رغم مرور سبعة عشر شهرًا على توقف القتال في منطقة تيجراي شمال إثيوبيا، لا يزال الناس يحاولون إعادة بناء ما تم تدميره عمدًا - وهى مهمة ضخمة بالنسبة للسكان والحكومة المحلية الذين تركوا معدمين بسبب الصراع المستمر منذ عامين.
فى هذا السياق؛ كشف تقرير صحفى عن تأثر كل جانب من جوانب الحياة في المنطقة- من الوظائف إلى الخدمات الاجتماعية إلى الأمن- بحرب الأرض المحروقة، التي ربما قُتل فيها ما يصل إلى 600 ألف شخص وانتهت باتفاق سلام توسط فيه الاتحاد الأفريقى في نوفمبر 2022، ولكن تم حساب فاتورة إعادة الإعمار بمبلغ 20 مليار دولار.
كما أثر المناخ سلبًا على تيجراي وأدى الجفاف - الأسوأ منذ 40 عامًا - والذى أعقبه غزو الجراد، إلى خفض الحصاد المتوقع لهذا العام بمقدار النصف.
وسيحتاج أكثر من ٤.٥ مليون شخص إلى مساعدات غذائية، وما زال أكثر من مليون شخص نازحين - مكتظين في مخيمات مؤقتة في مدن في جميع أنحاء المنطقة.
وفى الأسبوع الماضي، جمع مؤتمر لتعهدات المانحين تدعمه الأمم المتحدة 630 مليون دولار لإثيوبيا، وهو أقل بكثير من مليار دولار اللازمة لتوفير الدعم المنقذ للحياة لحوالى ١١ مليون شخص في المرتفعات الشمالية للأشهر الخمسة المقبلة فقط.
وتحتاج خطة الاستجابة الإنسانية الشاملة للبلاد 3.24 مليار دولار، والتي تستهدف 15 مليون إثيوبى محتاج، تم تمويلها حاليًا بنسبة 5٪ فقط - وهى علامة على أن عملية المساعدات التي تعانى من نقص التمويل بالفعل ستستمر في النضال هذا العام.
كما خصصت الحكومة الفيدرالية أيضًا 250 مليون دولار للدعم الغذائي، لكن الحقيقة المحبطة هى أنه للعام الثالث على التوالي، سيتجاوز الجوع وسوء التغذية الحاد حجم مساعدات الإغاثة للمناطق المهددة بالمجاعة مثل تيجراي.
وفى جميع أنحاء تيجراي، دمرت أو نهبت البنية التحتية للرى على يد القوات الفيدرالية وحلفائها الإريتريين فالأشجار التي استغرقت سنوات لتنمو - والتي تعتبر أساسية للحفاظ على رطوبة التربة وصحتها - تم قطعها واستخدامها كوقود من قبل النازحين والجنود على حد سواء.
ومع اضطرار المزارعين إلى البدء من الصفر، وخسارة استثماراتهم في الأراضى والماشية، فإن الجفاف الذى شهده العام الماضى لم يكن من الممكن أن يأتى في وقت أسوأ من هذا. وتسببت قلة الأمطار، بالإضافة إلى تجميد المساعدات لمدة ثمانية أشهر، في وفاة مئات الأشخاص بسبب الجوع.
وفى حين أن الزراعة جزء كبير من معادلة تعافى المنطقة، فإن التقييم الأخير لمنظمة الصحة العالمية دق ناقوس الخطر بشأن البنية التحتية الصحية المعطلة في تيجراي.
وأشار التقرير إلى أن ٣٪ فقط من المرافق الصحية تعمل بكامل طاقتها، ولا توجد أى خدمات تحصين قيد التشغيل. وهذا لا يؤدى إلى تعقيد عملية التعافى بعد الحرب فحسب، بل يزيد أيضا من خطر تفشى الأمراض مثل الكوليرا.
وتعد مدينة فريوينى الصغيرة، التي تقع على بعد ساعة بالسيارة شمال العاصمة الإقليمية ميكيلي، مثالًا على ذلك. تقع المدينة على ممر استراتيجي، وقد خاضت معارك من أجل السيطرة عليها من قبل قوات المتمردين في جبهة تحرير تيغراى والقوات الإريترية، التي استخدمت المستشفى الرئيسى فيها كمأوى.