لا سيما في ظل القوانين التي تحكم المجلس، والتي تمنع من عمل بروتوكولات تعاون (على سبيل المثال مع تطبيق مثل "فودافون"، وموضحاً أن المجلس بحاجة إلى الاهتمام بالمحتوى بآلياته، متسائلاً حول المعايير التي ينبغي الالتزام بها لقبول أو رفض كتاب ما، مشيراً إلى أهمية البيئة التي يسوّق فيها الكتاب.
وكذلك أوضح المفارقة التي يتعرض لها المجلس، إذ يقوم بنشر الكتب وتذهب عائداتها لصندوق التنمية الثقافية، وليس إلى المجلس، وأكد أن هناك اتجاه إلى النشر الإلكتروني، لكن التجربة في بدايتها، كما أنها محكومة بقوانين الملكية الفكرية، مختتماً حديثه بالتساؤل: المجلس دوره دعم صناعة النشر، فكيف يمكن له تطبيق ذلك بشكل عام في المؤسسات المصرية باعتباره مؤسسة تابعة للدولة؟
وتحدث العضو المنتدب التنفيذي لمصنع قنا للورق الأستاذ علاء الخطيب حول تجربة إنتاج الورق بأعلى جودة وأقل تكلفة في مصنع قنا للورق، مشيراً إلى أن هناك حاجة إلى استيراد نسبة 20% من الخامات المهمة للتصنيع (لب الورق).
وأوضح اللواء ياسر نوير عضو مجلس إدارة شركة السكر المالكة لمصنع قنا لصناعة الورق، أن الفجوة واسعة بين المنتج والمطلوب.
وقال الدكتور طارق لطفي، رئيس مجلس إدارة التحرير للطباعة والنشر، إن المشكلة الأساسية في التعامل مع الأسواق المحلية هي قوائم الانتظار، ما يجعل المؤسسة مضطرة إلى استيراد الورق من الخارج.
وأكد مدير عمليات النشر بنهضة مصر للنشر، الأستاذ عبد العزيز إبراهيم، أهمية توفير الورق، ومحاولة حل المشكلة بتوفير مصانع لتصنيع الورق من لب الأخشاب.