في تمام الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم الإثنين 29 ابريل 2024، استقبل البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، أخيه مار آوا الثالث بطريرك كنيسة المشرق الآشورية في العراق والعالم، وذلك في مقرّ الكرسي البطريركي، في المتحف – بيروت.
رافق مار ميليس زيّا مطران أستراليا ونيوزيلندا ولبنان والوكيل البطريركي العام، والأب الأركذياقون وليم توما كاتب المجمع المقدس لكنيسة المشرق الآشورية، وإكليروس الكنيسة الآشورية في لبنان.
حضر هذا اللقاء المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية وكاهن إرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين في لبنان.
خلال اللقاء، رحب البطريرك بأخيه قداسة البطريرك مار آوا الثالث، معرباً عن فرحه باستقبال قداسته في زيارته الرسمية الأولى إلى مقرّ الكرسي البطريركي، مثمّناً محبّته الأخوية وانفتاحه ومواقفه الكنسية والوطنية التي تعزّز حضورنا الكنسي في أرض الآباء والأجداد، وتقوّي الشهادة للرب في بلاد الشرق كما في عالم الانتشار، مؤكّداً على العلاقات الأخوية الوطيدة التي تجمع بينهما وبين الكنيستين الشقيقتين السريانية الكاثوليكية والمشرق الآشورية، وداعياً له بمتابعة رعايته الصالحة لكنيسته بما حباه الله من حكمة وفطنة.
من جهته، شكر قداسته البطريرك استقباله الأخوي الحارّ، معبّراً عن سروره بالقيام بهذه الزيارة الرسمية الأولى التي هي مبعث فخر له وللكنيستين الشقيقتين، مشدّداً بدوره على اعتزازه بروابط المحبّة الأخوية معه وبالعلاقات المتينة بين الكنيستين الشقيقتين، مثنياً على المواقف الرائدة والدور الهامّ الذي يؤدّيه في الدفاع عن الحضور المسيحي في الشرق والقيم والمبادئ المسيحية، ومتمنّياً له الصحّة والعافية والعمر المديد في رعاية الكنيسة السريانية.
وبعدما تبادل البطريرك والبطريرك مار آوا الثالث التهاني الأخوية والتمنّيات القلبية بمناسبة عيد قيامة يسوع من بين الأموات، مع الأدعية كي تكون هذه القيامة قيامةً لبلادنا ومنطقتنا في الشرق من المحن والحروب، تناول البطريركان العلاقات الأخوية بين الكنيستين الشقيقتين السريانية الكاثوليكية والمشرق الآشورية، متوقّفين عند لقاء الكنائس ذات التقليد السرياني الذي عُقِد قبل عام ونصف وأهمّية متابعته لما له من دور في تقوية الشهادة وتمتين التعاون والتعاضد بين هذه الكنائس، تعزيزاً ونشراً لتراثنا السرياني العريق، وسعياً لوحدة شعبنا وكنائسنا.
وجرى التطرّق إلى الأوضاع العامّة في منطقة الشرق الأوسط والحضور المسيحي فيها، وأهمّية بذل كلّ الجهود لترسيخ المسيحيين في أرضهم في الشرق رغم التحدّيات، متناولين الحرب الدائرة في قطاع غزّة والمناطق الحدودية في الجنوب اللبناني، وضرورة الوقف الفوري لهذه الحرب، وكذلك الأحوال الراهنة في سوريا والعراق وما يعانيه أبناء شعبنا من جراء الأزمات الكثيرة التي تعصف ببلادهم وتداعياتها، وخاصّةً الهجرة التي تطال المؤمنين، وعلى الأخصّ فئة الشباب، ممّا يضعف حضورنا في أرضنا الأمّ في الشرق.
وأكّد البطريركان على أهمّية المتابعة الراعوية والروحية للمهجَّرين والقادمين الجدد من أبنائهم إلى بلاد الاغتراب التي التجأوا إليها، حيث تسود العلمانية والعولمة العالمية. لذا تبرز الحاجة إلى شبيبة وكهنة شباب يعملون على نقل الإيمان سليماً إلى الأجيال الجديدة، مع المحافظة على جوهر تراثنا العريق في الشرق.
وبحث البطريركان ما يعانيه لبنان من أزمات على مختلف الأصعدة، أمنياً وسياسياً واقتصادياً ومعيشياً، ولا سيّما مسألة الشغور في سدّة رئاسة الجمهورية، مجدّدين المطالبة بانتخاب رئيس على الفور، وهي مسؤولية تقع على المسؤولين السياسيين اللبنانيين عموماً، وعلى المسيحيين منهم بشكل خاص.
وأثنى البطريركان على الإيمان الراسخ الذي يتميّز به المؤمنون من الكنيستين، فإنّهم أبناء الشهداء. وهم، سواء أكانوا ثابتين في الشرق، أو اضطرّوا إلى المغادرة والهجرة، فجميعهم يعطون المثال للعالم بالتمسّك بالإيمان بالرب يسوع، والتعلّق بالكنيسة الأمّ وتراثها وتقاليدها.
ثمّ أهدى البطريرك إلى قداسة البطريرك مار آوا الثالث ميدالية البطريركية، وقد نُقِشَت عليها أيقونة سيّدة النجاة، عربون محبّة وتقدير، تخليداً لهذه الزيارة، وكذلك كتاب "أكثر من نصف قرن من الخدمة والعطاء" الذي كانت البطريركية قد أصدرَتْه بمناسبة يوبيل غبطته الكهنوتي الذهبي والأسقفي الفضّي.
كما أهدى ميدالية البطريركية إلى المطران مار ميليس، وقدّم أيضاً نسخة من كتاب اليوبيل إلى كلّ أعضاء الوفد المرافق.
وقدّم البطريرك مار آوا الثالث إلى البطريرك هدية تذكارية هي الصليب المقدس، عربون محبّة وإكرام، بمناسبة هذه الزيارة.
بعدئذٍ انتقل البطريركان إلى كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي في الكرسي البطريركي، حيث رفعا صلاة الشكر لله الذي أتاح لهما فرصة عقد هذا اللقاء الأخوي، متضرّعين من أجل السلام في الشرق والعالم، ومن أجل خير أبناء الكنيستين الشقيقتين وجميع المؤمنين في كلّ مكان.
وقبل المغادرة، دوّن قداسة البطريرك مار آوا الثالث كلمة محبّة وشكر في السجلّ البطريركي الذهبي بهذه المناسبة المباركة.
ثمّ غادر قداسته والوفد المرافق مودَّعاً البطريرك كما استُقبِل بمجالي الحفاوة والإكرام.