أصبحت كلمة ذكي (smart) هى الكلمة الأكثر استخداما فى كل الاجتماعات وفى كل الأماكن.. فهذا تليفون ذكي، وهذه جامعة ذكية وتلك مدينة ذكية (من الجيل الرابع). وحتى الحروب أصبحت ذكية تُسْتخدم فيها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.. وفى التعليم والبحث العلمي، وفى تشخيص وعلاج الامراض، وإدارة المنظومة الصحية، وادارة الأعمال والإتصالات وتكنولوجيا المعلومات وغيرها. فما هو الذكاء الاصطناعى وما هي استخداماته، وما هي فرص مصر فى قيادة المنظقة فى هذه التكنولوجيا البازغة؟ هذا ما نحاول الاجابة عنه.
ماهو الذكاء الاصطناعى وكيف تطور ليصبح ثورة تكنولوجية عظيمة؟
الذكاء الاصطناعى (Artificial Intelligence) أو ((AI هو مجال تطوير برمجة وإعطاء الأوامر لأجهزة الكمبيوتر أو الإنسان الآلى (الروبوت) للقيام بالأعمال التى تتطلب ذكاءً بشريًا. خلق الله سبحانه وتعالى الانسان وجعله أذكى المخلوقات على ظهر الارض. واخترع الانسان الكمبيوتر فى القرن العشرين، حيث ظهر أول حاسوب يُخزِّن البرامج فى جامعة مانشستر الانجليزية (كمبيوتر فريدريك ويليامز وتوم كيلبورن سنة ١٩٤٨). وكان لى الحظ أن زرت أول كمبيوتر، وكان يقع فى غرفتين فوق بعض فى مبنى مقابل لمبنى جامعة مانشستر فى شارع اكسفورد. وهو أول حاسوب رقمى يُخزّن البرامج، وسُمّى هذا الجهاز بالطفل الوليد ماركة مانشستر سنة ١٩٤٩. ثم ظهر مصطلح الذكاء الاصطناعى (كمبيوتر ذكى يمكنه التفكير) فى منتصف القرن العشرين على يد آلان تورنج سنة ١٩٥٠ وهو عالم رياضيات بريطاني، رائد فى علوم الكمبيوتر النظرية، تعلم فى جامعة كامبردج، ويرجع إليه الفضل فى فكّ شفرة الرسائل العسكرية الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية.
ثم ظهر الذكاء الاصطناعى التوليدى (Generative AI) وهو شكل من أشكال الذكاء الاصطناعى الذى يمكنه إنتاج النصوص والصور والمحتوى المتنوع بناءً على البيانات المخزنة لديه. وكانت اخر صيحة هى وظهر الكمبيوتر الناطق الذى يتحدث ويتفاعل ويجرى دردشة مع الانسان (الشات Chat GPT) والذى بدأ فى أخر نوفمبر سنة ٢٠٢٢، ويستخدمة حاليًا المليارات من البشر حول العالم.
أصبح الاستثمار فى مجال الذكاء الاصطناعى هو الاكثر فى العقد الاخير. حيث تتصدر الولايات المتحدة الأمريكية والصين طليعة الدول التى تستثمر فى مجال الذكاء الاصطناعي. وتبلغ استثمارات الولايات المتحدة وحدها نحو ٢٥٠ مليار دولار منذ عام ٢٠١٣ وحتى ٢٠٢٢.
وكل يوم يتم تطوير التكنولوجيا، بحيث امكن ان تقوم الاجهزه بتعليم نفسها بنفسها، (Machine Learning) لكى تستطيع التعلم الذاتى وتحديث البيانات بشكل مستمر. حاليا، هذه الاجهزة تعادل ذكاء الانسان، وهناك احتمال كبير ان تتفوق عليه فى المستقبل. الفكرة ان الاجهزة الحديثة يمكن ان تستوعب كم كبير جدامن المعلومات فى كل المجالات، وبدلا من ان تقدم بديل واحد لحل اى مشكلة، يمكنها تقديم عشرات البدائل حسب المعلومات المتوفرة لديها. فمثلًا اذا كان لدينا مشكلة طبية، وأحضرنا لجنة من ١٠ خبراء لدراستها، وقدمت اللجنة قرارها المبنى على خبرة ١٠ خبراء، فيمكن للكمبيوتر او الربوت تقديم رأى مختصر لعدد ١٠ الاف معلومة مخزنة لديه خلال ثوان معدودة. الاخطر، انه يمكن للاجهزة الحديثة باستخدام هذه التقنيات ان تكون ذاتية التحديث، بحيث تعلم نفسها بنفسها دون الحاجة الى برمجة الانسان، وهنا يكمن الخطر، حيث يمكن للاجهزة الحديثة ان تتخطى تحكم العنصر البشرى، وان تتحكم هى فى البشر، وهنا قد يحدث الضرر. لذا هناك حوارات جادة بين الشركات العملاقة العاملة فى مجال الذكاء الاصطناعى مثل شركة (Open AI) وبين المنظمات الدولية مثل منظمه الامم المتحدة، والحكومات لتنظيم عمل تللك الشركات، وجعل التكنولوجيا فى خدمة الانسان بدلا من تدميره.
ولأهمية الموضوع وخطورته فى نفس الوقت، حرصت جامعة الدول العربيه ومعظم حكومات الدول العربية على تشجيع كل قطاعات الدولة على مواكبة التطور الحادث فى هذا المجال، خاصة دول مجلس التعاون الخليجية ومصر والمغرب. وفى مصر، حيث تحرص كل الوزارات على متابعة هذا التقدم المذهل، على سببل المثال، كان هناك مؤتمر خاص بتطبيقات الذكاء الاصطناعى فى مجال الطب، نظمته كلية الطب جامعة قناة السويس (فى مدينة الاسماعيلية) يومى الاربعاء والخميس ٢٤-٢٥ ابريل. ومن قبلها استضافت جامعة حورس المؤتمر القومى لعلوم الراديو، من ١٦-١٨ ابريل، وتم مناقشة دور الذكاء الاصطناعى فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. امام مصر فرصة عظيمة للدخول فى عصر الذكاء الاصطناعي، حيث ان هذا المجال يعتمد كليا على العقل البشري، ولايحتاج الى اى امكانيات مادية.
أعتقد أن مصر تمتلك كل الإمكانات البشريه المؤهلة لقيادة المنطقة فى هذا المجال الهام، وللحديث بقية.