بائع السعف، هو ذلك الرجل الذي يظهر لمرة واحدة في السنة ولعدد ساعات قصيرة، ولكنه يحمل البهجة للأطفال والكبار.
التقت "البوابة نيوز"؛ خلال متابعتها لمظاهر الاحتفال بأحد الشعانين؛ مع عم بشرى؛ وعم يوسف تادرس؛ وهما يبيعان السعف؛ حيث يقف عم بشري على الباب الرئيسي لكنيسة رؤساء الملائكة ميخائيل وغبريال بمنطقة "أم المصريين"؛ فيما يبيع عم تادرس السعف في منطقة شبرا ليتحدثان عن عملهما وكيفية جمع السعف وتشكيله.
قال عم بشري: إنه دائم التواجد منذ أكثر من 10 سنوات في نفس المكان، وأنه يأتي من محافظة المنيا إلى الكنيسة ليبيع السعف وهي عادة تعلمها من زوج شقيقته الذي يسكن بجوار الكنيسة، وهو الذي شجعه على بيع السعف في هذا التوقيت من كل عام.
وأضاف "عم بشرى" أن السعف المستخدم في "أحد الشعانين" من أشجار النخيل، وأنه يأتى به من محافظة المنيا هو وزوجته في سيارة ميكروباص، وأنه يبدأ عملية البيع من يوم الجمعة السابق لأحد الشعانين، "جمعة ختام الصوم"، ويستمر البيع طوال يوم السبت "سبت لعازر" وتأتى ذروة البيع يوم أحد الشعانين للقادمين إلى الكنيسة.
وقال بائع السعف "عم بشري" إن السعف يطلق عليه أيضا اسم الخوص، ويتم حجز الخوص من المزارعين قبل أحد السعف بأسابيع قليلة، وبعد ذلك يتم جمع السعف من عمال متخصصين في تصلق النخل، عن طريق قطع السعف الأبيض من قلب النخيل، ويتم تجميعه في حزم وبيعه لنا.
وعن كيفية اختيار السعف، قال: يُفضل اختيار أوراق النخيل البيضاء الطويلة والمستقيمة الخالية من البقع أو العيوب، ويجب أن تكون ورقة السعف لينة حتى يمكن ضفرها وتشكيلها، ولا تكون جافة قاسية يصعب استخدامها، أما عن اختيار سنابل القمح، فقال: إنه يجب أن تكون السنابل خضرا ويفضل ألا تكون الأوراق هشّة أو قابلة للكسر بسهولة.
وبسؤاله عن رمزية السنابل قال، "أنا بزرع القمح بنفسي لكي تجلب البركة، وتابع قائلا، إن سنابل القمح ترمز للخير والنقاء والبركة ويقوم العديد من الناس بتعليق سنابل القمح على أبواب منازلهم، حيث يعتقد البعض أنها تجلب الرزق والبركة لأهل البيت، وبعض هذه السنابل تبقي من العام للعام.
وعن سعر السعف والقمح، قال "عم بشري" كل منطقة لها أسعارها ولكن تتراوح من 20 إلى 50 جنيها للقطعة الواحدة، وسنابل القمح من 10 إلى 25 جنيها تقريبا للواحدة.
وعن التصريح من الكنيسة، قال عم بشرى إنه يأخذ الموافقات من لجنة الكنيسة قبل أن يحجز "الخوص" من المزارعين، مؤكدا أن الكنيسة لا تأخذ منه أي رسوم نظير بيعه للسعف أثناء تواجده في فناء الكنيسة، وأنه حريص على أن يقدم السعف لمن لا يستطيع أن يدفع الثمن خاصة للأطفال الصغيرة، وأنه يكون في غاية السعادة عندما يتسبب في إدخال البهجة على قلوب الأطفال البسطاء وأسرهم التى لا تستطيع أن تتحمل سعر السعف.
وأوضح "عم بشري" أنه تعلم جدل السعف منذ الصغر مع عمه، لأن من العادات والتقاليد في عائلته أنهم يجتمعون في أحد الشعانين ويجدلون السعف بأشكال الصليب والجحش والكثير من الأشكال، ولكن هذه العادات تغيرت مع الوقت وأصبح يجتمع مع أخوته في القاهرة، وبعد أن كان يتعلم من عائلته أصبح يُعلم الأطفال في الكنيسة أثناء بيعيه للسعف.
واختتم حديثه قائلا، إنه يكون في قمة السعادة عندما يعطي الأطفال السعف ويرى الفرحة في أعينهم .
وفي منطقة شبرا، التقت "البوابة" مع عم يوسف تادرس والذي وضع السعف المجدول وسنابل القمح على عربة يد صغيرة يقوم بدفعها أمامه، ويتوقف أمام الكنائس وفي التجمعات كثيرة العدد في شوارع شبرا والدوران وأنه يذهب بهذه العربية الصغيرة حتى يستقر في منطقة جزيرة بدران بالقرب من محكمة "زنانيري".
ويقول عم يوسف بصوته الطيب، "ده يوم رزق" بنفرح كلنا بأحد السعف، وأبيع الخوص والقمح منذ عشرات السنين، أحصل على السعف من أحد تجار الفاكهة الذي يقوم بجلبه من محافظة القليوبية، وأسهر طوال الليل على تزيين السعف وجدله بصورة جميلة تجذب انتباه الأطفال.
وحول أسعار السعف، يقول : "عمرى ما كسفت حد .. ربنا هو اللي بيراضي الكل"، وتابع قائلا، "أبيع السعف بـ 30 جنيه وبـ20"، و"كمان اللي مش معاه ياخد كلهم عيالنا".
وأشار عم يوسف إلى أنه يعمل بائع للفاكهة ولكن خلال الاحتفال بأحد السعف يتخلي عن الفاكهة ويبيع السعف في شوارع شبرا وأمام كنائسها، مؤكدا في ختام حواره أن "الرزق على الله".