مرّ عقد من الزمن على تهديد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للرئيس السوري بشار الأسد، بقوله "قسماً بربي ستدفع الثمن غالياً"، خلال هذه الفترة، شهدت العلاقات بين البلدين توترات وصراعات حادة، وصلت إلى حد التدخل العسكري التركي في شمال سوريا.
لكن مؤخرًا، ظهرت مؤشرات على محاولة تقارب بين البلدين، حيث صرح أردوغان بأنه "مستعد للقاء الأسد".
كما التقى وزير الخارجية التركي آنذاك مولود جاويش أوغلو مع نظيره السوري فيصل المقداد، في أعلى لقاء دبلوماسي بين الجانبين منذ 12 عامًا.
كما ظهرت مؤشرات على محاولة استدارة سياسية قام بها الزعيم التركي تجاه عدد من الدول، ومن ضمنها سوريا، فقبيل الانتخابات الرئاسية الماضية في تركيا، وتحديدًا خلال شهر مايو، أي بعد 10 سنوات بالضبط من تهديده للأسد، خرج أردوغان في تصريحات أثارت انزعاجاً كبيراً في أوساط المعارضة السورية، إذ قال "مستعدون للقاء الأسد، فليس هناك عدو دائم ولا صديق دائم في السياسة".
وتسعى تركيا من خلال هذا التقارب إلى تحقيق عدة أهداف، منها:
"صفر مشكلات"، إذ تهدف السياسة الخارجية التركية إلى الوصول إلى حالة "صفر مشكلات" مع الدول المجاورة، وسوريا ليست استثناءً.
كما تريد تركيا التخلص من عبء اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيها، من خلال إعادة بعضهم إلى سوريا.
بينما تسعى تركيا لمنع نشاط وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا، التي تعتبرها امتدادًا لـ"حزب العمال الكردستاني".
كما تمتلك تركيا استثمارات كبيرة في سوريا، وتريد الحفاظ عليها من خلال تحسين العلاقات مع دمشق.
كما يواجه التقارب التركي السوري العديد من العقبات والتحديات، منها:
تعارض الولايات المتحدة الأمريكية أي تطبيع للعلاقات بين تركيا والنظام السوري، خشية عودة الأسد إلى السلطة.
كما ترى إيران في تركيا عدوًا لدودًا في سوريا، وتسعى لمنع أي تقارب بين أنقرة ودمشق.
بينما تشترط سوريا انسحاب القوات التركية من شمال سوريا قبل أي تطبيع للعلاقات.
في حين تتهم جهات حقوقية النظام السوري بارتكاب جرائم حرب ضد شعبه، مما يعيق أي تقارب مع تركيا.
كما تلعب روسيا دورًا هامًا في الوساطة بين تركيا وسوريا، حيث تسعى إلى تعزيز التعاون بين البلدين وتشجيع التفاهم بينهما. وتعتقد روسيا أن التطبيع بين أنقرة ودمشق سيعزز من مكانتها الإقليمية، ويساهم في إيجاد حل للأزمة السورية.
ومن المؤكد أنه لا يزال من المبكر تحديد ما إذا كان التقارب التركي السوري سيحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع، فالعقبات والتحديات التي تواجه هذا التقارب كبيرة ومعقدة.
وتشير بعض التحليلات إلى أن التعاون الأمني والاستخباراتي بين البلدين قد يستمر، حتى لو لم يتحقق التطبيع الكامل للعلاقات.
في الختام، يُعد التقارب التركي السوري ملفًا معقدًا مليئًا بالتناقضات والتحديات. فبينما تسعى تركيا لتحقيق مصالحها الخاصة من خلال هذا التقارب، تواجه عقبات كبيرة من قبل جهات إقليمية ودولية.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل تتمكن تركيا وسوريا من تجاوز هذه العقبات وتحقيق مصالحة حقيقية؟.