الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

منير أديب يكتب: نتائج الحرب الإسرائيلية على ساحة الإرهاب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الحرب الإسرائيلية التي استمرت أكثر من سبعة شهور ومرشحة للاستمرار وقتًا أطول لو لم يصل الطرفان فيها إلى تفاهم حول خروج الأسرى الإسرائيليين ووقف دائم ومستمر لإطلاق النّار، وهما الشرطان الأهم في مطالب كلا الطرفين، سوف يكون أحد أهم نتائجها تنامي جماعات العنف والتطرف في العالم.

استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في شماله وجنوبه طوال هذه الشهور ربما له عدد من الانعكاسات والارتدادات الخطيرة التي سوف تُعاني منها منطقة الشرق الأوسط والعالم بأكمله منها عودة داعش.

نحن نتحدث عن تنامي جماعات العنف والتطرف وتهديدها للأمن والسلم الدوليين، وهنا لا نخص التنظيمات المتطرفة ذات الخلفية الإسلامية، ولكننا نخص أيضًا التنظيمات المتطرفة ذات الخلفية الصهيونية، وربما يكون الحديث هنا عن تنامي هذه التنظيمات بعد انتهاء الحرب والوصول إلى صيغة تفاهم تنهيها، والحديث هنا عن الحرب وليس عن الصراع.

ولكن وسط لغة التفاؤل المشوبة بالحذر، هناك واقعية أخرى ترتبط بأنّ الحرب الحالية قد تمتد شرارتها للمنطقة بأكملها، فالحرب الإسرائيلية قد تستمر وقتًا أطول وسط التهديد باجتياح مدينة رفح الفلسطينية في جنوب القطاع، وهو ما سوف تنتج عنه مأساة إنسانية سوف يتفجر من ورائها مأساة أخرى سوف يُعاني منها كل العالم وليس الفلسطينيين فقط.

حديثنا عن تنامي تنظيمات العنف والتطرف مثل داعش والقاعدة وليس على حركات المقاومة الفلسطينية؛ هذه التنظيمات سوف يكون ميلادها الحقيقي مع بداية الاجتياح الإسرائيلي لمدينة رفح، رغم أنّ ظروف الاجتياح الإسرائيلي لغزة قبل هذه الشهور وفر البيئة والملاذ الآمن لكل هذه التنظيمات.

وبالتالي المشكلة حاضرة وتتفاقم في ظل إصرار إسرائيلي على التعامل مع الفلسطينيين بعنف وهو ما سوف يُقابل بعنف مماثل من قبل هذه التنظيمات، وهنا التذكير أنّ الحديث عن جماعات العنف والتطرف وليس على حركات المقاومة؛ فالأولى تقتل بغير حق وتُقاتل المسلمين حكامًا ومحكومين، بينما الثانية لديها مشروع تحرري تواجه من خلاله دولة الكيان.

اجتياح إسرائيل لمدينة رفح يعني ببساطة هروب مجموعات كبرى من الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية وإلى سيناء تحديدًا، وهذا سوف يكون جبرا على وقع الضربات الصاروخية الموجهة؛ فهدف إسرائيل سوف يتركز في هروب هؤلاء النازحين إلى سيناء، ومن من لم يهرب لمصيره سوف يُقتل وهو المصير الأسوأ الذي ينتظرهم.

المجموعات المتوقع لها أنّ تهرب إلى سيناء، وفق التخطيط الإسرائيلي، سوف تكون ساحة مواجهة جديدة لإسرائيل من داخل الحدود المصرية، ولعل دولة الكيان حاولت أنّ تضغط من خلال ذلك على الحكومة المصرية، التي تُريد أنّ تحتوي هذه الحرب حفاظًا على أمنها وأمن المنطقة.

نجحت مصر في القضاء على الإرهاب بصورة كاملة في الجزء الشمالي من سيناء، بعدما نجحت في ضرب بناه التحتية، وباتت هي الأقوى وفرضت سيطرتها على كامل سيناء، وقد دفعت أثمانًا كثيرة لتحقيق ذلك من أرواح جنودها ومقاتليها، ولن تُفرط فيما حققته من مكاسب بأي صورة وتحت أي ضغط.

محاولة اجتياح مدينة رفح الفلسطينية يُعني ببساطة إعادة إحياء التنظيمات المتطرفة في سيناء وتحديدًا داعش، وهو ما تطلب ردًا مصريًا على مستوى التهديد؛ فمصر هددت بالتحلل من اتفاقية كامب ديفيد لو تم الاجتياح وعملت على محاولة احتواء الحرب المتوقعة، لأنها ترى بأعينها هذا المستقبل.

واشنطن تتحمل المسؤولية كاملة عن أي عواقب قد تنتج عن عملية الاجتياح الإسرائيلي في أي وقت، وما سوف ينتج عنها، خاصة وأنها تدعي مواجهة جماعات العنف والتطرف، والحقيقة تؤكد أنها لا تُعير هذا الهدف أي اهتمام من خلال انحيازها الكامل لإسرائيل، انحياز سوف يدفع ثمنه العالم كله من أمنه وليس الفلسطينين أنفسهم.

داعش في مصر والتي خرجت من رحم جماعة أنصار بيت المقدس، هي أحد مخلفات الحرب الإسرائيلية على الفلسطينين في غزة في سنوات سابقة؛ فهذه الجماعة تشكلت على خلفية الحروب الإسرائيلية على الفلسطينيين، حيث قامت مجموعة من الفلسطينيين بالهرب إلى الأراضي المصرية، وباتت تبحث عن وسيلة لمواجهة إسرائيل بعد أنّ التحمت بمجموعة أخرى تنتمي لتنظيم التوحيد والجهاد.

نحن هنا لا نناقش العمليات التي قامت بها جماعة أنصار بيت المقدس أو داعش سيناء ضد إسرائيل، فهو تنظيم متطرف، لديه خلل في بوصلته الدينية والوطنية، ولذلك كل ضرباته وعملياته الإرهابية كانت ضد الجيش المصري وليست ضد إسرائيل.

رغم أنّ مسمى التنظيم أنصار بيت المقدس، ولكنه في الحقيقة كان أنصار المجموعات المتطرفة التي نشطت في مصر بعد العام 2013؛ خطورة توقف المفاوضات أو استمرار الحرب وعملية الاجتياح سوف يدفعها العالم بأكمله من أمنه وسلامته، حتى ولو توصلوا لاتفاق هدنة قريب، وسوف يتمثل هذا التهديد في عودة مؤكدة لداعش.