انطلقت اليوم فعاليات الدورة الثالثة من المؤتمر الدولي للنشر العربي والصناعات الإبداعية، التي ينظّمها مركز أبوظبي للغة العربية، في منارة السعديات بعاصمة الإمارات أبوظبي.
ويعتبر المؤتمر فرصة نادرة لاكتشاف آفاق جديدة للنمو وفرص للتعاون في مختلف المجالات الإبداعية حيث يلتقي نخبة من الخبراء وقادة الأعمال وصناع المحتوى في مختلف المجالات من أكثر من 50 دولة والذي يعتبر منصة مثالية لكوكبة من الخبراء العاملين في صناعات النشر والإبداع، الذين تبادلوا أحدث المعارف والتوجهات حول تأثير التطورات التكنولوجية المتسارعة على صناعة العملية الإبداعية.
وتخلل المؤتمر عدد من الجلسات الهامة ومنها جلسة "ما بعد البيانات: تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على البشرية" وقدمتها عالية يعقوب، الباحثة في مجالي الذكاء الاصطناعي والفلسفة ورئيس منصة "تيك كواليا لدى شركة سينابس أناليتكس، بمشاركة نديم صادق المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "شيمر آي"، وبريسلاف ناكوف، أستاذ في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وهدى الخزيمي، مديرة جامعة نيويورك أبوظبي للأمن الإليكتروني، حيث تطرق المشاركون لعدة مواضيع تناولت تأثير الذكاء الاصطناعي على صناعة النشر، والتحديات التي تواجهها.
الذكاء الاصطناعي
وقال نديم صادق إن الذكاء الاصطناعي أمر مبهر للإنسان، لأنه سريع الأداء، فنحن لم نكن معتادون على ذلك، فكان البحث فيما مضى يستغرق مدة طويلة، أما الآن فهو سريع جداً ومدهش لدرجة تشعر البعض بالذعر، كما كانت القدرة على التدجين مرتبطة بالإنسان، والآن نرى الآلة تقوم بهذا الأمر عوضا عنه، إنها لحظات نادرة على مر التاريخ، فقد أدت إلى ازدهار البشرية بدون عمل.
مشيرًا إلى الجوانب الأخلاقية والنفسية لتأثير الذكاء الاصطناعي على الحياة اليومية للبشر، لافتاً إلى أهمية الحديث عن التشريعات لاستخدام هذا التطور في مجالات مثل السلاح، وإطلاقها للعنان في مجالات أخرى مثل التعامل مع الطفل على سبيل المثال.
تحديات صناع المحتوى
كما استعرض بريسلاف ناكوف بعض التحديات الأساسية التي تواجه الشباب من صناع المحتوى والمؤلفين، مشيراً إلى أن بعض الطلاب لديهم لغات حديثة متطورة وهم يستخدمونها بشكل جيد في النصوص، ولكن يجب عدم المبالغة في الأمر كونه يعقّد الجمل أكثر من اللازم. مضيفاً أن الذكاء الاصطناعي يقوم بكتابة رسالة إلكترونية طويلة جداً، لكن معناها لا يتجاوز كلمتين، كما أنه قد ينتج محتوى ليس ذو قيمة، لذلك أرى أنه لا يمكن الاستغناء عن البشر، بل علينا إيجاد طرق للتعاون بين الآلة والعقل البشري، لأن الذكاء الاصطناعي بالنسبة لي هو بمثابة "طيار مساعد".
التشريعات والذكاء الاصطناعي
مؤضحًا التشريعات في مجال الذكاء الاصطناعي، بأن التطور التكنولوجي يأتي سريعاً بينما يأتي التشريع بطيئا، لذلك علينا التثقيف بالتكنولوجيا، وتعريف الناس بالنافع منها والضار، وما ينبغي أخذه، وما ينبغي تركه منها.
فيما تحدثت هدى الخزيمي عن تأثر الذكاء الاصطناعي على النمو الاقتصادي، مشيرة إلى أهمية الوعي بأن هذا السياق ليس محدوداً بتأثير الذكاء الاصطناعي نفسه، وإنما بتأثير الناشئة على العالم من خلال بناء تكنولوجيات جديدة وليس استهلاكها فحسب.
لافتتًا إلى أهمية الجانب الأخلاقي في موضوع الذكاء الاصطناعي وأنه يجب علينا الاعتراف بأننا كبشر قد وصلنا إلى الحافة من التطور التكنولوجي، إذ يجب أن تستخدم التكنولوجيا لجعل الحياة أسهل وأكثر إنتاجا وبشكل أخلاقي في ذات الوقت، إذ أن هنالك فجوة بين ما تقدمه التكنولوجيا وبين التشريعات والسياسات، وعلينا تحقيق التوازن بين هذين الأمرين.
صانعو الألعاب العرب
كما استضاف المؤتمر جلسة نقاشية تحت عنوان "تطويع الألعاب الرقمية لسرد قصصي عالمي يتعدى الحدود الثقافية" والتي أقيمت ضمن جلسة "حوارات مبتكرة" بمشاركة فوزي مسمار نائب الرئيس للإبداع العالمي لإحدى شركات الألعاب الرقمية، ومحمد زاهر، وعصام بخاري رئيس ومدير تنفيذي لـ “مانجا للإنتاج”، وأدار الحوار إدوارد ناوتكا مستشار في صناعة النشر والمحتوى ومحرر دولي في مجلة "بابليشرز ويكلي" في نيويورك.
أجيال الغد
استهل الجلسة عصام بخاري الذي أشار إلى أن شركة "مانجا أربيا" التي يرأسها هي شركة سعودية تنتج ألعاب الفيديو والمجلات. وقال: "هدفنا أن نلهم أجيال الغد، فالمحتوى له تأثير هائل على الأجيال الشابة، وعندما بدأت عام 2017 لم يكن لدينا لا مكتب ولا استديو وكان حلمي إنتاج فيلم ومسلسل "إنيمشن" فعملت على الرسوم المتحركة لتوفير فرصة التعليم والتدريب". وأضاف: "الآن أشعر بالفخر لأن فيلم "الرحلة" وهو واحد من منتجاتنا عرض على أكثر من 53 منصة، فهو منتج يعبر عن محتوانا الأصلي، وهي المعادلة الجديدة في هذه الصناعة، وحبذا لو نعقد شراكات مع العالم دون أن يعتبرونا سوقاً يصدرون إليه، وأعتقد أن هذا سيحدث تفاعلاً في هذه الصناعة". وذكر بخاري: "بالتعاون مع وزارة الثقافة ووزارة التعليم في السعودية طورنا برنامجاً على الإنترنت لتعليم المانجا شارك فيه ثلاثة ملايين ونصف المليون من الشباب، لأننا في عصر الذكاء الاصطناعي ونحتاج أن نستثمر بالأجيال الشابة ونستثمر بالعقول ونعلمهم كيفية التعبير كون المانجا طريقة حياة".
شخصيات كرتونية عربية
بدوره قال محمد زاهر نتطلع إلى ألعاب تمثل العرب وليس شخص يلبس الثياب العربية فقط، فهناك 73% من اللاعبين في دول مجلس التعاون يفصلون الألعاب التي تعكس الثقافة العربية" .
وأوضح فوزي مسمار: "بدأت مهنتي في مجال تصميم الألعاب الإلكترونية قبل 21 عاماً، ولخبرتي في عملي ذهبت إلى نيوزلاندا واليابان ومن ثم أوروبا حيث عملت بالأستوديوهات وأشرفت على العديد من المشاريع إضافة إلى أنني أُدرس وأقوم بعمل التصاميم". وقال: "أتمنى تحضير الجيل الثاني من مصنعي ألعاب الفيديو، وعندما أستطيع سأقابل الجميع لأجل أن أخبر الناس في الشرق الأوسط بأنه لا ينقصنا شيئاً لدينا التعليم ونستطيع أن نعكس ثقافتنا".
وأضاف: "في السابق كنت العربي الوحيد الذي يعمل بمجال تصميم ألعاب الفيديو أما الآن فيوجد المزيد من العرب من الشباب والشابات وننظر أن نكون جزءاً من النسيج الثقافي العربي".