الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

فضائيات

داليا عبدالرحيم: تقارير استخباراتية كشفت عن مخططات داعشية لتنفيذ عمليات إرهابية.. باحث: داعش يتمدد في القارة السمراء على حساب القاعدة.. وأستاذ بجامعة باريس: عودة الإرهاب للعاصمة الفرنسية أمر صعب

الإعلامية داليا عبدالرحيم
الإعلامية داليا عبدالرحيم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قالت الإعلامية داليا عبدالرحيم، مساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، إنه برز على ساحة الأحداث في الأسابيع الأخيرة تنظيم داعش الإرهابي بعد إعلانه مسؤوليته عن العملية الإرهابية التي وقعت أواخر مارس الماضي في قاعة للحفلات الموسيقية في موسكو، ومع توفر معلومات وتقارير أمنية واستخباراتية في عدة دول أوروبية عن مخططات داعشية لتنفيذ عمليات إرهابية أثناء إقامة دورة الألعاب الأولمبية التي ستُقام في باريس في يوليو القادم.

وأضافت “عبدالرحيم”، خلال تقديمها برنامج “الضفة الأخرى”، المذاع عبر فضائية “القاهرة الإخبارية”، أنه خلال السنوات العشر الماضية شهدت مسيرة "داعش" مراحل من النمو والتمدد حتى 2019؛ تلتها مرحلة انكسار وهزائم وتقلص للسيطرة ومناطق النفوذ في العراق والشام؛ وأمام تلك الضربات والانحسار وسقوط دولة التنظيم المركزية في مارس 2019 طور داعش استراتيجيته بتأسيس "فروع" في بعض الدول الإفريقية كدول الساحل والصحراء والتي سلطنا الضوء عليها في حلقات سابقة من الضفة الأخرى؛ وكذلك أسس داعش فروعا له في بعض الدول الآسيوية وأخطرها ولاية خراسان وشكلوا خلايا نائمة في بلدان أوروبية عديدة.

وأوضحت: وكما أشرنا قبل ذلك لخطأ وقُصر نظر الاستراتيجية الأمريكية والغربية في التعامل مع ظاهرة الإرهاب منذ بداياتها؛ حيث دعمت أمريكا تنظيم القاعدة في أفغانستان في سياق ما عُرف بالحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي وقتها، ورأت الإدارة الأمريكية أن داعش ينقل أخطار الإرهاب إلى دول المشرق؛ لأن داعش كان يُركز على ما أسماه الجهاد ضد العدو القريب "حكومات وأنظمة الدول الإسلامية.. دعهم يتحاربون على أراضيهم"، وأن من سيكتوي بنيران إرهابهم هم العرب والمسلمين وعلى أرضهم بعيدًا عن دول الغرب؛ ووفر هذا القصور فضلا عن غياب مفهوم شامل لمخاطر الإرهاب وكيفية مواجهته على الصعيد الإقليمي والدولي المناخ المناسب للتنظيمات الإرهابية من القاعدة وداعش ومن التنظيمات التي تولدت من الصراع الذي نشأ بين التنظيمين؛ خاصة بعد ما سُمي بثورات الربيع العربي لينتقل بعدها لاستهداف مناطق نفوذ جديدة وبحثًا عن ملاذات آمنة في دول إفريقية وآسيوية وبعض دول أوروبا وبذلك حدثت موجات المد والتنامي وتصاعد الأخطار مع استمرار التراخي وغياب الإرادة والرؤية الواضحة من الدول الكبرى والهيئات الدولية في صياغة استراتيجية متكاملة وشاملة لمواجهة الإرهاب.

وتابعت: سنتناول خلال حلقتنا الليلة مسيرة داعش خلال السنوات العشر الماضية، وأبرز عملياته في أوروبا مع التوقف أمام أخطر فروعه في خراسان وأبرز القيادات التي تولت إمارة داعش من أبو بكر البغدادي والذي قُتل في 2019، وحتى الأمير الحالي أبو حفص الهاشمي والذي تولى الإمارة في نهايات 2022.

ولفتت إلى أن تنظيم داعش ظهر في 29 يونيو من العام 2014 حينما خرج أبو محمد العدناني، المتحدث باسم التنظيم برفقة أحد أهم قياداته ويدعى أبو عمر الشيشاني وأعلنا قيام ما سموه وقتها الدولة الإسلامية في تسجيل مرئي بعنوان كسر الحدود، وتزامن ذلك مع احتلال عدد من المدن السورية والعراقية، فضلًا عن تعيين أبو بكر البغدادي لخلافة دولة التنظيم، موضحة أن دولة التنظيم سقطت في 22 مارس من عام 2019؛ عندما أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تحرير كامل الأرض التي احتلها التنظيم وكان آخرها مدينة الباغوز السورية، ثم نجحت واشنطن في قتل أبو بكر البغدادي مع عدد من قياداته في أكتوبر من نفس العام، بعدها تم إنشاء عدد من السجون لمن بقي منهم تقوم قوات سوريا الديمقراطية بحراسته، ونجح التنظيم في تنفيذ عدد من العمليات النوعية بعد إعلان سقوطه سواء في الأماكن التي سبق واحتلها في الموصل أو الرقة أو في قلب بغداد، كما نجح في تنفيذ عملية هروب من سجن غويران بمحافظة الحسكة في يناير من العام 2022، بعد أن تم مهاجمة مدخل السجن بشاحنتين مفخختين ومجموعات من الدواعش الذين استطاعوا اقتحامه.

واستطردت: بعد إعلان سقوط دولة التنظيم تحول إلى خلايا بعضها نشط والبعض الثاني خامل؛ حيث انتقلت مجموعات وأفراد منه إلى أوروبا بعواصمها والبعض الآخر إلى إفريقيا حيث التحموا بالتنظيمات المحلية والإقليمية في هذه القارة، بينما تُركز عدد منهم في آسيا حيث أنشأوا ما أُطلق عليه ولاية خراسان والتي تُمثل أقوى فروع التنظيم وإليها يعود العمل الإرهابي الذي ضرب أكبر مسارح روسيا في ضاحية بالقرب من العاصمة موسكو في 22 مارس الفائت، وبدأ التنظيم يعود من جديد بعد تهديداته لعدد من العواصم الأوروبية، وعليها طلب مجمع الاستخبارات الفرنسي من الحكومة الفرنسية عدم عقد دورة الألعاب الأولمبية المقرر لها في أغسطس القادم، كما حذر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي من إمكانية نجاح التنظيم في تنفيذ عمليات إرهابية ضد بلاده.

وأشارت إلى أنه من أسباب عودة التنظيم للظهور الاضطرابات والحروب التي ضربت العالم سواء الحرب الأوكرانية في شرق أوروبا أو الحرب الإسرائيلية في شرق المتوسط؛ فكل منهما وفر بيئة حاضنة للعنف، فضلًا عن انشغال المجتمع الدولي وأمريكا تحديدًا بهذا الصراع، وهو ما أثر على جهودهما في محاربة داعش، وما زال يُمثل داعش تهديدًا للأمن والسلم الدوليين، ولا يقتصر خطره على الدول التي ينشط فيها وإنما يمتد لكل دول العالم ولكل قاراته، وما يفرض التزام دولي بضرورة التكاتف لمواجهته مع باقي التنظيمات المتطرفة وعلى رأسهم جماعة الإخوان الإرهابية.

وأكدت أن مصر من أهم الدول التي واجهت نشاط داعش في الجزء الشمالي من سيناء، كما أنها قدمت الدعم والمساندة للقوات العراقية في مواجهة التنظيم، وقدمت نفس الدعم للتحالف الدولي لمواجهة داعش حتى تم الإعلان عن سقوط دولة التنظيم، فضلًا عن القضاء عليه بشكل كامل في مصر.

وأكدت أن تنظيم الدولة "داعش" أعلن مسؤوليته عن المذبحة الدامية التي وقعت أواخر مارس الماضي في قاعة للحفلات الموسيقية في موسكو، ونشر لقطات مصورة للهجوم، وظهرت ولاية خراسان التابعة لتنظيم الدولة "داعش" في أواخر عام 2014 كفصيل منشق عن حركة طالبان الباكستانية، ووجدت الجماعة موطئ قدم في مناطق شرق أفغانستان التي كانت منذ فترة طويلة ملاذات آمنة للجماعات الإرهابية الأخرى، بما في ذلك تنظيم القاعدة، واكتسبت مجندين من بين حركة طالبان الأفغانية والباكستانية؛ لقد نظموا حملة عنف وحشية على غرار داعش ضد السكان، والتي شملت قطع الرؤوس وغيرها من الأعمال البشعة، وفي يناير 2016 أعلنت الحكومة الأمريكية أن تنظيم داعش خراسان منظمة إرهابية عالمية، إلى جانب حملة منسقة شنتها القوات الأمريكية والأفغانية، إلى جانب هجوم متواصل لطالبان ضد داعش خراسان. 

ونوهت بأن داعش خراسان اكتسب زخمًا جديدًا في عام 2020، بعد تعيين زعيمه الجديد شهاب المهاجر، وبدلاً من محاولة الاستيلاء على الأراضي، ركز شهاب على أمرين: التوسع والتجنيد في آسيا الوسطى، وشن هجمات كبرى في كابول وعلى أهداف ذات أغلبية شيعية وأقليات دينية أخرى، واكتسبت الجماعة شهرة دولية أكبر بعد هجوم انتحاري على مطار كابول في 26 أغسطس 2021، مما أسفر عن مقتل 13 جنديًا أمريكيًا و170 أفغانيًا كانوا يحاولون الفرار بعد استيلاء طالبان على السلطة، وبعد أن سيطرت حركة طالبان على البلاد في أغسطس 2021 كثف تنظيم داعش خراسان هجماته، وفي عام 2022 نظمت حركة طالبان حملة قمع ضد الجماعة، ونجحت في الحد من هجمات داعش خراسان في أفغانستان. 

ولفتت إلى أن داعش خراسان مُنحت استقلالية كبيرة من قبل قيادة داعش؛ كما هو الحال مع أي فرع آخر يمنحه التنظيم الأم الاعتراف والمصداقية والوصول إلى التمويل والموارد؛ لكن طموحاتها العالمية والأيديولوجية موجودة جنبا إلى جنب مع مظالم وأهداف محلية للغاية، وأهمها الإطاحة بحركة طالبان لإقامة نسختها الخاصة من الدولة الإسلامية، وكشفت العملية الإرهابية لداعش في العاصمة الروسية موسكو عن أن الولاية الداعشية في خراسان والتي نفذت الهجوم ورغم الخسائر التي ألمت بها في حربها مع حكومة طالبان في أفغانستان والتي أضعفت نفوذها وحركتها داخل الأراضي الأفغانية؛ إلا أنها ما زالت قادرة على الحركة في محيطها الإقليمي خارج أفغانستان وتُشكل تهديدًا لا يُستهان به خاصة لروسيا، وأنها تستفيد وتفيد أطراف أساسية في الصراع والحرب الروسية الأوكرانية.

وقالت إن ما تؤكد عليه كل الشواهد والأحداث فإن أخطار ومستهدفات جماعات الإرهاب المسلحة تستهدف الجميع، وداعش مثلا كجماعة إرهابية شبكتها وخلاياها المتوزعة على مناطق عديدة من بلدان العالم تُمثل خطرًا واردًا ومحتملًا في أي لحظة وفي أي مكان، ومن أبرز تلك الأماكن القارة الأوروبية بشكل عام وفرنسا على وجه الخصوص وهو الخطر المحتمل والذي ذهبت للتأكيد عليه مؤخرًا تقارير عديدة بعضها صدر من داخل فرنسا، وبعضها من جهات خارج فرنسا؛ تلك التقارير الأمنية والمخابراتية أشارت إلى استعدادات وتجهيزات يُرتبها تنظيم داعش لاستهداف فاعليات دورة الألعاب الرياضية الأولمبية؛ ذلك الحدث الكبير والذي يحظى باهتمام ومشاركة ومتابعة واسعة على المستوى العالمي، ويُقام بانتظام كل أربع سنوات؛ وسيكون في ضيافة العاصمة الفرنسية باريس في يوليو القادم.

وأضافت أنه منذ تولي ثناء الله غفاري إمارة تنظيم داعش ولاية خراسان في عام 2020، وتبنيه لنهج أكثر تشددًا مما ساهم في تنفيذ عدد من الهجمات الكبيرة سواء داخل أفغانستان أو خارجها، وجذب تنظيم داعش ولاية خراسان الاهتمام العالمي بتفجير انتحاري في عام 2021 في مطار كابل الدولي أثناء الانسحاب العسكري الأمريكي أدى إلى مقتل 13 جنديًا أمركيًا وعشرات المدنيين، وفي سبتمبر 2022 أعلن مسؤوليته عن هجوم انتحاري على السفارة الروسية في كابل أسفر عن سقوط قتلى، مع شن ضربات عبر الحدود داخل باكستان وعدد متزايد من المؤامرات في أوروبا، وتم إحباط معظم تلك المؤامرات الأوروبية، ففي يوليو 2023 نسقت ألمانيا وهولندا اعتقالات استهدفت سبعة أفراد من الطاجيك والتركمان والقرغيز المرتبطين بشبكة داعش خراسان الذين يُشتبه في تخطيطهم لهجمات في ألمانيا، وألقي القبض على ثلاثة رجال في ولاية شمال الراين وستفاليا الألمانية بسبب خطط مزعومة لمهاجمة كاتدرائية كولونيا ليلة رأس السنة الجديدة 2023، وارتبطت المداهمات بثلاثة اعتقالات أخرى في النمسا وواحد في ألمانيا يوم 24 ديسمبر؛ ويقال إنه يعمل لدعم داعش خراسان.

وأوضحت: في يناير 2024 هاجم ملثمون كنيسة للروم الكاثوليك في إسطنبول، مما أسفر عن مقتل شخص واحد، وبعد فترة وجيزة أعلن تنظيم "داعش" عبر وكالة أنباء أعماق الرسمية التابعة له، مسؤوليته عن الهجوم، واعتقلت قوات إنفاذ القانون التركية 47 شخصًا، معظمهم من مواطني آسيا الوسطى، وفي الرابع من يناير 2024 أعلن تنظيم داعش عبر تليجرام مسؤوليته عن هجمات كرمان والتي أسفرت عن مقتل ما يقرب من 100 شخص وإصابة العشرات في مراسم أقيمت في إيران، لإحياء ذكرى القائد العسكري قاسم سليماني، الذي قُتل بطائرة أمريكية مسيرة في 2020، وفي 22 مارس 2024 أعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم المسلح الذي استهدف قاعة للحفلات الموسيقية في موسكو الجمعة وأسفر عن مقتل 40 شخصًا على الأقل وفق حصيلة أولية للسلطات الروسية، وقال مسؤولو مكافحة الإرهاب إن هجمات موسكو وإيران أظهرت المزيد من التعقيد، مما يُشير إلى مستوى أكبر من التخطيط والقدرة على الاستفادة من الشبكات المتطرفة المحلية.

وأشارت إلى أنه تتزامن عودة "داعش" للظهور اللافت مؤخرًا مع مرور 10 سنوات على تأسيسه وإعلانه في صيف 2014 قيام ما أسماه "الدولة الإسلامية في العراق والشام" دولة الخلافة المزعومة وتنصيب “الخليفة” الأول أبو بكر البغدادي، وأود الإشارة إلى أن كلمة داعش هي تجميع للحروف الأولى من مسمى "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، ومنذ إعلان دولة داعش تولى "الخلافة" كما يحلو للدواعش أن يقولوا من هم قادة تنظيم "الخلافاء" على مدار 10 سنوات هي عمر التنظيم. 

وتابعت: كما أشرت كان أبو بكر البغدادي أول قادة التنظيم واستمر على رأسه 5 سنوات، وقُتل البغدادي في 26 أكتوبر 2019 جراء غارة أمريكية بسوريا، وأعلن التنظيم تعيين أبو إبراهيم القرشي في 31 أكتوبر 2019، وفي فبراير 2022 أعلنت الولايات المتحدة القضاء عليه في إدلب بسوريا، وفي مارس 2022 أعلن داعش تعيين أبو الحسن الهاشمي زعيمًا للتنظيم، وفي نوفمبر 2022 أعلن التنظيم اختيار أبو الحسين الحسيني القرشي زعيمًا، وأبو حفص الهاشمي القرشي هو الزعيم الحالي للتنظيم وجنسيته غير معروفة.

وأكدت أن داعش مثل ويُمثل خطرًا وتهديدًا على القارة الأوروبية؛ تتزايد تلك الأخطار مع غياب رؤية متكاملة وجهود جادة وتعاون فعال على الصعيد العالمي للتصدي لأفكار وممارسات وتحركات خلايا داعش المتواجدة داخل بلدان أوروبا.

واختتمت الإعلامية داليا عبدالرحيم، أنه ربما تكون تلك المواجهات التي نفذها التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب قد نجحت في هزيمة وإسقاط الدولة المركزية لداعش في العراق وسوريا وقلصت الكثير من قدرات التنظيم؛ ولكن تدخلات قوى دولية وإقليمية في الحروب والنزاعات التي تفجرت في المنطقة خاصة بعد ما عُرف بالربيع العربي، وما شهدته دول عديدة من سقوط أنظمة حكم وصراعات سياسية وعرقية وعسكرية وتدخلات أجنبية كالذي جرى في العراق وسوريا واليمن وليبيا، وما شهدته بلدان إفريقية من عدم استقرار سياسي وأمني، وما وفرته الحرب الروسية الأوكرانية من ظروف وفي ظل غياب الرؤية العالمية المتكاملة والشاملة لمواجهة الإرهاب، وغياب المصداقية والتعامل العادل والمنصف في تلك الصراعات والانحياز التام لسياسات وممارسات عدوانية تجاه بعض القضايا والنزاعات، وإهدار الحقوق المشروعة للشعوب في الاستقلال والحرية وتقرير المصير، وطبعا أبرز تلك الأمثلة على غياب العدالة وتطبيق المواثيق الدولية في الصراعات القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المهدرة، وشلل الإرادة الدولية أمام البطش والعدوان الصارخ الذي تُمارسه دولة الاحتلال بحق الفلسطينيين، كل هذه السياسات تخلق مناخًا مواتيًا ومناسبًا لجماعات الإرهاب للتمدد وكسب الأنصار وتُقلل من قيمة المواجهات والضربات العسكرية والأمنية التي يُنفذها التحالف الدولي في مواجهة الإرهاب وأخطاره على العالم كله.

من جانبه قال مصطفى أمين، الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، إن تنظيم داعش منسلخ فكريًا ومستنسخ تنظيميًا من تنظيم القاعدة، مشيرًا إلى أن التنظيم أوجد مجموعات تقود العمل الجهادي في دول الغرب، ويُطلق على هذه المجموعات "خلايا التماسيح"، وهذا ينطبق على العملية الأخيرة التي حدثت في روسيا.

وأضاف "أمين"، خلال لقائه ببرنامج "الضفة الأخرى"، الذي تقدمه الإعلامية داليا عبد الرحيم، على فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن خلايا التماسيح تحصل على البيعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتُمثل هذه الخلايا الخطر الحقيقي لتنظيم داعش، موضحًا أن هذه الخلايا تُنفذ عمليات واسعة النطاق، بهدف إسقاط أكبر عدد من القتلى، لكي يُظهر التنظيم نفسه على أن ما زال لديه القدرة على التواجد.

وأوضح أن تنظيم داعش الإرهابي سقط جغرافيًا، ولكن أفكاره ما زالت موجودة حتى الآن، مؤكدًا أن التنظيم يستغل الظروف السياسية للقيام بعملياته الإرهابية، حيث استهدف التنظيم بشكل واضح مطار كابل الأفغاني، وأسقط عددا كبيرا من المدنيين الأفغان، ودخل في صراع مع حركة طالبان، ولا يزال يوجه للحركة العديد من العمليات. 

ولفت إلى أن تنظيم داعش لم ينته، وكل فترة يقوم ببعض العمليات لكي يظهر قدرته على البقاء والتواجد، وهذا واضح في عملية روسيا الإرهابية، موضحًا أن وجود تنظيم داعش في أوروبا مرتبط بالمهاجرين من أصول عربية أو إسلامية، حيث يقوم التنظيم بتجنيد أعضائه من خلال تسويق فكرة التمييز العنصري، أو المظلومية، وبالتالي من السهل استقطاب عناصر جديدة للقيام بعمليات إرهابية.

وأكد أن تنظيم داعش لديه القدرة على القيام بالعمليات في أوروبا وفرنسا، خاصة في المحافل الكبيرة، وهذا قد يحدث في دورة الألعاب الأولمبية التي ستقام خلال الفترة المقبلة في باريس، مشيرًا إلى أن القدرة على إحباط مخططات التنظيم زادت خلال الفترة الأخيرة، بسبب تتبع مصادر تمويل التنظيم، وتجفيفها قدر الإمكان، ولكن هذا التتبع لم يمنع هذه العمليات بشكل كامل.

ونوه بأن تنظيم داعش بعد انهياره جغرافيًا اختزل ولايته في بقعات جغرافية محددة، مشيرًا إلى أن داعش اختلق ما يسمى بنمو الأطراف، حيث أصبحت قوته في ولاية الأطراف مثل ولاية خراسان التي نمت بشكل كبير عقب الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.

وأضاف أن ضعف حكومة طالبان وعدم قدرتها على السيطرة بشكل كامل على الجغرافية الأفغانية يساعد على استمرار داعش، موضحًا أن تنظيم داعش نما بشكل كبير في إفريقيا، خاصة في وسط وساحل إفريقيا، مشيرًا إلى أن داعش يتواجد في هذه المنطقة لأنها منطقة رخوة تشهد انقلابات كبيرة، خلاف أن التنظيم استطاع أن يوفر تمويلًا من خلال التجارة أو الاستيلاء على بعض مصادر الأموال، مؤكدًا أن داعش يتمدد في القارة السمراء على حساب القاعدة، خاصة في الأماكن التي تشهد نزاعات وصراعات.

بدوره قال الدكتور صادق سلام، الأستاذ المحاضر بجامعة باريس، إن الإعلان عن تدشين دورة الألعاب الأوروبية في باريس جعل الكثير من المحللين يتوقعون حدوث بعض الاضطرابات عن طريق بعض العمليات الإرهابية، لعرقلة هذا المحفل الدولي الذي يدعو إلى السلام، والتقارب بين الشعوب من خلال الرياضة.

وأضاف "سلام"، خلال لقائه ببرنامج "الضفة الأخرى"، الذي تقدمه الإعلامية داليا عبد الرحيم، على فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن عودة الإرهاب مرة أخرى في قلب باريس أمر صعب جدًا، ولكنه يدخل في باب الاحتمالات، موضحًا أن بريطانيا وإسبانيا شهدتا عمليات إرهابية شنيعة بعد المشاركة في الحرب على العراق، ولكن فرنسا لم تشهد أي عمليات إرهابية، بسبب أن فرنسا اختارت السلام، ولم تشارك في هذه الحرب.

وأوضح أن أفضل طريقة لمنع العمليات الإرهابية في باريس هي استمرار فرنسا في الوقوف بجانب السلام خاصة في الشرق الأوسط، مؤكدًا أن توعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن إرسال قوات إلى أوكرانيا من شأنه أن يؤدي إلى حالة عداء مع موسكو، ومخاطر هذا الأمر لن تكون بعيدة عن الحركات الأصولية أو الإسلامية.

ولفت إلى أن استمرار التوتر والخلاف في الحرب بين روسيا وأوكرانيا قد يؤدي إلى إلحاق الأذى بفرنسا أو أوروبا من خلال القيام ببعض العمليات الإرهابية، ونشر بيانات من قبل الجماعات الإرهابية لتبني هذه العمليات.

وأشار إلى أن التحقيقات في العمليات الإرهابية في فرنسا أثبتت أن المصليين الذين يترددون على المساجد لا دخل لهم بالعمليات الإرهابية، فعلى سبيل المثال عملية 2015 تورط فيها شباب لم يدخل إلى المساجد على وجه الإطلاق، وهذا ينفي فكرة اتهام الإسلام بالعمليات الإرهابية من قبل البعض، موضحًا أن الشعب الإسلامي لديه نخوة في كل الدول الأوروبية، وقادرين على الدفاع عن الديانة الإسلامية التي تُتهم بالإرهاب عند حدوث أي أزمة.

وشدد على ضرورة إشراك المسلمين بصورة أكبر في النقاشات المتعلقة بالإرهاب، خاصة وأن المواطن الفرنسي المسلم مواطن ويجب أن يتمتع بالمواطنة الكاملة، مشيرًا إلى أن الخوف من الإسلام يزيد من تيار الإسلاموفوبيا.