الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

منير أديب يكتب: تساؤلات على هامش الحرب العالمية للإرهاب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

نجح المجتمع الدولي في مواجهة ظاهرة الإرهاب بموجته الأولى والثانية غير أنه أخفق كثيرًا في التصدي له في المواجهة الثالثة التي يشهدها العالم حاليًا، بعد عدد من الحروب والصراعات التي ضربت دولًا كثيرًا، وربما قسمت هذا العالم وبالتالي تركت أثرًا على مواجهة هذه الظاهرة.

ظهرت المواجهة الأولى للإرهاب بعد العام 2001 على خلفية ضرب برجي التجارة العالمي في نيويورك، وهو ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية لاحتلال أفغانستان ثم العراق؛ وكان الهدف من احتلال كابل هو القضاء على حركة طالبان التي وفرت الحماية لتنظيم قاعدة الجهاد، الذي أعلن مسؤوليته عن الاستهداف في ذلك الوقت.

وتسأل واشنطن عن تنظيم داعش، الذي بدأ يتلمس موقعة الجغرافي في العراق على خلفية الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003، صحيح كانت البداية إنشاء ما سُمي بالدولة الإسلامية في العراق، ولكن تطور عامل الإرهاب بعد أحداث الفوضى في سوريا في العام 2011، وهنا نجح داعش في إقامة دولته في 29 يونيو من العام 2014.

صحيح الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولة عن تنامي ظاهرة الإرهاب في هاتين الفترتين رغم أنها واجهت الظاهرة، صحيح قد نتفق أو نختلف في تقييم هذه المواجهة، ولكنها استطاعت أنّ تبني على هذه المواجهة حتى بعد انسحابها من العراق ومن أفغانستان أيضًا، وهذا ما نُطلق عليه المواجهة الثانية للإرهاب.

ولعل هذه المواجهة هي الأخطر لأنها شهدت ولادة داعش والتي استمرت خمس سنوات كاملة من المواجهة، حتى انتهت بتفكيك دولة التنظيم كما أعلن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب في 22 مارس من العام 2019، حتى سقوط دولة التنظيم واختفاء أثره.

هناك ملاحظة على مواجهة واشنطن لتنظيم داعش والتي أخذت وقتًا طويلًا (خمس سنوات) رغم أنها نجحت في إنشاء تحالف دولي كان هدفه تفكيك هذا التنظيم، التحالف كان مُشكل من أكثر من ثمانين دولة على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية ولكنه فشل في القضاء على داعش إلا بعد هذه السنوات الطويلة نسبيًا، حتى وبعد القضاء عليه مازالت هناك بقايا للتنظيم تمثل خطرًا على أمن العالم!

الموجة الثالثة للإرهاب هي الأخطر في المواجهة على الإطلاق، لأسباب أغلبها يرتبط بأنّ العالم لم ينتبه إليها حتى هذه اللحظة، أم النقطة الثانية، أنّ داعش والتنظيمات المتطرفة باتت أشرس مما كانت عليه سواء في مراحل النشأة الأولى ولا حتى بعد سقوط دولة التنظيم قبل خمس سنوات، وبالتالي نحن نتحدث عن نتحدث مختلف وقد يكون الأخطر على الساحة.

فضلًا عن سبب آخر جوهري مرتبط بانشغال العالم بالحروب والصراعات شرقًا وغربًا، سواء الحرب الروسية في أوكرانيا قبل أكثر من عامين، وهو ما قسم القوى الدولية الكبرى روسيا والصين وأمريكا وأوروبا في هذه الحرب، وبالتالي هذه الحرب أخذت هذه القوى في مساحة الصراع بدلًا عن مواجهة التحدي الأهم المرتبط بمواجهة داعش والتنظيمات المتطرفة.

وهنا تبدو خطورة انشغال العالم بالصراع أكثر منه بمواجهة ظاهرة الإرهاب، خاصة وأنّ حربًا أخرى نشبت في منطقة الشرق الأوسط  منذ سبعة أشهر وهي الحرب الإسرائيلية على غزة، فوقع العالم في فخ الانقسام والتشظي وبخاصة واشنطن وأوروبا اللذان يدعما إسرائيل بصورة متناهية، تحمل جينات تطرف سوف يُساعد هو الأخر في ولادة هذه الظاهرة أو تناميها، وهنا نحن لا نقارن بين مواجهة محتل غاصب وتأييد قوى احتلال، فليس هذا بذاك، ولكننا نتحدث عن ظاهرة الإرهاب ونخص الحديث عنها بشكل منفرد.

نحن أمام صعود جديد للتنظيمات المتطرفة في منطقة الشرق الأوسط وبداية حراك للتنظيم في قارة أوروبا فضلًا عن وجود قوى في أفريقيا؛ ومحركات لهذا النشاط مرتبط بتعارض مصالح الدول الكبرى والحروب والصراعات؛ هذه العوامل المكتملة تشي بعودة هذه التنظيمات من جديد، هذه العودة سوف تؤثر على الأمن والسلم الدوليين.

هذه العودة سوف تكون شرسة، وسوف يفشل العالم للمرة الثالثة في مواجهتها، خاصة وأنه مشغول في عدد من الحروب والصراعات، عن مواجهة الظاهرة وبالتالي سوف تطل هذه التنظيمات برأسها من جديد، وسوف تُهدد أمن العالم بأكمله، بل سوف يكون هذا العالم أضعف من مواجهتها.

صحيح نحن نعيش مرحلة التكتلات الدولية في الحروب والصراعات الدائرة حاليًا، ولكننا نحتاج إلى أنّ نعيش هذه التكتلات على مستوى مواجهة ظاهرة الإرهاب، كما أننا نحتاج إلى أنّ تهدأ صوت المدافع قليلًا لمواجهة الظاهرة الأخطر على مستوى أمن العالم، بدون ذلك سوف تعود داعش بخطره مهددًا أمن العالم بأكمله.